شعار قسم مدونات

الصندوق الأسود للمصالحة.. غزة وسباق الحواجز

blogs - إسماعيل هنية وعباس أبو مازن
عشرُ سنوات من حِصار غزة، ثلاثة حروبْ وإغلاق معابر، وقطيعة سياسية، وإعمار متوقف، وأصدقاء مُحاصرون، وداخل شعبي يغلي يستعد للانفجار بوجه الجميع نتيجة ظروف صعبة عاشتها غزة لسنوات ولم يعد بالإمكان التحمل أكثر من ذلك.
نقاط أوردها عن موضوع المُصالحة، تُلخص الحالة الغزية التي استجدت وتكشف قُدرة الغزيين على المناورة والنجاح في سباق الحواجز والركض نحو الحرية:

الشأن المصري
1- استطاعت غزة أن تثبت أن الأزمة والاتهامات الموجهة لها من قبل أطراف إقليمية هي اتهامات مبنية على إثر خلاف سياسي محض لا أمني، أو لديه أية ارتباطات بالإرهاب والأحداث الأمنية بتلك الدول.
2- بطلان التهم الموجهة للرئيسي المصري محمد مرسي وأعضاء جماعته بتهمة التخابر مع حماس، بعد رعاية مصر السيسي اتفاق المصالحة ووجود مدير المخابرات المصرية الحالي في غزة ومعه كبار من المسؤولين الأمنيين، وتوجيه السيسي خطابا مباشر لغزة.

حماس خرجت من مأزق كبير، فقد كانت تواجه تصاعد غضب شعبي بدأ يتحرك على الأرض ينذر بانفجار جماهيري فوضوي، احتجاجا على الأوضاع في غزة

3- قلبت الطاولة على الإعلام المصري واستقبلت غزة عمرو أديب ولميس الحديدي، قطبا برامج Talk Show المصرية، وتحديدا أديب الذي كان مايسترو الإعلام المصري في ربط ما يحدث بسيناء بالمقاومة الفلسطينية وجعل غزة سموفنية الفلتان الأمني في سيناء، وطالب مرارا بتدخل عسكري لإنهاء حماس.
4- أثبتت زيارات المسؤولين والإعلامين المصريين أن غزة خالية تماما من الإرهاب والفلتان الأمني، إذ تواجد كأحد أبرز وأهم رجال بالدولة المصرية (وزير المخابرات) على الأراضي الغزية دون أن يتعرض لأي حادث أمني.

في الشأن الفلسطيني
5- أثبتت غزة بعدما اعتقد البعض أنها محصورة بين خياران لا ثالث لهما، (دحلان أو ثورة شعبية) أنها تستطيع المناورة، ضمن خيارات أكثر غير المفروضة عليها، وهي أن اختارات السلطة الفلسطينية بدلا من ذلك وأحرقت ورقة دحلان تماما، بعدما تلاعبت حماس بها، على عكس ما كان يُظن بأنها ورقة للضغط على حماس يجب القبول بها.

6- وضِعَتْ السُلطة الفلسطينية في موقف حرج جدا، فقد وافقت حماس على كل شروط رام الله وسلمت المعابر والأجهزة الأمنية وقيادة المخابرات للسلطة بعد وضعها لشروط تعجيزية كان من المستحيل الموافقة عليها، وأجبرتها على الجلوس إلى طاولة المُصالحة، وهو أيضا ما شكل صدمة حتى عند جماهير وأنصار حماس، الذين لم يتوقعوا أن يتم تسليم غزة بهذه الطريقة.

7- حماس خرجت من مأزق كبير أيضا، فقد كانت تواجه تصاعد غضب شعبي بدأ يتحرك على الأرض ينذر بانفجار جماهيري فوضوي، احتجاجا على الأوضاع الصعبة والمأسوية في غزة، خصوصا بعد إغلاق معبر رفح تماما واتخاذ السلطة الفلسطينية إجراءات تعسفية بحق الموظفين وتعليق تحويل المستحقات والمساعدات وفرض ضرائب جديدة على فاتورة كهرباء غزة.

ملف المصالحة سيكون مدخلا لصفقة أسرى جديدة ترعاها مصر، قد يرى الآلاف من الأسرى النور بسببها، وأعتقد أن ملف الُمصالحة أصلا مبني على هذه النقطة
ملف المصالحة سيكون مدخلا لصفقة أسرى جديدة ترعاها مصر، قد يرى الآلاف من الأسرى النور بسببها، وأعتقد أن ملف الُمصالحة أصلا مبني على هذه النقطة

8- يمثل موضوع المصالحة بالنسبة لحماس، خروجا مُعقّدا من عنق الزجاجة في حالة نجاحه واستمراره.
9- التخلص من فاتورة وعبء حكم غزة بالنسبة لحماس لفترة من الوقت فرصة للتفرغ للمقاومة والعمل الوطني العام وإعادة بناء القواعد الجماهيرة من جديد بعد الضرر الكبير الذي لحق بها نتيجة الحصار وفقدان شعبيتها في غزة وهذا ما أشار إليه البردويل.

سلاح المقاومة وملف الأسرى
10- الاحتلال يُراهن على هذه المصالحة كمدخل للتخلص من سلاح المقاومة وهذا ما صرحت به سلطة رام الله بضرورة جمع السلاح بيد الحكومة الفلسطينية فقط، وقد أرسلت المقاومة تطمينات بعدم حصول ذلك، وسنرى في قادم الأيام رسائل تطمين جديدة للجماهير.

11- غزة مدينتان، واحدة فوق الأرض وأخرى تحت الأرض، السلطة أرادات ما فوقها والاحتلال ما تحتها، أعطت حماس السلطة ما تريد ولكنها لن تُسلم الاحتلال ما تحت غزة.

صفقة التبادل، هي الصندوق الأسود لملف المصالحة
12- ملف المصالحة سيكون مدخلا لصفقة أسرى جديدة ترعاها مصر، قد يرى الآلاف من الأسرى النور بسببها، وأعتقد أن ملف الُمصالحة أصلا مبني على هذه النقطة وضرورة إعادة الاحتلال لجنوده بأقل التنازلات والخسائر، على الأقل أمام الشارع الإسرائيلي، الذي يرفض تقديم تنازلات تخفيف الحصار ضمن صفقة تبادل الأسرى أو على حساب كيانه، وقد يتقبلها ضمن إطار المصالحة أو هكذا ستكون تخريجة الاحتلال على الأقل بالنسبة لمأزقه في قضية الأسرى.

13- أخيرا أثبتت غزة بمساحتها الصغيرة، أنها تملك وزنا ثقيلا في المنطقة قارعت به الكبار، ولا يمكن تجاهله أو النيل منه بسهولة، وكل هذا ما كان ليكون لولا سلاح المقامة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.