شعار قسم مدونات

لماذا العداء للدكتور طارق رمضان في فرنسا؟

blogs طارق رمضان

لماذا العداء للدكتور طارق رمضان في فرنسا.. تهمة الاغتصاب نموذجا؟
طبعا، ليس غريبا أن يستهدف شخصية مثل الدكتور طارق رمضان كأحد الأضلع العلمية والإعلامية والناشطة في الحقل الإسلامي، وهو لا يمارس السياسة كحزب أوكمنضمّ في حزب سياسي أو حركة سياسية لا في فرنسا ولا في سويسرا. لكنه شخص يدافع عن الوجود الإسلامي في الغرب ويدعو المسلمين إلى الخروج من الانزواء الجانبي إلى الخروج بدينهم دون حياء وأن يقوموا باندماج إيجابي في المجتمع الغربي والفرنسي خاصة وأن يمارسوا شعائرهم بحرية كما تكفلها لهم الدستور الفرنسي .

لكن لماذا في هذا التوقيت؟
لا يمكن متابعة الحملات المسعورة ضد طارق رمضان بمعزل عما يجري في المنطقة العربية ودول الخليج حاليا، ومنذ اندلاع الربيع العربي ودفاعه المستمر عن حقوق الشعوب وانتقاده اللاذع للأنظمة الخليجية وخاصة السعودية التي منعتها من أداء الحج والعمرة منذ بروزه الإعلامي، لا يمكن فصل كل من الأزمة الخليجية، فالشخص الوحيد يمكنه أن يعري التلفيقات الموجهة لقطر مثلا حول دعم الإرهاب وغيره هو طارق رمضان، ليس لأنه يدير مركزا هناك فقط رغم أنه ينتقد قطر وحتى منذ سنوات قليلة لم يقدم حوارا على قناة الجزيرة بسبب اعتراضه على بعض سياسات قطر والجزيرة، وتشويهه حاليا هو محاولة لإبراز أنه مغتصب مع التنويه أن الفرنسيين لديهم حساسية من العنف ضد المرأة ويعادون الإسلام بسبب بعض التعاليم التي يرون أنها عنف ضدها.

لا يوجد مفكر في فرنسا يمكنه أن يجمع في محاضرة له ما يبلغ من 100 ألف شخص مثل طارق رمضان، وذلك من مختلف التيارات والديانات للاستماع له في الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا
لا يوجد مفكر في فرنسا يمكنه أن يجمع في محاضرة له ما يبلغ من 100 ألف شخص مثل طارق رمضان، وذلك من مختلف التيارات والديانات للاستماع له في الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا
 

هل بدأت الحملة ضده الآن؟
أبدا، فمنذ أن سطع نجم الرجل في تقديم محاضرات في ضواحي باريس وجنيف بداية التسعينات وبفرنسية نظيفة وانتشار أشرطته وكتبه في كل مكان، ليس على مستوى فرنسا فحسب، وإنما حتى خارج القارة الأوروبية إلى معظم الدول الناطقة بالفرنسية في إفريقيا وحتى خروجه بعد ذلك إلى الدول الانكليفونية وذلك بسبب طلاقته وإجادته للّغة الإنجليزية لدرجة أن صنفته مجلة تايم الأمريكية بين العشرة مفكرين الأكثر تأثيرا في العالم، وبعد 11 سبتمبر منعه الرئيس بوش من دخول أمريكا ورفع الحظر بعد مجيء أوباما وتبرئة المحكمة الأمريكية له من تهمة الإرهاب.

لماذا يعادون طارق رمضان في فرنسا؟
عرف الدكتور طارق رمضان بمناظراته النارية ومواجهاته المثيرة في المناظرات الفضائية وكثيرا ما كان يسكت خصومه أو يجبر الجميع على الاستماع له وذكائه في إحراج الخصوم السياسيين له من ساسة فرنسا، وخاصة في الحوارات التي أداها مع ساركوزي حين كان وزير داخلية في فرنسا، وغيره من الشخصيات التي مقاطعها مشهورة على اليوتيوب. حيث جعل المسلمين يشعرون بنوع من الفخر كنموذج ناجح في الجالية المسلمة، وقد صرح ساركوزي أن طارق شارك في إسقاطه في 2012 بالانتخابات الرئاسية وهو محبوب لدى معظم المذيعين لكنهم يعلنون دائما أن جهات تمنع استضافته.

الخوف المتزايد ضد طارق رمضان
لا يوجد مفكر في فرنسا يمكنه أن يجمع في محاضرة له ما يبلغ من 100 ألف شخص مثل هذا الرجل الذي نتحدث عنه، وذلك من مختلف التيارات والديانات للاستماع له في الملتقى السنوي لمسلمي فرنسا وهو لقاء يلقى اهتمام إعلامي كبير، فكل ذلك يجعل الدولة تقف ضده وذلك لسبب الضغط من أجل تقليص نفوذه في الحضور.

يعادي طارق رمضان الإسلام الرسمي الفرنسي وخاصة القريبين من السلطة الفرنسية ممثلا في المجلس الإسلامي للديانة المسلمة والذي أسسه ساركوزي

وثانيا: أن الرجل له تأثير كبير في بريطانيا فهو مستشار ديني في الحكومة البريطانية ومدرس في جامعة أوكسفورد، كما أن له حضوره في أمريكا وإفريقيا خاصة وله أعمال خيرية ومشاريع اقتصادية يقوم بها في القارة الإفريقية وله مؤتمر ينظّم كل 4 سنوات في الدول الناطقة بالفرنسية.

وثالثا: لا يقوم بمحاضرات فقط وإنما يشارك الحراك الثقافي في فرنسا عبر تأليف كتب تلقى قبولا حتى لدى غير المسلمين وقد يصل لكتابة وطباعة كتابين له في السنة.

يوصف الرجل بأن المذيعون يخافون مواجهته وحين يصفه مذيع في التعريف به ببرنامج ويقول ذلك: معنا طارق رمضان ومع ذلك فهو حفيد حسن البنا، فكان يردّ على ذلك: لماذا تخصونني وحدي بذكر جدّي، بينما لا تذكرون أجداد الآخرين ممن أمامي على الطاولة.. وهو نوع من تهيئة المتلقي والمشاهد أن ينتبه منه وشيطنة له في نفس الوقت.

من هم المسلمون الذين يعادون البروفيسور طارق رمضان وكانوا وراء الحملة؟
طبعا، هذه المرأة التونسية "هند العياري" التي فجّرت الأزمة الحالية. وهذا ليس مستغربا لأن الغرب هيأوا لمواجهته في أكثر من مرة شخصيات مسلمة لضرب توجه الرجل وحضوره الفاعل واتهامه بثنائية الخطاب بمعنى أن لديه خطاب إعلامي منفتح في الإعلام بينما في المساجد سلفي متشدد يؤيد رجم المرأة ولا يحب اليهود.

1- يعادي طارق رمضان الإسلام الرسمي الفرنسي وخاصة القريبين من السلطة الفرنسية ممثلا في المجلس الإسلامي للديانة المسلمة والذي أسسه ساركوزي.

2-يعادي الإسلام المغاربي سواء ممن يرعاهم المغرب أو الجزائر كممثلي مسجد باريس والمساجد التابعة للرباط، علما أن طارق رمضان ينتقد تنازلهم عن قضايا المسلمين وأنهم لا يمثلون كل المسلمين ويطالب بانتخابات نزيهة في هذه المؤسسات الإسلامية الكبرى.

3- يعادي طارق رمضان التوجه السلفي والوهابي ويتهمونه أنه متساهل حيث يدعو إلى الاختلاط ويصافح المرأة ويدعو الفتاة المسلمة بخلع حجابها في المدرسة لأن القانون يمنع ذلك، كما يعتبرونه ممثلا للإسلام السياسي ومنتم لجماعة الإخوان رغم نفيه أي ارتباط له بالإخوان علما أنه أول من دعا لتفكيك العمل المنظم لدى الإخوان وهو ما جعل بعضهم يعادونه، لأنه ينتقد المملكة القائمة على الكتاب والسنة وحكامها.

 طارق رمضان محبوب لدى السواد الأعظم ليس لدى المسلمين فقط وإنما حتى لدى غير المسلمين والمتابع له يعرف أن محاضراته العامة قد يشارك فيه مشاركون كثر من غير المسلمين
 طارق رمضان محبوب لدى السواد الأعظم ليس لدى المسلمين فقط وإنما حتى لدى غير المسلمين والمتابع له يعرف أن محاضراته العامة قد يشارك فيه مشاركون كثر من غير المسلمين
 

4- يعادي طارق رمضان من المسلمين أعداء الربيع العربي منذ اندلاعه فهو كتب كتابا حوله وناظر كثيرا مدافعا عن الثورات العربية ويدين الانقلاب العسكري ضد مرسي وخاصة بعد مجزرة رابعة وينتقد الحكومات الغربية في مملأته للسيسي، وينتقد بشار الأسد ويصفه بالجزار.

5- الذين فعلا يحسدون الرجل لنجاحاته المتعددة وحضوره الفاعل لدرجة أن الوزير الأول الفرنسي السابق مانويل فالس صرّح أنه لن يعطيه الجنسية الفرنسية، هؤلاء هم أمثال هند عياري وحسن شلغومي وهو من متابعي صفحتي ممن يقومون بحملات ممنهجة ضد البروفيسور طارق رمضان.

الغريب: أن طارق محبوب لدى السواد الأعظم ليس لدى المسلمين فقط وإنما حتى لدى غير المسلمين والمتابع له يعرف أن محاضراته العامة قد يشارك فيه مشاركون كثر من غير المسلمين.

وأخيرا: المحكمة ستقوم بالتحقيقات وسنرى فيما إذا كان الرجل متهما أم لا وقد نفى هذه الاتهامات وستخرج اتهامات أخرى غير هذه في سبيل شيطنة الرجل وهو الذي سميته في مقال سابق بشيطنة الرمز للضغط على الجميع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.