شعار قسم مدونات

مسألة حياة أو موت تهدد المصريين

blogs - nile
"مش لسة بتتكلموا عن سد النهضة ولسة بتقولوا يا تري المياة آخبرها ايه لالا مياه مصر دة موضوع مفيش فيه كلام وانا بأطمنكم…ماحدش يقدر يمس مية مصر" كان هذا كلام السيسي للمرة الثامنة الذي يطمئن فيها شعب مصر علي أن مستقبل المياة المصرية فى طريق حياة أو موت.

سبة عشر اجتماعا للجنة المشتركة بلا نتيجة تذكر و 33 شهرا على وثيقة منحت أديس أبابا حق بناء السد، ومستقبل أثيوبيا الجديد دون أن تمنح القاهرة أي حق ولا أي اعتراف وهي متوجهة لمستقبل مظلم. 51% من الاراضي المصري مهدد بالتبوير في حالة امتلاء السد فى خلال ثلاث سنوات. أكثر من 60%من السد اكتمل بناه وبات على حلم أثيوبيا وحلم سكنها بعض الوقت لكي يتحقق مشروع إكس (سد النهضة العظيم) ومن جانب آخر هو كابوس لمصر وللشعب المصري الذي ينام ولم يعلم شئ عن هذا الكابوس الذي أصبح حقيقة .

تعتبر أثيوبيا جمهورية ديمقراطية فيديرالية وتحتل موقع استراتيجي مميز وعدد سكان يقارب الـمئة مليون نسمة كان  مستعمرًا من  إيطاليا من عام 1936 إلى عام 1941. ولم يغير شيء فيها الي أن حدث انقلاب عسكري قاده الأمبراطور هيلاسلاسي وأسس نظامًا اشتراكيًا وفي عام 1991 وبعد ذلك حدث إنقلاب قوات إئتلاف متمردة أدى ذلك إلى وضع دستوري وانتخابات متعددة عام 1995 حيث كان سكنها نحو 60% من المسيحيين و40% من المسلمين. اقتصادها كان متدهورًا جدًا ولكن ارتفع فى االعشر السنوات الاخيرة بمعدل نمو 11% وهناك نحو 70% من السكان يعملون فى الزراعة ولدى إثيوبيا أكبر مخزون مائي في أفريقيا كلها 1200 ملم من الأمطار سنويا إضافة إلي 14 نهرًا أساسيُا من بيهما النيل الازرق الذي يغذي نهر النيل بأكثر من 80% من قوامه ورغم كل هذا مرت بسلسلة طويلة من المجاعات أحدثها 1984م  ولا تتوفر الكهرباء لنحو 24% من السكان.

 
في بداية هذا المشروع نشأت الحاجة إلي مشروع إكس في عام 195م  انشغلت مصر ببناء السد العالي وحدد مكتب الاستصلاح الأمريكي هذه المنطقة في إثيوبيا لبناء سد كهرومائي محتمل وفي عام 2009قامت الحكومة الأثيوبية بمسح الموقع المحدد لبناء مشروع سد النهضة وتعهدت شركة saline الايطالية بتصميم مشروع إكس فى صمت قيمة عقد التصميم والتنفيد 4.8 مليار دولار وفي 2011م بينما أنشغلت مصر بالثورة والأوضاع الداخلية و أعلنت إثيوبيا عن وضع حجر الاساس لبناء سد النهضة العظيم الذي من المحتمل أن ينتج حوالي 6.4 ميغاوات من الكهرباء ما يعادل نحو 3 أضعاف ما ينتجه السد العالي هذا أضخم سد كهرومائي فى أفريقيا وسادس أكبرها فى العالم سيفيض عن حاجة أثيوبيا للكهرباء بحوالي 250% ويفيض عن حاجتها للتصدير كي يحدث هذا يحتاج السد الي تخزين 74 مليار متر مكعب من المياه ما يقرب من الحصة السنوية لمصر والسودان معًا فى إبريل 2013م أعلنت أثيوبيا عن أنتهاء 32% من أعمال البناء وفي مايو 2013م الاحتفال بتحويل مجري النيل الأزرق وفي يناير 2017م أعلنت أثيوبيا الانتهاء من 60% من أعمال البناء وتتوقع الأنتهاء في خلال شهور قبل بدأ تخزين المياه وقام وزير الري المصري بزيارة موقع السد فى نهاية أكتوبر الماضي وقال أن الأمر سئ جدًا والتطورات التي حدثت فى بناء السد تستدعي التحرك العاجل .

ولكن كيف لبلد المجاعات أن تطيق تكاليف بناء سد النهضة الذي يقرب تكاليفة من 5 مليار دولار هناك اسثمارات كثيرة من مختلف دول العالم أضخمها الصين بمقدار 12 مليار في مجال النقل والخدمات والمصنوعات الصغيرة وتعمل في أثيوبيا 187 شركة إسرائيلية خاصة فى مجال تكنولوجيا المياه والزراعة تستورد إسرائيل من أثيوبيا سنويا حوالي 46 مليون دولار وتصدر حوالي 18 مليون دولار وتستثمر تركيا حوالي 3 مليار أما المفاجأة وهي السعودية حيث تستثمر بحوالي 5.2 مليار دولار فى حوالي 249 مشروعا والغريب فى الأمر تعامل المملكة مع إثيوبيا حيث استقبل العاهل السعودي رئيس وزراء إثيوبيا مرتين أخرهما فى نوفمبر 2016 وحدث اتفاق على الاستثمار السعودي فى إثيوبيا وكان مقداره 160 مليار فقط من هذه الزيارة من السعودية بشكل مبدئي وأما الان فينفجر الرقم الى حوالي 13.3 مليار دولار استثمارات بين السعودية وإثيوبيا في مجال الأمن الغذائي ولم ينتهي الأمر الي ذلك الحد حيث قام أحمد بن عقيل الخطيب -مستشار الديوان المدني- بتفقد موقع السد وقد أعلن المستثمر السعودي الشهير محمد العمودي بتبرعه ب 88 مليون دولار لمصلحة السد بشكل مباشر وقامت السعودية بعزل نائب وزير الدفاع السعودي الامير خالج بن سلطان آل سعود بعد تصريحه الذي قال فيه المعلومات مفزعة ومن الضروري أن ننقلل من خطورتها فى الوقت الحالي ولا من تداعيتها فى المستقبل وكان هذ التصريح عام 2013م وبعدها انكرت السعودية كلامه وإبرازه  العلاقة القوية والحميدة بين السعودية وأثيوبيا بلد الهجرة الاولي.

كل هذا يحدث أين مصر والحكومة المصرية وشعب مصر فى مسألة حياة أو موت الموضوع أخطر مما تتصور عزيزي القارئ حيث ظهرت تقارير عن صحيفة تلجراف البريطانية قبل ايام قليلة وقالت إن أمتلأ السد في 3 سنوات ستفقد مصر 51% من أرضها الزراعية إذا أمتلأ في 6 سنوات ستفقد 17 % من الأرض وهذه أرقام مخيفة وكارثية للشعب المصري تنبئ بمستقبل مظلم لهذا البلد فلابد من التحرك وأتخاذ إجراءات رادعة قبل ان تبور الارض ويجوع الناس.

كانت  الحكومات المصرية  تتعامل مع مشروع السد على مدار التاريخ الي أن اصبح فى هذا الوقت واقعًا وليس كلامًا أولها عبد الناصر. وفي هذا الوقت كانت مصر تتمتع بحضور قوي فى أفريقيا وكان عبد الناصر يدعم أثيوبيا سياسيًا واقتصاديًا ودينيًا, بعد رسالة قصيرة من عبد الناصر الي هيلاسلاسي تخلت إثيوبيا عن فكرة السد واستبدلته بسد صغير ومرورًا الي السادات وكان من ضمن خطته مد مياه النهر الي سيناء ولكن تبخرت هذه الفكرة ولم تري النور، ثم قامت أثيوبيا بتقديم شكوي لمنظمة الوحدة الافريقية. فهدد السادات بأستخدام القوة لأول مرة إذا لم يصل حقنا بالكامل من المياه وعلي نفس النهج تعامل مبارك مع المشكلة وقام بالتهديد بالضرب العسكري للسد وتدهورت العلاقات مع أثيوبيا عند محاولة اغتيال مبارك فى أديس أبابا عام 1995م واما المجلس العسكري وحكومة الاخوان كانوا منشغلين بالاوضاع الداخلية وتركوا السد يبني واخيرًا السيسي حيث استنئناف المفوضات حتي إعلان فشلها في 2014م وفي فبراير 2014م أعلنت أديس أبابا عن رفض طلب القاهرة بوقف بناء السد وفي مارس 2015م كانت هناك وثيقة مشتركة بين قادة أثيوبيا والسودان ومصرعلى إعلان مبادئ لسد النهضة وتحليل فني للسد في خلال 11 شهرًا وإلي الآن 33 شهرًا ولم يعلن شيء.

تحدث عن النيل الكثير من الأدباء والشعراء . النيل نقاشي للشاعر المصري أحمد شوقي وغناء الموسيقار محمد عبد الوهاب. "مصر هي النيل، النيل هو مصر!" قالها العالم البريطني ويلكنسون. "مصرهبة النيل" قالها المورخ الأغريقي هيرودوت. الكثير والكثير الذي يحكي عن النيل ومصر وكل مصري له حكاية تخصه مع النيل. أما بالنسبة لي فالنيل فى الوجدان المصري والعرق المصري والشخصية المصرية وتجد كل قطرة من النيل، مرسومة علي وجه كل المصري، نهر النيل يشكل الشخصية المصرية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.