شعار قسم مدونات

شركات صناعة التبغ.. صراع البقاء

blogs سجائر

في الآونة الأخيرة، عاد مؤخرا إلى الأضواء استهتار صناعة التبغ بحياة الناس، والقانون الدولي، والسيادة الوطنية. وقد وفرت التحقيقات التي أجرتها منظمة الصحة العالمية وصحيفة الغارديان دليلا دامغا على ما نعرفه في مجتمع الصحة العامة منذ عقود: تعمل شركات صناعة التبغ، في سعيها الدؤوب لتحقيق الربح، على تخريب وإضعاف حماية الصحة العامة بجميع الأشكال.

 

وكما بينت التحقيقات، فإن شركات كبرى مثل فيليب موريس العالمي (PMI) وشركة التبغ البريطانية الأمريكية غالبا ما تستخدم تكتيكات سرية، وبلطجة صريحة، وأنشطة غير مشروعة لعرقلة التقدم في اتفاقية منظمة الصحة العالمية الإطار بشأن مكافحة التبغ، التي تمت في عام 2003. والآن، أكد مكتب مكافحة الاحتيال الخطير في المملكة المتحدة أنه يحقق في شركة "التبغ البريطانية الأمريكية" بتهمة الرشوة في وسط وشرق أفريقيا.

 

وهذه مجرد البداية. لكن نظرا للصراع الأساسي بين مصالح دوائر صناعة التبغ وأهداف الصحة العامة، يجب على الممارسين الصحيين والحكومات في جميع أنحاء العالم بذل المزيد من الجهد لمنع صناعة التبغ من التدخل في السياسة الرسمية. كما يتعين عليها أن تقيم جدار حماية بين صنع السياسات والصناعة على الصعيدين الوطني والدولي.

 

صناعة التبغ ليست الصناعة الوحيدة التي تحاول تقويض المصلحة العامة من أجل مصالحها الخاصة. لهذا السبب، يجب تطوير القوانين الدولية مثل الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ (FCTC) لتطبيقها على الصناعات الأخرى
صناعة التبغ ليست الصناعة الوحيدة التي تحاول تقويض المصلحة العامة من أجل مصالحها الخاصة. لهذا السبب، يجب تطوير القوانين الدولية مثل الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ (FCTC) لتطبيقها على الصناعات الأخرى
 

وهذه الفكرة مدمجة في المادة 5.3 من الاتفاقية الإطار لمنظمة الصحة الدولية لمكافحة التبغ. وتتجلى الحاجة إلى هذه المادة في وثائق صناعة التبغ الداخلية الصادرة عن اتفاق تسوية التبغ الرئيسي الذي تم التوصل إليه بين أكبر أربع شركات للتبغ في الولايات المتحدة والمحامين العامين في 46 ولاية أمريكية في عام 1998. وقد كشفت تلك الوثائق، على سبيل المثال، أن شركات فيليب موريس (ثم PMI) تنظر إلى منظمة الصحة العالمية باعتبارها تهديدا، وتسعى إلى القيام ب "تدابير مضادة" "لاحتواء / تحييد / إعادة توجيهها".

 

وقد بينت التحقيقات الأخيرة أن شركة فيليب موريس العالمية استهدفت اجتماعات معاهدة التبغ العالمية، واحتجت ضد المندوبين، وسجلت قائمة وزراء التجارة أصدقاء صناعة التبغ. وقد ركزت شركة "التبغ البريطانية الأمريكية، من جانبها، على المشرعين الوطنيين، الذين يقال إنهم يقدمون رشاوى للمسؤولين في أجزاء من شرق أفريقيا لمنع أو تخريب السياسة العامة وإجبارهم على قبول دخول هذه الشركة إلى السوق، من أجل إدمان جيل جديد في أفريقيا على منتجه.

 

هناك شركات قوية كبرى- من صناعات التبغ والصناعات الدوائية إلى تلك التي تعمل في خصخصة المياه وتغير المناخ – عازمة على جني الأرباح على حساب حياة الناس والبيئة

وقد أدى كل ذلك إلى تأخر التقدم في تنفيذ تدابير الحماية الصحية المنقذة للحياة في جميع أنحاء العالم – على الرغم من أنها لم توقفها. وقد بدأت العشرات من الحكومات بالفعل في تنفيذ تدابير تتماشى مع أحكام اتفاقية تضارب المصالح العالمية. فعلى سبيل المثال، استثمرت النرويج أكثر من ملياري دولار من صناعة التبغ. وقد أنهى الاتحاد الأوروبي اتفاقه المثير للجدل مع شركة فيليب موريس العالمية بشأن التصدي للاتجار غير المشروع. وقد منعت الفلبين المسؤولين الحكوميين من التفاعل مع دوائر صناعة التبغ ما لم تكن هناك ضرورة مطلقة.

 

وبهذه التدابير، تعطي الحكومات الأولوية لصحة الناس على أرباح الصناعة. بعد كل شيء، لو لم تتدخل شركة التبغ الكبيرة، فقد يكونوا أكثر عرضة للنجاح في تنفيذ تدابير للحد من معدلات التدخين، سواء كانت سياسات مجربة وحقيقية مثل حظر تسويق السجائر، أو تدابير جديدة، مثل القضاء على العلامات التجارية من علب السجائر. وإذا ما اجتمعت هذه الإجراءات، فإنها ستنقذ ملايين الأرواح.

 

ويتعين على المزيد من البلدان تنفيذ سياسات مماثلة على وجه الاستعجال. وللقيام بذلك، يجب عليهم استخدام العمليات والسياسات التي تتلاءم مع المادة 5.3، وبالتالي منع صناعة التبغ من تخريب مبادراتها الهادفة للحد من معدلات التدخين وتحسين الصحة العامة.

 

ولكن صناعة التبغ ليست الصناعة الوحيدة التي تحاول تقويض المصلحة العامة من أجل مصالحها الخاصة. لهذا السبب، يجب تطوير القوانين الدولية مثل الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ (FCTC) لتطبيقها على الصناعات الأخرى التي تستخدم قواعد صناعة التبغ لإضعاف تشريعات الصحة العامة والأنظمة البيئية التي تؤثر على خطوطها الخاصة.

 

 قد تتزايد النداءات حول منع صناعات قوية مثل بيج أويل، بيج فارما، وبيج فود من تقويض أو تخفيف أو تأخير السياسات السليمة التي تعزز المصلحة العامة
 قد تتزايد النداءات حول منع صناعات قوية مثل بيج أويل، بيج فارما، وبيج فود من تقويض أو تخفيف أو تأخير السياسات السليمة التي تعزز المصلحة العامة
 

والخبر السار هو وجود وعي متزايد لاستخدام مثل هذه التكتيكات ليس فقط من قبل شركات صناعة التبغ، ولكن أيضا من قبل صناعات قوية مماثلة. وفي آخر اجتماع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطار بشأن تغير المناخ، على سبيل المثال، كان تدخل صناعة الوقود الأحفوري في المحادثات مسألة مركزية.

 

والآن، قد تتزايد النداءات حول منع صناعات قوية مثل بيج أويل، بيج فارما، وبيج فود من تقويض أو تخفيف أو تأخير السياسات السليمة التي تعزز المصلحة العامة. وينبغي أن يعزز التحقيق الذي أجراه مؤخرا المكتب الإعلامي ووسائط الإعلام هذا التحول، باعتباره حافزا قويا للحكومات على تنفيذ تدابير أقوى حول تضارب المصالح – على التبغ وغيره من القضايا – على الصعيدين الدولي والوطني.

 

واليوم، هناك شركات قوية كبرى- من صناعات التبغ والصناعات الدوائية إلى تلك التي تعمل في خصخصة المياه وتغير المناخ – عازمة على جني الأرباح على حساب حياة الناس والبيئة. وليس لديها سوى القليل من الاهتمام بالممارسات الديمقراطية، وكما نعرف الآن، لن تتوقف هذا الصناعات على الإطلاق عن تقويض أي عملية يمكن أن تتناقض مع الأعمال التجارية كالمعتاد. والطريقة الوحيدة لمنعها من القيام بذلك هي استبعادها. لدينا الأدوات اللازمة للقيام بذلك. نحن بحاجة فقط لاستخدامها.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

المصدر: بروجيكت سنديكيت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.