شعار قسم مدونات

تحت ظَلال الياسمين..

blogs-حرية
كان يتأبط ملفا أصفرا وينتعل حذاءا فاخرا من الماركات العالمية.. ابتسامة عريضة لا تغادر وجهه ها هو الآن أمام شقة فاخرة مطوقة بالحرس يفرك يداه حماسة لاستقبال مكافأة جديدة "حرية التعبير دون عقاب" إنّه فرح مسرور ستنفك عقدة الخوف وينطلق ذلك الكلام الذي ظل يرتجف داخل ظلام حنجرته.. اليوم هو عيد المثقفين الأحرار..

قال مبتسما للحارس: سيّدي هنا ؟
بلى ..
أخبره أنّ أحد الكتاب الأحرار قد وصل..

الكاتب بين يدي سيده يقول وقد أخد نفسا طويلا وملاّ وجنتيه راحة: سيدي جئت لآخذ بركاتكم قبل أن أنشر هذا النص وأعلم أنّكم تصفقون لكلمة الحق فأنتم من منحتمونا حرية البوح..

اسمع النص يا سيدي:
على رغم العقبات التي يتجاوزها الشعب والآلام التي تنخر بجسده و أيادي الذل المتآمرة عليه يجب أن يقف المثقف الأصيل أمام أوجاع شعبه يربت على أكتافه ولو بكلمة توصل صوته.. يجب أن يقف بجانب أحلامه دون تصدير بطولات زائفة.. هذا الشعب يبكي وينتحب عندما يكون غيره في أسعد ساعات الفرح.. يضم آلامه كطفلة بريئة تكاد أن تختنق بين ذراعيه من فرط العناق ومع ذلك لم تقتنع أحلامه بعد أنه يريدها له حقيقة.. حقيقة تُخرجه من حُزنه المُميت ".. صمت الكاتب.
السيد: جميل أكمل.
 

ها هو الشعب كالشريد في زوايا الشوارع ينام بحدقات مفتوحة ولازال المثقف العربي يتملق حاكمه على حساب عذابه ووفقا لهذا فالمثقف العربي ليس إلّا عدوا محتملا لا بأس بأن تعد العدد لمجابهته.

أحلام هذا الشعب على المحك ولكن جملة يرددها كأغنية مئات المرات في اليوم: حقنا في حبر قلمك يا مثقف.. هذا الشعب مريض باستمرار طالما مثقفوه يتملقون جلّاديهم على حساب دمائهم وبلادهم وأحلامهم. مريض باستمرار طالما المثقف صامت متناسٍ قضيته.. كلّ شيء يوحي أن زمام الأمور سينفلت لو طال الصمت و ضوء الأمل الذي يضيء أحلامهم يزحف رويدا رويدا نحو الظلام القاتل وصوت الحرية ستخمد أنفاسه..
السيد: اممم جميل أكمل..

ريثما يعود ضمير المثقف خيط الأمل الوحيد لأحلام الشعب المستلقية تحت سوط الجلّاد على هذا الشعب أن يحرق أزهار عواطفه وينسى "وامعتصماه" لأن المعتصم قد مات ومثقفوهم جاثون على بطونهم كالجِمال أمام جلّاديهم يلعقون قطرات كرمهم النحيل .
السيد: الله الله أكمل.

كشجرة حبلى بالثمار عقولهم حبلى بالأفكار والكلمات لكنهم يختبئون ويهربون بها خوفا أن نهز بـأغصان تلك الشجرة ويتناثر الحق وتحق المقصلة ويجف نهر الخيرات ولكن حق علينا أن نقطع رؤوسها فما فائدة رؤوس انحنت لغير الحق.. 
السيِّد: أكمل.

ها هو الشعب كالشريد في زوايا الشوارع ينام بحدقات مفتوحة ولازال المثقف العربي يتملق حاكمه على حساب عذابه ووفقا لهذا فالمثقف العربي ليس إلّا عدوا محتملا لا بأس بأن تعد العدد لمجابهته.
السيد: جميل أكمل.

متى يعطي المثقف العربي الاستقلال لنفسه بعدما قيد فكره لزمن طويل بأغلال الخوف والتملق للنظام؟

وبينما مفيد يفرغ حقيبته لسيده بصوت متحجرج وشعور قاس إذا بسطل ماء يصفعه على وجهه وصوت زلزل كيانه:

قــــــــــم يا مفيــــــــد لا يحلو لك النوم إلا تحت ظَلال شجر الياسمين..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.