شعار قسم مدونات

روح الأمومة.. هي طفلي

blogs - mother

الأمومة هي من أقوى الخصائص التي امتازت بها المرأة منذ وجودها والوظيفة الأسمى التي منحها إياها الله سبحانه وتعالى، وهي من أعظم الغرائز لدى المرأة السوية التي تضفي عليها أرقى العواطف البشرية وأنقاها. فمنذ نعومة أظفارها، وخاصة بفترة الطفولة المبكرة (3-6) سنوات، تميل الفتيات إلى اتخاذ عرائسهن ملجأ لتفريغ ما تجهلن وجوده بتركيبهن النفسي والبيولوجي، فتجد معظمهن تعتني بدميتها وتحتضنها وتتقن في حمايتها ورعايتها والتعبير عن حبها لها. وتكبر الفتاة وتنمو غريزة الأمومة معها وتتجلى في رغبتها دوما بامتلاك مولود تعتني به وتهب له حياتها.

 
غريزة الأمومة حسب المختصين هي أقوى عند المرأة من غريزة الجنس، فقد تتزوج الفتاة رغبة بأن تصبح أُمًّا رغم درايتها مسبقا بمشاق الحمل والولادة. أو قد تصاب بالعقم أو بأمراض تحول دون إمكانية حملها، فتجدها تشعر أنها قد حرمت من أهم خاصية وجودها كامرأة. ومهما تعددت أساليب ومحاولات ملئ الفراغ الهائل الذي تحس به إلا أنها ستعجز عن ذلك بالنهاية. وهنا قد تلجأ إلى رعاية طفل يتيم أو أحد أطفال العائلة، كحيلة نفسية يطلق عليها بالتسامي بغريزة الأمومة أو ما يعرف بحب الأمومة الذي هو حالة نفسية أقل عمقا من الغريزة.

 
الأمومة هي تجربة فردية لا تمثل فقط مرحلة بيولوجية عابرة، بل كنها نفسيا تتلخص فيه تجارب فردية عدة وذكريات ورغبات ومخاوف سبقت التجربة الواقعية بكثير من السنوات. لكن قد تختلف مظاهر وتجليات تجربة الأمومة عند النساء حسب العوامل الثقافية والاجتماعية والنفسية أيضا المؤثرة في تشكيل بنية الروح الأنثوية. لذا قد نشهد تعرضها لنكسة ولتقاعس عند البعض في إمدادها بآليات تفعيل وتمتين رغم كونها خاصية وغريزة فطرية حسب معظم المختصين. فقد يتم إهمال واجبات الأمومة لقلة وعي وتقدير ذات أو استصغار المرأة للمشاعر المرافقة لروح الأمومة نتيجة تجارب ومواقف أثرت سلبا على فهمها واستيعابها لكنه الأمومة. 

 

نغفل حقا أن الأمومة هي فقط علاقة ترابطية روحية تكاملية بين الأم وصغيرها وتوازن في بناء وتوطيد هذه العلاقة وجعلها مريحة ومتناغمة
نغفل حقا أن الأمومة هي فقط علاقة ترابطية روحية تكاملية بين الأم وصغيرها وتوازن في بناء وتوطيد هذه العلاقة وجعلها مريحة ومتناغمة
 

تظل الأمومة هي تلك اللغة التي يتم بناؤها بين كلا الطرفين (أم/امرأة وطفل) والتي تسمح لهن (النساء) بفهم وقول ما يعيشونه إلى أن يجدوا أو يحاولوا إيجاد القدرة على منح أو السماح بالولادة. الامومة إذن هي تلك الفرصة والإمكانية لتمثيل وإعادة تقديم فعل الأمومة. 

 
قد تعتقد الأمهات والنساء بشكل عام أن معيار الأمومة وجودتها يكمن بنظرة الآخرين لها، وأنه يمكن قياس نجاحها أو فشلها بانطباعات هم واعتقاداتهم عن تفاصيلها. فكثيرات من نون النسوة يجاهدن أملا في نيل رضى المحيطين بهن أملا في ملئ عيونهم ثقة وتأييدا وربما تشجيعا لطرق تربيتهن وتعاملهن مع أطفالهن وأنهن على الطريق الصحيح لتجسيد دورهن. ونغفل حقا أن الأمومة هي فقط علاقة ترابطية روحية تكاملية بين الأم وصغيرها وتوازن في بناء وتوطيد هذه العلاقة وجعلها مريحة ومتناغمة. فالأمومة هي أنت وأنا وكل أزهار هذا الكوكب الجميل، هي كيان وجوهر ومسؤولية واجتهاد وإبداع وتضحية. الأمومة هي مجموعة مشاعر وغرائز وانفعالات ومخاوف وأساليب لا يمتلكها أحد سوانا معشر النساء. 

 
الأمومة لا تقترن بالولادة فقط فباقي الكائنات الحية أيضا تدافع عن صغارها، بل هي منتهى الرغبة في إمداد الطفل بكل شيء جميل، هي تجسيد لكل معنى العطاء النقي الذي لا يخلو من المغامرة المتعبة الممتعة. فكل أم بل كل زهرة من نساء الكوكب تمتلك نمط أمومة خاص بها، تتميز به عمن سواها. قد تتشابه في مظهرها الخارجي الانطباعي لدى الآخرين، الشيء الذي قد يعتبره الغالبية هو الشكل الأهم والمعيار الأنسب لميزان الأمومة، غير أن جوهرها ومحورها يتعلق بفردين منفصلين عمن سواهما، هما أنا والطفل. فلا وجود لأمومة مثالية أو لمعايير دقيقة تحدد جودة ومنتهى قيامك بأموتك على الشكل الأصح.. ولا يحق للأخرين أن يقوموا بالتدخل بطبيعة القيام بأمومتك، إلا ان تعلق الامر بتجاوزات أو تقصيرات يمكن الإشارة إليها والتنبيه لها بالنصيحة الطيبة..

الأمومة ليست نظرة الآخرين لك وانطباعهم عنك.. بل الأمومة هي كيف يراك طفلك وكيف ينظر إليك ..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.