شعار قسم مدونات

هل حكموا؟.. عن فشل الإسلاميين

Egypt's President Mohamed Morsi speaks during the Laylat al-Qadr at Egypt Al-Azhar Conference Center in Nasr City in Cairo August 12, 2012. Mursi dismissed Cairo's two top generals and quashed a military order that had curbed the new leader's powers, in a move that further stamped his authority on the country and its army. REUTER/Handout (EGYPT - Tags: POLITICS) FOR EDITORIAL USE ONLY. NOT FOR SALE FOR MARKETING OR ADVERTISING CAMPAIGNS. THIS IMAGE HAS BEEN SUPPLIED BY A THIRD PARTY. IT IS DISTRIBUTED, EXACTLY AS RECEIVED BY REUTERS, AS A SERVICE TO CLIENTS

بلغة الناقد والرافض لحكم الإسلاميين، خاصة في ظل البيئة الدولية المعاصرة المتّسمة بالتعقد الشديد، ولو تعمقنا في هذا المجال لعرفنا حجم التناقضات من اقتصاد وثقافة وإعلام واجتماع ناهيك عن السياسة، فكل أدوات صنع القرار العالمي مخالفة ومتصادمة مع الطرح الأخلاقي الذي يتبناه الفكر والبديل الإسلامي، بالمقابل لهم كل الحق في طرح البديل الذي يرونه صالحا لدولهم أو للعالم أجمع فالعولمة ليست مقتصرة على دولة وحضارة دون غيرها، لأن العولمة صالحة لكل زمان ومكان، فمن تحكم وهيمن وسيطر على العالم ثقافيا وفكريا واقتصاديا حُقَّ له التوسع والتمدد وفق نظرية باقية وتتمدد.

  

شدّتني بعض التعليقات في مواقع التواصل الاجتماعي حول فشل الإسلاميين في الحكم وأنهم يجهلون التسيير والتدبير، فتساءلت بيني وبين نفسي أين حكم الإسلاميون حتى فشلوا أو أفشِلوا وهو المصطلح الأصح، وهل عندما تفوز في الانتخابات ويُنقلب عليك يُعدُّ هذا نجاحا مؤقتا وفشلا ذريعا!، ذات مرة في محاضرة للسيد عبد اللطيف بن أشنهو ويز المالية السابق في الجزائر في جامعة الجزائر 3 في كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية تطرق المحاضر في ورقته البحثية حول الربيع العربي والتحديات الاقتصادية ومن بين ما طرحه فشل التيار الإسلامي في الحكم وضرب مثالا بحكم الرئيس مرسي، وبعد انتهائه طلبت الميكروفون وسألته كيف تحكم على فشل الرئيس مرسي الإسلامي المُنقلب عليه  بالمقابل  تقول أن الدولة الوطنية القُطرية فشلت في خلق البدائل الاقتصادية وهي التي حكمت قرابة 30 سنة! ومرسي حكم سنة واحدة! يعني بلغة الأرقام جعلت من الذي حكم سنة واحدة ومن حكم ثلاثين سنة في كفة واحدة، فهل يصح هذا!. وبدون مقدمات تفاعل وأجابني بلغة الساخط والرافض لحكم الإسلاميين وهذا خياره وهو حر فيه مادام يعارضهم بالفكر والقلم واحترام نتائج الصندوق الذي جاء بهم، وقال لي نعم فشل مرسي لأنه لم يتكلم ولم يعطنا معالم واضحة لخطته الاقتصادية.

  

 رغم أن مرسي لم يحكم إلا سنة واحدة والدولة العميقة كلها ضده من قضاء وإعلام وإدارة وعسكر إلاَّ أن البعض يعتبر فترة حكمه فاشلة، مثل مصر حالة الجزائر هناك من ينتقد حكم جبهة الإنقاذ الإسلامية والتي لم تحكم والتي انقلب عليها في الانتخابات التشريعية من الدور الثاني، لكن تجد من يقول إنها فشلت في الحكم وأن قياداتها تجهل السياسة، فأي عقل هذا الذي يفكر به أصحاب هذا الطرح. وهل الذي يُنتخب ولم يحكُم يعتبر فاشلا؟!، أعتقد أن البعض عليه ضبط المصطلحات جيدا قبل بدء النقاش، لأن مشكلتنا اليوم مشكلة مصطلحات قبل كل شيء كما قال المفكر عبد الوهاب المسيري، فلا يمكننا بدء تشريح أحداث معينة ونقطة الانطلاق معوجة، فلا يستقيم الظل والعود أعوج.

 

محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر في سجنه بعد الانقلاب عليه (الأناضول)
محمد مرسي أول رئيس مدني منتخب في مصر في سجنه بعد الانقلاب عليه (الأناضول)

 

متى يمكنني اعتبارك حاكما؟

لفهم آليات الحكم والفشل علينا أن نتفق مبدئيا على أن عملية الحكم ليست كلمات رنانة أو بروتوكولات براقة، بل الحكم يعني أن تتحكم في جميع مجالات صناعة القرار وهذا الذي لم يتمكن منه التيار الإسلامي المنتخب في جميع التجارب السياسية في الدول العربية، ولو بتفاوت مع التجربة المغربية والتي جاءت بحكم الإخوان ولكن بصلاحيات محدودة، وأيّ نجاح يُنسب للملك لا لأصحابه، كما أن توظيفهم كان ضربة ضد حركة 20 فبراير المغربية التي جندت الشارع لمطالبها السياسية والاجتماعية، كما الحال  في المغرب تم وضع حركة النهضة التونسية في مواجهة واقعها المرير المفروض عليها من طرف صلابة الدولة العميقة والمال الخليجي وبالضبط الإماراتي والسعودي الرافض لتغيير منظومة الحكم خوفا من مستقبلهم لا مستقبل تونس الخضراء، أما في الجزائر فالسيناريو واضح وضوح الشمس اجتمعت عليه ثلة من الجنرالات وبتواطؤ فرنسي ومال سعودي الهدف منه كبح التجربة الديمقراطية الفتية مع تزيين المشهد الديمقراطي بإسلام سلطوي يبرر الانقلاب والاستبداد ناهيك عن التسرع الذي امتازت به قيادات الإنقاذ. وفي فلسطين واجه من اختارهم الشعب محتل غاصب وخصم وافد وجار حاقد، وفي اليمن فعل البترودولار ومحبوه ما لم تفلعه وتفكّر فيه إرادة الثوار.

 

 لهذا لا يمكننا اعتبار الحكم مصطلح يناقش بطريقة اعتباطية لا مدلول لها سوى الطرح الإعلامي والنقاش العقيم كالذي تستهويه بعض النخب العاجزة عن التغيير من مواقعها، وأخيرا يبقى المتفق عليه هو أن الدولة الوطنية فشلت فشلا كبيرا في تسيير منظومة الحكم التي تعمل على إرساء مبادئ العدالة والحريات وخلق بدائل اقتصادية قوية والسعي نحو التنمية المستدامة ومواجهة التحديات التي تعيشها الدول العربية قاطبة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.