شعار قسم مدونات

مليونا نسمة بغزة.. بين النعمة والنقمة

blog-غزة

تجاوز عدد سكان قطاع غزة المليوني نسمة، وبعد استطلاع الآراء على بعض العينات من الشارع الغزي انقسم السكان إلى قسمين، الأول  يرى أن تجاوز عدد سكان قطاع غزة المليونين مشكلة كبيرة، والثاني يرى أنه شيء جيد بل ويجب أن يزدادوا أكثر.

حسب إجابات الكثيرين، فإن غزة فقدت عددا كبيرا من الشهداء في العدوان الأخير عام 2014 و كان أغلبهم أطفالاً و شباباً لم يروا الجزء الملون من الحياة بعد، وهذا الكم من المواليد ما هو إلا تعويض رباني لكل عائلة فقدت فرداً منها، كما يعتبر تعويضاً للمجتمع أيضاً.

غزة فقدت عددا كبيرا من الشهداء في العدوان الأخير عام 2014 و كان أغلبهم أطفالاً و شباباً لم يروا الجزء الملون من الحياة.

وبحسب تقرير المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان عام 2014 فإن العدوان الأخير على غزة خلف2174 قتيلاً، منهم 1743 مدنياً (81 بالمئة) و530 طفلاً و302 امرأة و64 غير معروفين و340 مقاوماً (16 بالمئة)، في المقابل وبحسب تقرير سجلته مكاتب الأحوال المدنية بمديرية داخلية غزة أنه منذ مطلع هذا العام وحتى نهاية شهر حزيران هناك 8299 مولودًا جديدًا، بحيث أظهرت الإحصائية أن نسبة مواليد محافظة غزة 35 بالمائة من العدد الإجمالي لمواليد قطاع غزة خلال الشهور الستة الماضية.

وقد بلغت نسبة مواليد محافظة خان يونس 26 بالمئة، ومحافظة الوسطى 14 بالمئة، ومحافظة الشمال 13 بالمئة، فيما بلغت نسبة مواليد محافظة رفح 12 بالمئة، و بذلك يعتبر قطاع غزة البالغ مساحته 365 كيلومترا مربعاً فقط من أكثر بقاع الأرض ازدحاماً بالسكان، حيث يسجل لكل كيلومتر مربع 4661 فرداً، حسب تقرير صادر عن جهاز الإحصاء الفلسطيني مطلع العام الجاري.

وفيما يرى هؤلاء أن ازدياد السكان هو الحل، وأن أساس الدول المتقدمة هو القوى العاملة فإن النصف الآخر من الشارع يعارض تماماً و لأسباب عدة، ويرى أن القوى العاملة الموجودة حالياً تعاني من مشاكل البطالة والفقر.

 وحسب تقرير صدر عن جهاز الإحصاء المركزي الفلسطيني في نهاية عام 2015 فإن نسبة البطالة في قطاع غزة  تجاوزت 42.7 بالمئة. ففي العدوان الأخير على غزة تم تدمير قرابة 20000 منزلٍ و45 مستشفى، و 274 مصنعاً ما بين تدمير كلي وجزئي، وتدمير جزئي لحوالي 300 مركز تجاري، بالإضافة إلى تدمير 174 مدرسة حكومية منها 26 قد تضررت بشكل كامل و 122 مدرسة تضررت بشكل جزئي، إضافة إلى 27 مدرسة استخدمت كمراكز إيواء للمشردين، حسب وزارة التربية و التعليم في غزة عقب انتهاء العدوان الأخير عام 2014.

والواضح حتى الآن أنه وبعد مرور عامين لايزال إعادة إعمار ما تدمر في بدايته وذلك بسبب الحصار المفروض على قطاع غزة منذ عام 2007، والذي يمنع دخول الوقود ومواد البناء والمواد الخام. وأنه لا فائدة ترجى من القوى العاملة إذا كانت غير صالحة ومؤهلة للحياة؛ فالعدوان المتكرر على قطاع غزة (2008، 2012، 2014) خلف أثراً كبيراً وظاهراً على سكان القطاع سواء نفسياً أو جسدياً.

وحسب تقرير المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان عام 2016  فإن 55 بالمئة من سكان قطاع غزة يعانون من الاكتئاب و 50 بالمئة من الأطفال بحاجة إلى دعم نفسي. وحسب إحصائية حول مراكز الطفولة ورياض الأطفال فإن حوالي 90 بالمئة من أطفال غزة يبدؤون برسم الحرب والدبابات والصواريخ فور إعطائهم ورقة وقلم للرسم، وهذا يظهر جلياً على أطفال غزة من ناحية ميولهم للعنف والألعاب الحربية.

وهو أيضا نتيجة للعنف الأسري الذي يعتبر من ناحية أخرى من الآثار النفسية المباشرة للحرب، وأن هؤلاء الأطفال المدمرين نفسياً. عمال ومهندسو وأطباء الغد عناصر غير صحيحة نفسياً، فكيف لمجتمع أن يقوم بنفسية و بنية متآكلة تشكو من علة؟ وقد أكد معظم أفراد هذه الفئة المعارضة للزيادة السكانية في قطاع غزة أنهم لا يريدون لأطفالهم أن يعيشوا التشريد والخوف والرعب الذي عاشوه خلال العدوان المتكرر على قطاع غزة.

أما من الناحية الاجتماعية فيؤكدون أن ضيق العيش والفقر وقلة العمل قد جعلت من الناس عرضة للمشاكل والقطيعة الاجتماعية؛ فحوالي 73 بالمئة من العائلات في قطاع غزة تواجه ارتفاعاً في حوادث العنف القائم على النوع الاجتماعي، وحسب تقرير المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان عام 2016. فقد سجلت المحاكم الشرعية في غزة ما نسبته 20 بالمئة من حالات طلاق بسبب مواقع التواصل الاجتماعي مثل الفيس بوك وغيرها عام 2014.

إضافةً إلى ارتفاع نسبة الانتحار لـ 40 بالمئة ما بين عام 2013 و2015 حسب ما أصدره المرصد الأورو متوسطي لحقوق الإنسان الذي سجل في الربع الأول من عام 2016 حوالي 208 محاولة انتحار لقي خلالها 6 مواطنين مصرعهم، أي بمتوسط من 2-3 محاولات انتحار يومياً في قطاع غزة. وهي نسبة يشهدها تاريخ القطاع لأول مرة، إضافة إلى ارتفاع معدل العمالة بين الأطفال الذي كان عاملاً في ازدياد حالات التحرش.

700 مواطن في غزة يعانون من الفشل الكلوي و20 بالمئة منهم بحاجة إلى عملية زرع كلى

من الناحية الصحية، بين تقرير المرصد أن المستشفيات في القطاع تعمل بأقل من 40 بالمئة من إمكاناتها، فيما تؤجَل بعض العمليات في أكبر مستشفيات القطاع لفترة تصل إلى 18 شهراً. وفي نوفمبر 2015 اتجهت القوات الإسرائيلية لتشديد القوانين المتعلقة بمنح التصاريح لمرافقي المرضى تحت سن 55 عاماً، حيث يتم غالباً ابتزاز المرضى الذين يتم تحويلهم للخارج عبر معبر إيرز ، للحصول على معلومات أمنية.

وقد صرحت وزارة الصحة في قطاع غزة عام 2015 أن 700 مواطن في غزة يعانون من الفشل الكلوي و20 بالمئة منهم بحاجة إلى عملية زرع كلى، أما حصة مرض السرطان من الساحة فيتم تشخيص من 80-90 حالة جديدة شهرياً بحيث تتراوح نسبة الزيادة بالإصابة بالمرض من 10-12 بالمئة كل سنة.

وحسب تقرير وزارة الصحة عام 2015 فيرجع  المرض إلى الأسلحة المحرمة دولياً التي يستخدمها الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الأعزل، والتي تبقى ترسباتها في التربة ويظهر أثرها على المدى البعيد، بالإضافة إلى المواد الكيمياوية التي يتم استخدامها في الزراعة أو في بعض المنتوجات الصناعية بحسب ما أدلى به خبراء ومختصون.

وأشارت إحصائية أجراها معهد المياه والبيئة بالتعاون مع منظمة اليونيسيف عام 2015 أن ما نسبته 73 بالمئة من تلك المياه في قطاع غزة ملوثة من الناحية البيولوجية وأن 95 بالمئة منها غير صالحة للشرب.

وفي السياق نفسه أعلنت الأمم المتحدة مؤخراً أن قطاع غزة لن يصبح مؤهلاً للحياة ابتداءً من عام 2020، وهنا يجدر بنا التساؤل هل يصلح للحياة في الفترة الحالية؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.