شعار قسم مدونات

التزام الأديب المكسب والخسارة

blogs-أدب

ماذا يكسب أو يخسر الأدب إذا التزم الأدباء بأيديولوجيا أو فلسفة معينة؟
السؤال يمكن أن ننظر له من جانبين جانب المكسب وجانب الخسارة، فالأديب كغيره قد تؤثر فيه بعض عوامل التمذهب التي تدفعه إلى اعتناقها والالتزام تام بما تدعوه تلك المذاهب الفكرية، دينية كانت أم خلاف ذلك من ايديولوجيات أو فلسفات.
 

وقد توهم البعض أن الالتزام يعد نوعاً من القيود التي تُكبل حرية الأديب، ولكن هو عند البعض الآخر تجارب حية في وجدان الأديب، تدفعه وتقوده للتعبير عنها وفق ما يتصوره ويعتقده من أفكار يلتزم بمنهاجها الفكري ويدعو من خلال عمله الأدبي سواء كان شعر أو نثر أو أي جنس آخر من أجناس الأدب للدفاع عنها.
 

الأديب الملتزم لا يخاطر بتأليف عمل أدبي ضعيف لا يرتقي بأدبيات ما يعتنقه من أفكار، بل يسعى إلى تجويد العمل الأدبي

وفي هذا الأمر يقول سارتر: "مما لاريب فيه أنّ الأثر المكتوب واقعة اجتماعيّة، ولا بدّ أن يكون الكاتب مقتنعا به عميق اقتناع، حتى قبل أن يتناول القلم. إنّ عليه بالفعل، أن يشعر بمدى مسؤوليته، وهو مسؤول عن كلّ شيء، عن الحروب الخاسرة أو الرابحة، عن التمرّد والقمع. إنّه متواطئ مع المضطهدين إذا لم يكن الحليف الطبيعي للمضطّهدين "
 

ومن هذا المنطلق يكسب الأدب أخلاقياً وفكرياً في حالة التزام الأديب؛ فالتزامه يجعله مجوداً في عمله، كما يجعله حريص كُل الحرص أن يخرجه في صورة تعكس إيجابيات ومحاسن الفكرة التي اعتنقها من ايديولوجيا أو فلسفة التزم بها.
 

فعلى سبيل المثال في كُتُب الأدب العربي والتجارب الشعرية في التراث العربي، نجد خير مثال للالتزام هو التزام شعراء آل البيت، فقد عُرف عن شعراء آل البيت صدقهم في الشعر خاصتا شعر المديح؛ والصدق من المكاسب الأخلاقية التي اكتسبها الأدب.
 

قوة الطرح:
الأديب الملتزم لا يخاطر بتأليف عمل أدبي ضعيف لا يرتقي بأدبيات ما يعتنقه من أفكار، بل يسعى إلى تجويد العمل الأدبي حتى يظهر قوي تستمد منه فكرته القوة في الطرح.
 

مراعاة أخلاقيات ما التزم به:
إن العمل الأدبي ليس ملك للأديب بل ملك للفكرة التي التزم بها، لذلك يدعو لما تدعو له فكرته من أخلاقيات، ويراها كما تراها فكرته، وعدم مخالفتها.
 

وعلى الصعيد الآخر هناك اتجاه معاكس فقد يأتي التزام الأديب خصما على ما يصدره من عمل أدبي، فإن الايديولوجيات والفلسفات تدفع معتنقها اتجاه سير فكري معين وتخضعه وتملي عليه وتحكمه بأن يتبع ما تروج له من فكر، فيحدث أن يتلون العمل الأدبي للأديب بلون وصبغة ايديولوجية تكبله من الانطلاق وحرية النظم والتأليف
 

فأنت يمكن أن ترى العديد من الأدباء قد كبحوا جماح أدبهم بسبب التزامهم بفكر معين، كان يمكن أن نرى لهم جهود أدبية مقدرة إذا تحرروا من قيود الالتزام الفكري.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.