إثر هذا التصريح الذي نشرته الغارديان البريطانية، يأتي السؤال الذي يطرحه أبناء الشعب السوري الثائر، ماذا تفعل قوى المعارضة العسكرية في الأستانة؟! في الوقت الذي تضيع مناطق سيطرتها وتنتقل لأذرع النظام السوري المستبد وأجندته. حيث يشهد الشارع السوري المحرر اليوم حالة من الفوضى والقلق، حيال توجهات قيادات المعارضة واستهتارهم بالوضع العسكري على الجبهات، والوضع الأمني ميدانياً!
لا حاجة لتعليل وشرح أسباب وأهداف الثورة الحقيقية التي أغرقت سوريا في عقر الحرب ومآسيها، بعد انحرافها عن مسيرتها وضياع قيمها، يمكننا القول إن النظام السوري استطاع إثبات أحقيته بالعمالة الصهيونية والاستعمارية، بتمكنه من ممارسة سياسة البواعث والغزو النفسي، ولا نغفل عن مساعدة قادة الفصائل لهم بتخاذلهم وتهاونهم.
تركيا تسعى لبسط نفوذها وسيطرتها العسكرية ضمن الأراضي السورية، بحجة دعمها للمعارك ضد التنظيم. وحزب الله الذي غزا السواحل السورية، بذريعة الشريط الحدودي |
بدأ ذلك بتدخل ما أسماه الإعلام الفاشي بالمرتزقة، والتي انخرطت في البداية في صفوف الفصائل المعارضة، وآلت بعد انشقاقها عنهم وإعلان استقلاليتها، لتنظيمات وقواعد تعمل باسم الخلافة والتشريع الإسلامي، ما ساعدها في استجلاب القدر الكافي من العقول الشابة المندفعة، لتتم مسيرتها، لكنها فشلت في العديد من المناطق، بعد ثورة السكان عليهم (داعش) وسحق وجودهم، وبسط نفوذهم في مناطق أخرى، لكنهم ما خرجوا دون ترك أذرع لهم في المناطق التي انتفضت على جورهم، ليظهروا باسم الجبهة والتي استطاعت المكر بالناس وأشعلت الفتنة والفصائلية، واليوم تقتل وتسفك ما بقي من الثورة وتحاربها علناً، فيما يتربع الإعلام الثوري المنصات بالحديث عن أستانة، ويقسم الدوائر الحكومية، في ظل غياب الأمن الداخلي.
اليوم يعلن النظام السوري الفاشي عمالته وتضامنه مع إسرائيل، بصريح منهاجه للفئة الدراسية "الأولى"، والذي جاء فيه أن القدس عاصمة إسرائيل. كذلك وقد صرحت أجندته عبر إعلامه، عن معاقبتها وإيذائها لكل مهاجر أو مغترب ينوي وطئ معابرها! نرى أجندتها في المناطق المحررة (الجبهة)، تسير على خطاه، حيث تعمل على حكر العودة للبلاد للمدنيين فقط، ومنعها وسجنها لعلّامات الثورة "وهواجس الخوف من اعتقال تعسفي أو اغتيال"، دون جرم مسبق. في الوقت الذي تتغاضى عن معاقبة قتلة الدفاع المدني وغيرهم، وقتلها لشبان لم تُثبت عليهم أي أدلة، بحجة القصاص "ظلماً".
تفشي الظلم والصراع المستمر، وعدم اتخاذ القرارات الخيّرة، وغياب استراتيجية موحدة تحيي القييم التي قامت من صُلبها الثورة، السبب الذي دفع الدول الحدودية في رجوعها للأتفاق مع النظام السوري، وتخليها عن دعم وتعزيز دور المعارضة السورية في المحافل الدولية، وإهدائهم بدلاً من ذلك دعوات مستمرة لحضور مؤتمرات، لا تعود على الشعب بخير.
فالأردن اليوم يرفض استقبال اللاجئين، ويدعو لإيقاف معارك الجنوب، ويقبل فقط باستمراية المعارك ضد داعش، تبعاً لأولويات أمريكية، وكذلك تركيا تسعى لبسط نفوذها وسيطرتها العسكرية ضمن الأراضي السورية، بحجة دعمها للمعارك ضد التنظيم. وحزب الله الذي غزا السواحل السورية، بذريعة الشريط الحدودي، فماذا عن إيران وهيمنتها على أحياء دمشق. وروسيا وحربياتها ومعداتها العسكرية، وكذلك أميركا في المناطق الشرقية.
لماذا يتخلى الجميع عن المعارضة، لأننا ببساطة ما زلنا رُضعا للبعثية التي لقننا إيّاها النظام السوري، ما زلنا نردد في أنفسنا شعارات القيادة والرسالة، ما زلنا سجناء لا نعرف ما معنى الحريّة، لا نحسّ ألم من راحوا فداء ثورتنا، ما حلمنا أن نصير إليه، ما حلمنا أن نستفيق عليه.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.