شعار قسم مدونات

لا تقلق عزيزي السكيزوفريني

blogs حزن

كثيرا ما نسمع عبارات من قبيل إن هذا شخص سكيزوفريني، أحيانا يبدو سعيدا وفي أغلب الأوقات مهملا لنفسه وأناقته، ويتحدث مع نفسه، لكن ما لا ندركه أعمق من مظاهر وسلوكات، فانفصام الشخصية اضطراب نفسي شديد يؤثر على أكثر من 21 مليون شخص في أنحاء العالم أجمع.

 

ويميز الاضطراب وجود حالات تشوش في التفكير والإدراك والعواطف واللغة والشعور بالذات والسلوكيات، ومن أعراضه الشائعة سماع الأصوات وتولّد الهواجس، والصراعات الداخلية؛ حيث يخلّف اضطراب انفصام الشخصية حالات عجز كبيرة في الأنشطة اليومية للمصاب، ويمكن أن يؤثر على أدائه من الناحيتين التعليمية والمهنية.

 

ومن المُرجّح أن يموت المصابون بانفصام الشخصية في وقت مبكر بمعدل أكثر من عامة السكان يتراوح بين مرتين و2.5 المرة، ويُعزى ذلك غالبا إلى الإصابة باعتلالات جسدية، من قبيل أمراض القلب والأوعية الدموية والفعاليات الأيضية والأمراض المعدية. ومن الشائع أن يتعرض المصابون بانفصام الشخصية للوصم والتمييز وانتهاك حقوق الإنسان، حيث يعتبرهم الأغلبية مختلون عقليا، ومثيرون للاشمئزاز بتصرفاتهم.

 

 الفائض من الميثيونين في نظام الأم يمكن أن يؤدي إلى تطوّر خاطئ في دماغ الجنين، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى ظهور مرض انفصام الشخصية
 الفائض من الميثيونين في نظام الأم يمكن أن يؤدي إلى تطوّر خاطئ في دماغ الجنين، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى ظهور مرض انفصام الشخصية
 

ترجح الأسباب الأولى لانفصام الشخصية وفقا لدراسة جديدة واحدة من كل عشرة حالات من مرض الفصام تُثار بسبب تفاعل مناعي ضد خلايا الدماغ. توفر المعطيات الجديدة إمكانية وجود معالجات أفضل لهذا المرض العقلي الخطير. حيث يبدي الأشخاص المصابين بالفصام أعراض "الذهان" ومنها الهلوسات والتوهمات وجنون الارتياب.

 

ينتشر هذا المرض بنسبة 1% في الغرب ويُعتقد أن سببه زيادة السيالات العصبية في الطريق الخاص بإنتاج الدوبامين في الدماغ. لا تعمل الأدوية النفسية بشكل جيد دائما ولها أعراض جانبية خطيرة. أظهرت دراسات سابقة وجود أجسام مضادة تهاجم مستقبلات في العصبونات مؤدية إلى التهاب دماغي وبالتالي إلى نوبات عصبية أو الإغماء أو الذهان في الحالات الأخرى.

 

في السنوات القليلة الماضية تم تأكيد وجود هذه الأجسام المضادة في دماء الأشخاص الذين يبدون أعراض الذهان فحسب. في 2010 قامت بيلندا لينوكس في جامعة أوكسفورد بفحص 46 شخصا يبدون أعراض الذهان المرتبط بالأجسام المضادة، ثلاثة أشخاص، أي حوالي 6 % احتووا تلك الأجسام المضادة. في ما كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا في إيرفين عن سبب آخر محتمل لمرض انفصام الشخصية، وتقدّم أملًا جديدًا لتطوير علاجات أكثر فعالية والأساليب الوقائية، ونشرت نتائج تلك الدراسة مؤخرًا بقيادة الدكتورة أمل الأشقر (Amal Alachkar) في دورية (Molecular Psychiatry).

 

قد يسأل العديد عن طرق علاج انفصام الشخصية التي لا زالت لحد الآن قيد البحث والتجريب لكن بشكل عام يمكن علاجه بالأدوية والدعم النفسي والاجتماعي
قد يسأل العديد عن طرق علاج انفصام الشخصية التي لا زالت لحد الآن قيد البحث والتجريب لكن بشكل عام يمكن علاجه بالأدوية والدعم النفسي والاجتماعي
 

ركزت الدراسة على دور الميثيونين (methionine) الزائد في أجسام الأمهات الحوامل. الميثيونين عبارة عن حمض أميني لا يمكن تصنيعه من قبل الجسم، ومع ذلك يمثل عاملًا حاسمًا في عملية مثيلة الحمض النووي (DNA methylation)، وهي الآلية التي تدفع عملية التعبير الجيني. بعض الأطعمة غنية بالمثيونين وتشمل الجبن ومنتجات الألبان الأخرى، والبيض، وبعض اللحوم، والفول، ومختلف البذور والمكسرات.

 

وخلصت الدراسة إلى أن الفائض من الميثيونين في نظام الأم يمكن أن يؤدي إلى تطوّر خاطئ في دماغ الجنين، والذي يمكن أن يؤدي بدوره إلى ظهور مرض انفصام الشخصية. قد يسأل العديد عن طرق العلاج التي لا زالت لحد الآن قيد البحث والتجريب لكن بشكل عام يمكن علاج انفصام الشخصية بالأدوية والدعم النفسي والاجتماعي حيث يتم تيسير مساعدة المصابين بانفصام الشخصية على العيش ودعمهم في مجالي السكن والعمل من الاستراتيجيات الفعالة لتدبير حالاتهم علاجيا.

 

في الوقت الحاضر، تشمل علاجات الفصام العقاقير المضادة للذهان والعلاجات النفسية الاجتماعية (عن طريق تعليم الأشخاص المُشخَصين بالمرض كيفية التعامل مع البيئة الاجتماعية)، وكذلك اتّباع نهج أكثر تعقيدًا يدعى "الرعاية المتخصصة المنسقة"، والذي يتضمن وصفات الأدوية ومجموعة متنوعة من العلاجات التي تركّز على التكيّف والتكامل مع البيئة الخارجية لكن لا زالت الأبحاث العلمية متفائلة في هذا الشق حيث قالت لينا بالانيابان (Lena Palaniyappan) من معهد لوسون للبحوث الصحية في كندا: «نتائجنا تسلط الضوء على أنه على الرغم من شدة تلف أنسجة دماغ المريض المصاب بالفصام؛ فإن الدماغ يحاول باستمرار إعادة تنظيم نفسه، ربما لإنقاذ نفسه أو للحد من الضرر».

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.