شعار قسم مدونات

الرئيس ديبي تحت نيران البيت الأبيض

Blogs- ديبي

تفاجأنا هذه الأيام بخبر خروج بعض المواطنين التشاديين المغلوب على أمرهم في مظاهرة سلمية في مختلف شوارع العاصمة التشادية أنجمينا، بمرافقة الشرطة والدرك الوطني وسيارات الإسعاف وبعض المسؤولين الكبار وخاصة المنخرطين منهم في حزب الحركة الوطنية للإنقاذ، ليس لمطالبة الرئيس ديبي بالمغادرة الذي ظل يتشبث بالسلطة منذ 27 سنة، وليس من أجل محاربة الفساد الإداري الذي انتشر بشكل رهيب في كافة الأراضي الوطنية، وإنما من أجل مناصرة ديبي والدفاع عنه نتيجة الاتهامات التي وجهت إليه من قبل المحكمة الأمريكية، وطلبوا برحيل الدبلوماسيين الأمريكيين وإغلاق السفارة الأمريكية لدى البلاد.

 
والغريب في الأمر أن الافا من المطبلين لدى النظام نادوا لمناصرة ديبي لمواجهة ما أسموه بـ الحملات الصليبية التي تروجها أمريكا لتشويه سمعة فخامته والتي تتمثل في الفساد وغسيل الأموال بالتورط مع إحدى الشركات الصينية، على غرار ذلك أرادوا إعطاء الرئيس ديبي صورة العادل والبعيد كل البعد عن تلك الاتهامات الموجهة إليه، كما سخر منه البعض بوصفه بصلاح الدين الأيوبي الجديد في المنطقة.
 
حسب ما ورد في الإعلام فإن الشرطة الفدرالية الأمريكية كشفت وثائق تثبت بأن الرئيس ديبي متورط بتلقي رشوة من شركة صينية لا تقل قيمتها عن مليوني دولار عبر الشيخ جاديو وزير الخارجية السنغالي الأسبق والمعتقل حالياً في الولايات المتحدة مقابل منح طاقة نفطية لهذه الشركة المتمركزة في شنغهاي دون أي تنافس دولي ، مما سبب غضبا شديدا للحكومة التشادية حيث نفت الخبر عبر الناطقة باسم الحكومة التي وصفت الاتهام بأنه هجوم على شخص الرئيس ديبي.
 
هل تعمى أعين كل من شارك أو عمل بجانب هذا النظام عن رؤية الحقيقة أم أنه فعلا غير متورط وأساساً عادل كما ادعى البعض، ومما زاد الطين بلة هو إعلان مفتي البلاد الشيخ أحمد النور من المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية على الفضائية التشادية بكلمات مخجلة وفيها رائحة التطبيل وغير قابلة للنشر أصلا لإنكار التهمة، اذا كان فعلا نزيها كما يزعمون فلماذا ورط نفسه في قضية ملفات بنما وغيرها من القضايا السرية، هكذا يكون مصير كل حاكم ظالم قهر شعوبه، فيسلط الله عليه عدوا من الخارج.
 

الشيء المؤكد لدى الجميع فإن آثار اللعبة الأمريكية سلبية، وأنها لن تتساهل مع أي قضية تمس مصالح أمريكا في المنطقة

وهنا جدير بالذكر أن العلاقات التشادية الأمريكية متوترة في الآونة الأخيرة منذ أن كشفت المخابرات الأمريكية بأن تشاد تمنح جوازها للمجهولين مقابل مبلغ مالي زهيد وبسبب الأحداث التي وقعت في المنطقة، من بوكو حرام إلى الجماعات المسلحة في مالي، وغالباً نسبة الأخطاء في عملية صنع القرار لدى الأمريكان ضئيلة جدا، بناء على ذلك نحن أمام سؤالين، هل أمريكا تغضط على المنظمات الدولية لتفرض عقوبات اقتصادية على تشاد كما فرضت على الدول الأخرى في الشرق؟ أم أنها تراعي مصالحها في المنطقة؟ وخاصة يقال إن السفارة الأمريكية في تشاد هي المركز الأساسي للمخابرات الأمريكية تجاه دول افريقيا المركزية وذلك بِسَبَب أن تشاد دولة استراتيجية من ناحية جيوسياسية في أفريقيا وسي يي اي تعتبر من إحدى أهم أجهزة صنع السياسة الخارجية الأمريكية. 
 
السؤال المطروح هو متى يدرك المواطنون التشاديون أن رئيسهم غير قادر على الإنتاج السياسي والقرار الإيجابي للبلاد ناهيك عن التنمية المستدامة بل أنه فشل فشلا ذريعاً في قيادة البلاد سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، ولم يقدم أي مشروع سياسي يدفع بالشعب إلى الأمام مع ذلك لم يقتنع بذلك، إلا يقارن بين واقعه السياسي الْيوم، عندما تولى الحكم كانت الأوضاع شبه منهارة لكن بوجوده ازدادت الأوضاع انهيارا، لو كان وطنياً كما يدعي المطبلون لانسحب من الواقع السياسي تاركا المجال لقيادات شابة.
 
أما الشيء المؤكد لدى الجميع فإن آثار اللعبة الأمريكية سلبية، وأنها لن تتساهل مع أي قضية تمس مصالح أمريكا في المنطقة بما أن اف بياي يدٌ في القضية فإن نتائجها لا تأتي بالخير على البلاد، ومن يدري إذا كان الأمر يؤدي إلى نزول مارين في القصر الوردي لتنفيذ عملية مشابهة لتلك التي نفذتها أمريكا في بنما في عهد الرئيس بوش لتسبب في البلاد أزمات أخرى.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.