شعار قسم مدونات

البدري ومطاردة الأشباح

Al-Zamalek coach Mohamed Helmy (L) and Al-Ahly coach manager Hossam AlBadri (R) before the Egyptian Super Cup soccer match between Al-Ahly and Al-Zamelek at Mohammed Bin Zayed Stadium in Abu Dhabi, United Arab Emirates, 10 February 2017.
"مبروك للزمالك الذي لم يلعب كرة قدم طوال الـ90 دقيقة"
– حسام البدري بعد مباراة السوبر المصري

"غاب عنّا التوفيق وإنبي لم يلعب كرة قدم طوال الـ90 دقيقة "
– حسام البدري بعد مباراة الأهلي أمام نادي إنبي

قد يبدو أنه لا يوجد ما يعيب حسام البدري مدرب النادي الأهلي في هذان التصريحان، اللذان لا يعكسا سوى ما حدث في الميدان. ففي حالة مباراة السوبر الأخيرة، سيطر النادي الأهلي وهيمن على المباراة بالطول والعرض ووضع الزمالك تحت الضغط وجعلهم يركضون خلف الكرة طيلة اللقاء ولولا سوء الحظ لترجمت كرة آجاي إلى هدف وتوّج الأهلي باللقب. والزمالك بالفعل رفض لعب الكرة ولم يخلق أي تهديد حقيقي على النادي الأهلي ولم يتفوق نفسيًا أو ميدانيًا ولو لدقائق معدودة طيلة أحداث اللقاء، لكنه في النهاية فاز باللقب بضربات الترجيح، التي تعتمد على الحظ بالمقام الأول، إذًا لا مكان لمعاتبة البدري أو لومه على النتيجة بأي شكل من الأشكال.
 

لكن نصف الصورة الآخر يتساءل، إن كان الزمالك بهذا السوء لدرجة أنه لم يلعب كرة القدم لمدة 90 دقيقة كاملة، فلماذا لم يفز الأهلي خلال الوقت الأصلي قبل التوجه لضربات الجزاء؟ لماذا لم ينهِ الأهلي المباراة والزمالك مستسلم تمامًا؟ الإجابة عند حسام البدري، مدرب رد الفعل دائمًا. استسلام الزمالك وقبوله للضغط الأهلاوي وعدم إبداء أي رد فعل وضع مدرب النادي الأهلي في حيرة، الزمالك يترك الكرة، لا يتقدم، لا يشن أية هجمات حتى ولو كانت عنترية. إذُا يجب تغيير الأسلوب الآن لكن ما العمل وقد جعل دكته خاوية على عروشها بنفسه من كل الصفقات الجديدة، القادرة على صنع الفارق، معتمدًا على أسطورة مصرية سخيفة تقول بأن المنضمين الجدد يحتاجون إلى قرابة العشر سنوات من أجل الانسجام!

ما فائدة لاعبين ارتكاز دفاعي أمام فريق لا يهاجم أصلًا! ما فائدة الملايين التي تم صرفها على الصفقات الهجومية الجديدة إن لم تفد الفريق في المباريات الكبيرة ولماذا يتم التعاقد معهم إذا كانوا لن يلعبوا!

مشكلة حسام البدري في هذه المباراة ناتجة عن استراتيجيته المطبقة طوال الدور الأول من مسابقة الدوري المصري، في أن يكون رد فعل في كل مباراة تعتبر مباراة كبيرة، بمعنى أنه يترك الفريق الآخر يفرض أسلوب لعبه أيًا كان ثم يلعب هو على نقاط ضعف الخصم، حدث هذا أمام المصري البورسعيدي ومصر المقاصة وسموحة ونجح وفاز الأهلي لكن عندما واجه الأهلي أندية بتروجيت وإنبي في الدوري وكانوا يتركون الكرة للأهلي، ويلعبون مباراة دفاعية فقط دون أي شق هجومي.

لم يستطع الأهلي أن يجد شخصيته، شخصية البطل التي تحسم اللقاءات، كان اللاعبون في الملعب مندهشون وكأنهم لا يعرفون ماذا عليهم أن يفعلوا ليفوزا باللقاء. وهذا ما تكرر في مباراة الأهلي والزمالك والأخيرة، حينما قرر الزمالك أن يعطي كل شيء للأهلي لكن الأهلي لم يجد الطريق ليفوز أو بالأحرى لم يجد شخصيته، الشخصية التي رفض حسام البدري تكوينها منذ استلامه مهمة النادي الأهلي وقرر أن يلعب بالنادي الأهلي وكأنه ناد وسط جدول يحاول صنع مفاجأة وليس أكبر نادي عربي وإفريقي.
 

شيء آخر، حسام البدري مدرب جبان، على المستوى الكروي بالتأكيد، هذا الجبن يمنعه من المغامرة والمقامرة اللتان تفقد الكرة المتعة دونهما. وهنا سنرصد حادثتين واضحتين:
الأولى: هي أن الدوري المصري متوقف منذ قرابة الـ40 يومًا من أجل معسكر المنتخب المصري ومشاركته في أمم أفريقيا أي أن البدري كان لديه الوقت كل الوقت من أجل تجهيز بدلاء للاعبي الأهلي الدوليين الذين استهلكوا وأنهكوا خلال مباريات البطولة وتحديدًا الثنائي فتحي وحجازي أما عبدالله السعيد فلا أعرف لماذا يلعب الكرة حتى الآن.

والمشكلة أن هؤلاء البدلاء لا ينقصهم الخبرة ولا الحماس ولا الإمكانيات للمشاركة في مباراة الديربي المصري، محمد نجيب – بديل حجازي – لاعب بخبرات كبيرة و أكرم توفيق وغالي وحتى محمد هاني يستطيعون أداء دور فتحي في نصف الميدان، أما صالح جمعة فرغم كل الكلام عن أخلاقياته فهو لاعب من طراز رفيع ويسمن من جوع الإحتياج إلى عبدالله السعيد. لكن البدري قرر إنهاكهم أكثر وأكثر ودفع بهم في اللقاء منذ بدايته فكانت النتيجة، إصابة كلًا من حجازي وفتحي بإصابات عضلية واستبدال السعيد الذي كاد يسقط مغشيًا عليه.
 

الثانية: هي أثناء المباراة نفسها، الزمالك مستسلم تمامًا ولا يلعب ومع ذلك فكل تبديلات المدير الفني للنادي الأهلي تنحصر في استبدال مركز بمركز وفي أوقات متأخرة، فلا مغامرات على الإطلاق أمام فريق يقول لك اهزمني وخذ اللقب. لا تغيير لطريقة اللعب لتصبح أكثر شراسة أمام فريق منكمش في وسط ميدانه لا يرجو سوى الوصول لضربات الجزاء. ما فائدة لاعبين ارتكاز دفاعي أمام فريق لا يهاجم أصلًا! ما فائدة الملايين التي تم صرفها على الصفقات الهجومية الجديدة إن لم تفد الفريق في المباريات الكبيرة ولماذا يتم التعاقد معهم إذا كانوا لن يلعبوا!
 

ما يقوم به البدري ليس سوى السير عكس مجريات الأمور، ضد الواقع وضد الحقيقة من أجل إثبات شيء لا يطالبه أحدهم بإثباته وهو أنه لا يعيش في جلباب مانويل جوزيه.

"المشكلة الحقيقية"
قد تبدو هذه الأعراض وكأنها أصل مشاكل حسام البدري الحالية مع النادي الأهلي، لكن أصل المشكلة أبعد من ذلك. مشكلة البدري الحقيقية أنه يريد ولا يستطيع خلع عباءة مانويل جوزيه، يريد أن يتخلص من ظلّ جوزيه الثقيل، ليس سهلًا أن تكون مساعد مدرب أو مدرب عام لمدة تقترب من العشر سنوات مع مدرب كتب اسمه بحروف من نور في التاريخ المصري والافريقي ثم يطلب من أن تخرج فجأة إلى النور وتصبح الرجل الأول!
 

هذه الصدمة أو الانتقال السريع، جعل البدري في مطاردة شبح لا يطارده، رحل جوزيه عن مصر لكنه لم يرحل عن عقل البدري وخاطره. عندما غادر جوزيه، غير البدري طريقة اللعب من 3-4-3 أو 3-5-2 إلى 4-4-2 دون أي داع أو مبرر أو حتى تقبل واستعداد من لاعبي الفريق، إلا من أجل أن يقول إنه لا يسير على خطى الساحر البرتغالي. هذا العناد تحول مع البدري ليصبح حالة عامة، ليصبح الرجل يراهن على كل من ينتقدهم الجمهور والنقاد، فترى أنصاف لاعبين لا يليقون بالنادي الأهلي يلعبون تحت قيادته وما عبد الله فاروق وأحمد علي سوى أمثلة لذلك. حتى إصراره الآن على مشاركة حسين السيد، متوسط المستوى في أفضل الأحوال على حساب التونسي علي معلول ليس سوى امتداد لنفس الخط من العناد ومحاولة إثبات وجهة نظره حتى ولو على حساب الفريق وحسابه هو شخصيًا، فلا يمكن لنادي تسريح ثلاثين لاعبًا، لكن يمكنه بسهولة تغيير المدرب للتعاقد مع مدرب آخر يستغل الإمكانيات المتاحة.

ما يقوم به البدري ليس سوى السير عكس مجريات الأمور، ضد الواقع وضد الحقيقة من أجل إثبات شيء لا يطالبه أحدهم بإثباته وهو أنه لا يعيش في جلباب مانويل جوزيه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.