شعار قسم مدونات

بائعو الفقاعات

Blogs- social

في موجة من السخافات الفيس بوك المتكاثرة من حولنا، والتي أحيانا يلجأ إليها العديد من الأشخاص للهروب من واقع حياتهم أو للدخول إلى عوالم أخرى لاستكشافها، أو لتحقيق أحلامهم التي لا تتحقق على أرض الواقع فوجدوا فيه متنفساً ومساحات لأحلامهم المؤجلة.

     

عديد من الأشخاص بدئوا من مده بخلق عوالم من فقاعات الهواء، ووجدوا في عالم الفيس بوك المكان والبيئة المثالية الخصبة لنشر وبيع فقاعاتهم للناس، أو لنشر نجاحاتهم وإنجازاتهم التي لا تستند إلى أساس. نجاحات وأعمال وإنجازات وكتابات كفقاعات الهواء ما تلبث أن يصنعها الشخص حتى تصعد إلى الفضاء الفيسبوكي.

        

الغريب في الأمر أن الأصدقاء أنفسهم مع بعضهم البعض يعلمون أنها فقاعات هوائية، لكنهم ويزينونها لبعضهم البعض، ويدعمون هذه الفقاعات حتى لو كانت على خطأ، والأغرب أن منهم من بدأ يصدق فقاعة الهواء التي بناها لنفسه من شده التصفيق الأعمى الذي يدور من حولهم، من قبل مجموعة ممِن عكست عليهم ألوان الفقاعة فبدأوا بالعيش في دور لم يبنوه لأنفسهم على أرض واقعية. لدرجة أن أحدهم ظن أنه صانع أفلام مثلا، أو أصبح موجه لقضايا المرأة بإسقاطات غريبه، أو أصبح كاتباً، أو أصبح موجه للمجتمع بسلوكياته التي قد تكون مرضيه أو قد تكون مقيته في أغلب الأحيان.

      

مساعدة الناس أصبحت أيضاً لنشر فقاقيع الشهرة، قضاء حاجات الناس أصبح لغايات مرضية إما لدعم الأنا الفيسبوكية أو لزياده حجم الفقاعة التي صنعها لنفسه أمام الناس
مساعدة الناس أصبحت أيضاً لنشر فقاقيع الشهرة، قضاء حاجات الناس أصبح لغايات مرضية إما لدعم الأنا الفيسبوكية أو لزياده حجم الفقاعة التي صنعها لنفسه أمام الناس
  

تستغرب في العديد من الحالات في عدد الأشخاص الذين يتفاعلوا مع الموضوع بتشجيع وتأييد غريب، لتصرفات غير لائقة في معظم الحالات، وتجد أن أغلب الفقاعات التي لم تكتفي بصناعة عالم فقاعي اللون بل بدأت بتوسعته بزياده عدد اللايكات والمتابعين التابعين بواسطة برامج مخصصه لزيادة أعدادهم، ذلك وأضف إلى ذلك أنك تجد الفقاعات ممن يملكون معارف في أماكن معينه كقناة فضائية أو غيرها، ما يلبث أن يضع قدمه فيها حتى يبدأ بنشر فقاقيعه بصور ويظهر للناس قصص خياليه ونجاحات وهمية.

       

وقد تكون ظروفهم المادية ممتازة لدرجة أنه يستطيع السفر والتقاط الصور في عدة أماكن وبعدها ليكتب لنُسافر فأنت لست شجرة، دون مراعاة لمن هم لا يستطيعون شراء دفتر لا كتاب، محطمين آمال وأحلام العديد من شباب وفتيات مكسور عليهم حلم حياه لا حلم سفر جارحين ما في نفوسهم من أحلام وجاعليها تتمحور بحلم سفر قد لا يتناسب مع حياتهم أو مع طموحاتهم.

      

وغريب أيضاً أن ترى الأعمال الهادفة لمساعدة الناس أصبحت أيضاً لنشر هذه الفقاقيع، قضاء حاجات الناس أصبح لغايات مرضية إما لدعم الأنا الفيسبوكية أو لزياده حجم الفقاعة التي صنعها لنفسه أمام الناس. ما ألومه هو غياب أصحاب التوجيه الحقيقي الصحيح من الفئه العارفة والمقدرة لصحة الأمور والقارئة والباحثة عن توجيه الأخرين، وذلك لأنهم ينظرون إلى عوالم الفيس بوك على أنها لا تنتمي لهم وبأنها عوالم وهمية وواهيه وبأن لا رغبه لهم في خوض هكذا حروب.

          

حاول ألا تبني عالمك على فقاعة هواء فترتفع ليكون هدفك إرضاء الناس، ابنه على أسس سليمة
حاول ألا تبني عالمك على فقاعة هواء فترتفع ليكون هدفك إرضاء الناس، ابنه على أسس سليمة
         

لكن في الحقيقة هذه العوالم موجوده سواء قبلوا أم لا، بل إنها تتطور وتتوسع ولا نعلم لأي مدى أو نوع ستكون عليه بالمستقبل. هي بيئة موجوده وتؤثر على أخلاقيات وسلوكيات وثقافة المجتمعات وإن تجنبها والانعزال عنها إنما يشتت الجيل الناشئ، وسيؤدي إلى غياب وتغييب الوعي وتحكم من إما الفقاعات أو الجهات الراغبة بالسيطرة الجماعية.

        

أحياناً أنا لا ألومهم على الانعزال فنحن ندرك الخلل بمقارنة صغيرة بين عدد متابعي الفقاعات بعدد متابعيهم، وذلك الخلل قد يكون إما لتقصير هذه الفئه وسوء تسويقها لما تكتبه أو لافتقارها للأسلوب الصحيح بمقارنتها مع الفقاعات .أما مدى معرفة التصرف والتوجيهات والتوجهات التي تستند إلى التنمية الصحيحة في عالم الفيس بوك فهي مسألة مفتوحة للتفكر وليست ذات مواقف يقينيه هي تفتح أبواباً للتساؤل لا تغلقها. أما بالنسبة مجموعة الأشخاص الغاضبة أو الحانقة على هذه الفقاعات وخصوصاً أن ظاهرة الفقاعات بدأت بالانتشار فأقول لهم، بالنسبة للفقاعات فهي مبنيه على غش لأنفسهم قبل غش الأخرين و ما أود قوله أيضاً أن أي فقاعة مهما ارتفعت، ستنفجر وستسقط بصاحبها عند أي موجة هواء حقيقيه، وذلك كله يحدث مع الوقت فالوقت وحده كفيل بمعالجة وجود الفقاعات الفارغة إن طال وإن قصر.

        

ولابد للإشارة أيضاً إلى أن من الفقاعات ما هو موجود ليس فقط في عالم الفيس بوك أو غيره من وسائل التواصل اللااجتماعيه بل أيضاً على أرض الواقع. لذلك حاول ألا تبني عالمك على فقاعة هواء فترتفع ليكون هدفك إرضاء الناس، ابنه على أسس سليمه ولا تُبع الناس الفقاعات، وحاول ألا تكون تابعاً لفقاعات الهواء المنتشرة من حولك أو مشترياً لها. ولا تدخل فقاعة إلى داخلك فإن انفجار أحدها داخلك سيترك فوضى عارمة هذا إذا لم تكسر كثير من الأشياء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.