للأسف الشديد لا أريد القول هنا إننا كأمريكيين متميزين أو مستحقين اهتمام أي مخلوق آخر، لكن أشهد بأن الحقيقة تبين لي بأن العالم يلتفت إلى وجودنا أينما نكون، والحزين في الموضوع هو التغيير الجذري بين الاستضافة وتعامل الناس معنا بعد وصول ترمب إلى السلطة. فعلاً أكثر ما أسمعه الآن عندما يدرك الناس بأنني أمريكي هو طلب جدّي لتفسير أو تبرير لموقفه أو تعليقه، كأنني متحدث باسم البيت الأبيض!
عللى الرغم من استيائي لكوني مضطراً للدفاع عن مجال ليس لدي علاقة به، أحاول الشرح لهم بأن سياسات أمريكا ومواقفها الخطابية لن تؤدي إلى تقلبات عالمية في ليلة واحدة، من الممكن ألا ترضي إجابتى شخصاً لأن الأسئلة تصبح أكثر مواجهة لي أحيانا.
لا أستطيع القول لشخص مقتنع بأننا فزنا بيناصيب الجنسية لأننا مولودون في دولة العالم الأول، إننا لا نُقدر النعم بملذاتها وكمالياتها لأننا نعيش على باب الفقر إلا أقلية معينة من شعبنا |
خلال رحلاتي خارج البلد في غضون السنة الماضية حصلت على كثير من التهم بأن أمريكا ممتلئة بأشخاص عنصريين أو بمن يحبون فكرة بزوغ حالة تمييز عنصري حديثة أو عمليات قتل جماعي، بالإضافة إلى ترويج عدم الاستقرار العالمي خصوصاً في الشرق الأوسط بسبب دينهم الإسلامى. وكلما أسمع هذه التهم الاستفزازية أكثر كلما أدرك أن الاستضافة اللطيفة التي تمتعنا بها كأمريكيين سابقاً قد انتهت نهاية غير جيدة.
يمكن أن العالم لا يعرف بأن أغلب الأمريكيين غير مهتمين بأي أخبار سياسية يومية أو فضائح عالمية، أو حتى بين أقاربهم القريبين! يجب أن يكون واضحاً لمن يكره أمريكا بأن المواطن الأمريكي العادي يعاني من انخفاض الأجور وارتفاع أسعار السلع الأساسية وعدم الثقة في نظامنا الحاكم وتمييز الشرطة، والتأخير في مكان العمل لساعات طويلة والضرائب المفرطة ونسبة الطلاق المؤلمة وعدم الاهتمام بظاهرة التشرد المحرجة، والفشل في النظام التعليمي وكمية القروض الطلابية الخطيرة، والعجز في شبكتنا الاجتماعية، بالإضافة إلى زوال إمكانية الحصول على ما يُسمى بالحلم الأمريكي لجيل كامل.
لا أستطيع الشرح لشخص غاضب على السياسات الداخلية والمواقف الخارجية الأمريكية ونحن كمواطنين نُعاني من نفس المشاكل التي تُصيب أغلبية العالم، ولا أستطيع القول لشخص مقتنع بأننا فزنا بيناصيب الجنسية لأننا مولودون في دولة العالم الأول، إننا لا نُقدر النعم بملذاتها وكمالياتها لأننا نعيش على باب الفقر إلا أقلية معينة من شعبنا. كيف أستطيع التوجة لشخص وأخبره بأن تصدير أمريكا لرسالة خيالية عن نوعية الحياة بها، إنما هي للحفاظ على نفوذها في العالم، وأن أغلبية المواطنين لا يتابعون الأخبار وحتى لا يعرفون اسم ممثلهم في الكونجرس أبدا.
يمكن حل هذه التساؤلات بالقبول بأني طالما أحمل جنسية أمريكية لا أستطيع أن أبتعد عما يعرفه العالم كرجل أمريكا المثالي، لكن هذا لا يعني أن أتخلى عن محاولتي لفهم غضب العالم ضدنا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.