شعار قسم مدونات

هل يتعمد التحالف السعودي تدمير اليمن؟

blogs دمار اليمن

مر أكثر من 1000 يوم الآن على بدء الحملة السعودية على اليمن، بعد انقلاب جماعة "أنصار الله" الحوثية على حكم الرئيس اليمني علي عبد الله صالح. ولم تفلح تلك الحملة، التي رفعت شعار "استعادة الشرعية في اليمن"، حتى اللحظة، في ما ادّعت، وتحمل تكلفةَ هذه المغامرة السعودية الشعب اليمني ودولته، ببنيتها التحتية الضعيفة، التي كانت تعاني أصلا وازدادت معاناة اليمنيين مع حرب لا نهاية لها.

 

ومع استعار الحرب بين "التحالف العربي"، بقيادة السعودية، والحوثيين، المسيطرين على زمام الأمور في العاصمة اليمنية صنعاء، زادت تكلفة الحرب على من تبقى من الشعب اليمني، ولم يأبه طرفا الحرب بالكارثة الإنسانية التي حلت باليمن وحذرت منها المؤسسات الإغاثية الدولية. فالتكلفة البشرية للصراع كلفت اليمنيين أكثر من 58 ألف جريح وقرابة 9000 آلاف قتيل، وهناك اشتباه في إصابة قرابة مليون يمني بمرض الكوليرا، الذي أودى وحده بحياة 2.200 بحسب أرقام وكالة فرنس برس، فيما يتعرض 6.8 ملايين يمني لخطر المجاعة بسبب الحصار، ويعاني 17 مليونا آخرين من نقص حاد في الغذاء.

 

لكن الغريب في الأمر أن التحالف العربي استمر في قصف أهداف تؤثر على ملايين اليمنيين ولا تؤثر على طرف الصراع الآخر، فاستمرت طائرات التحالف في قصف مستشفيات ومدارس وتدمير جسور ومحطات لتوليد الكهرباء وموانئ بحرية، كما استهدفت -بحسب تقارير- المصانع المنتجة للحليب والشاي والأنسجة والسيراميك والكوكاكولا ورقائق البطاطس، وقصفت حفلات الزفاف والجنائز.

 

هذا الإصرار على استهداف المدنيين بصورة عشوائية ربما جعل البغض يفرضون نظرية تعمد التحالف العربي تدمير البنية التحتية اليمنية بصورة ممنهجة لأغراض مستقبلية إستراتيجية، إذ كشف تقرير سرّي اطلعت عليه وكالة "رويترز″ أن الخسائر الناجمة عن الأضرار التي لحقت بالبنية التحتية والخسائر الاقتصادية جراء حملة التحالف العربي في اليمن تتجاوز 14 مليار دولار حتى الآن.

 

يتعمد التحالف تدمير اليمن بغرض تركيع اليمن وتركه في الشباك الخليجية الاقتصادية، فحتى في حال وجود تسوية ما مع جماعة الحوثي، فإن
يتعمد التحالف تدمير اليمن بغرض تركيع اليمن وتركه في الشباك الخليجية الاقتصادية، فحتى في حال وجود تسوية ما مع جماعة الحوثي، فإن "بيزنس" إعادة الإعمار سيؤول إلى الرياض وحلفائها
 

في حين تذكر تقارير أن 1671 مدرسة في 20 محافظة تعرّضت لأضرار نتيجة القصف، منها 287 مدرسة تحتاج إلى عمليات بناء رئيسية، وتستغل 544 مدرسة أخرى كمراكز إيواء للنازحين. وبناء على عينة مؤلفة من 143 مدرسة، فإن التكلفة التقديرية للأضرار تبلغ 269 مليون دولار، بحسب أرقام لوزارة التعليم اليمنية في بداية العام 2016. وقالت تقارير أيضًا، نقلًا عن وزارة الصحة العامة، إن 900 من بين 3652 منشأة تقدم خدمات التطعيم ضد الأمراض لم تكن تعمل في مطلع 2016، ما تسبب في ترك 2.6 مليون طفل تحت سن 15 عرضة للإصابة بالحصبة، فيما يقول التقرير إن كلفة الأضرار بلغت وحدها 3.6 مليارات دولار بعد نحو سبعة أشهر من بداية القصف.

يتحدث البعض عن تعمّد تركيع اليمن وتركه في الشباك الخليجية الاقتصادية، فحتى في حال وجود تسوية ما مع جماعة الحوثي، فإن "بيزنس" إعادة الإعمار سيؤول إلى الرياض وحلفائها. في حين يلتمس آخرون الأعذار للتحالف العربي بادعاء أن الطائرات لا تعتمد على إحداثيات دقيقة من المرشدين على أراضي المعارك، بينما الواقع يقول إن ثمة استهدافا ممنهجا حتى لآثار اليمن في صورة غريبة توحي بالتواطؤ لتدمير ما تبقى من الحضارة اليمنية.

 

تؤكد هذا مشاهدُ تصاعد الدخان من قلعة القاهرة في مدينة تعز بعد قصف التحالف العربي، هذه القلعة التي تقع على السفح الشمالي لجبل صبر، ويعود بناؤها إلى شمس الدولة توران شاه، أخ القائد الإسلامي صلاح الدين الأيوبي، الذي اتخذها عاصمة لملكه عام 1173. وقد تكررت مشاهد قلعة القاهرة في تعز في عشرات المواقع الأثرية داخل اليمن، ما دعا منظمة يونيسكو إلى التحذير من تدمير التراث اليمني بهذه الصورة على يد آلة الحرب، لتقع اليمن فريسة لتدمير حاضرها وتاريخها، وربما مستقبلها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.