شعار قسم مدونات

بناء اللاشعور في الجيل القادم

Blogs- phone
إن صاحب نظرية اللاشعور هو فرويد حيث يقول "بأن للإنسان عقلين: ظاهر وباطن وأن أغلب أعمال الإنسان مسيرة بعوامل منبعثة من العقل الباطن الذي لا يشعر الإنسان به ولا يدري ماذا يحدث فيه". إن علم الاجتماع النفسي قد يتمثل لنا هنا بصورة واضحة حيث يبني شيء داخلي لا نشعر به ونبرر سلوكنا الناتج عنه بحجج عقلية قد لا يكون لها أي دليل.
   
وعلى سبيل المثال فإن كل ما نوجه في حياتنا من تجارب يحفظ في عقلنا اللاواعي فأذا رأينا شخص لا نعرفه نقول إننا لا نطيقه رغم أنه لا توجد بيننا علاقة وهذا قد يكون بسبب تجربة سيئة خضناها مع شخص يشبهه في الماضي. البيئة المجتمعية الجديدة بكل أجزائها المدنية والعسكرية المتمثلة بالحياة اليومية والعلاقة العسكرية والسياسية والحزبية وكل الأجزاء المتفاعلة في هذا المجتمع ستتشكل وتتغير في كل حقبة جديدة حسب أنوع الاختراعات والنظريات الجديدة وأهدافها ونسبة السيطرة على تأثيرها.
          
الجيل الجديد هو الجيل المتأثر والمصنوع بطريقة غير مباشرة عن طريق تشكيل اللاواعي عنده من خلال وسائل ومسببات عديدة أهمها التطور الاجتماعي الافتراضي بالإضافة إلى الإنتاج الإعلامي بمحتواه السينمائي والكارتوني. يقول علي الوردي في كتاب خوارق اللاشعور "أن الانسان يسير بوحي العقل الباطن أولا ثم يأتي العقل الظاهر أخيرا لكي يبرر ما فعل ويبهرجه ويطليه فيظهره أمام الناس بالمظهر المقبول". فمن الضروري الانتباه على عقول أطفالنا وكيف تبنى من خلال أفكار تسيطر على اللاواعي تؤدي إلى موت مجتمعي مستقبلي لا يمكن السيطرة عليه بسهولة في المستقبل القريب. من الضروري إدراك حجم فائدة بناء العقل الظاهر والباطن بشكل متوازي ومتناسق لكي يتولد فرد ناجح على سجيته وغير متكلف في تعاملاته الحياتية.
                
من المهم أن يتولد إدراك مجتمعي عما يحدث في هذا الصدد حيث أن البيئة المجتمعية المتكونة قد تصاحبها ظواهر مجتمعية هائلة يصعب علاجها مستقبلا من قبل الخبراء النفسيين والاجتماعيين
من المهم أن يتولد إدراك مجتمعي عما يحدث في هذا الصدد حيث أن البيئة المجتمعية المتكونة قد تصاحبها ظواهر مجتمعية هائلة يصعب علاجها مستقبلا من قبل الخبراء النفسيين والاجتماعيين
        

مع بدأ الثورة التكنولوجية والحياة الافتراضية الجديدة ولد جيل مختلف عما سبق حيث أصبح الإدمان وفقدان سيطرة الأبوين هو عنوان هذه الثورة الجديدة. حيث نجد في البلدان الآسيوية مثل كوريا وغيرها أماكن كثيرة مخصصة للألعاب المختلفة حيث يقضي الصبيان أوقات طويلة في اللعب وقضاء الوقت على هذه الألعاب. حتى أن بعضهم قد ينسى أكل الطعام ويمضي جل وقته في اللعب إلى أن يصبح مدمن منعزل مع ألعابه عن العالم الخارجي غارقا بالعالم الافتراضي. وفي العالم العربي نجد أن التلفزيون والانترنت يأخذ أوقات أطفالنا أو نحن من يجعلهم يشاهدونها لانشغالنا بأمور أخرى قد تكون أقل أهمية. في حين أن العقل اللاوعي للأطفال يتشكل بعيد عنا مع مظاهر العنف في الكارتون والألعاب.

  
تشكل العقل اللاواعي من خلال الألعاب والكارتون التي تكون صفة العنف غالبة عليها يؤثر على سلوك الأطفال وانفعالاتهم المستقبلية. وكل هذا يؤدي إلى نتائج مضرة بشكل كبير على تصرفات الجيل المتكون. وأن المستقبل قد يتشكل فيه مشاكل صعبة الحل لأن هؤلاء الأطفال هم من سيشكلون المجتمع القادم وأن كثير منهم قد يكون في مناصب مهمة في المؤسسات العسكرية أو المدنية وغيرها. على سبيل المثال لو أننا عملنا تجربة على مجموعتين من الأطفال كل مجموعة متكونة من عشرة أطفال. إحدى هذه المجموعتين تلعب إحدى ألعاب العنف والمجموعة الأخرى تلعب لعبة جماعية ليس فيها عنف. بعد مدة زمنية معينة نقوم بجمع هذه المجموعتين في مكان واحد للعب. سنشاهد سلوك وانفعالات مختلفة من كلتا المجموعتين وفي هذه الحالة يصبح لدينا رؤية مستقبلية عما سيحدث في داخل مجتمعاتنا وكل مفاصلها.
    
من المهم أن يتولد إدراك مجتمعي عما يحدث في هذا الصدد حيث أن البيئة المجتمعية المتكونة قد تصاحبها ظواهر مجتمعية هائلة يصعب علاجها مستقبلا من قبل الخبراء النفسيين والاجتماعيين. إن إدراك التطور التكنولوجي وما يصاحبه من مضار وفوائد في كل المجالات المختلفة سيساعدنا بشكل كبير في تشكيل البيئة الجديدة وصنع التوازن في كل جوانبها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.