شعار قسم مدونات

درويش على سفح الجبل

blogs - milky
تراهات صُوفِيَّة لِدَرْوِيشٍ عَلَى سَفْحِ الْجَبَلِ، يَبْحَثُ عَنِ اللَّهِ بَيْنَ الكهوف وَالْجِبَالِ، يَطْرُقُ بِالطَّبْلَةِ بِصَوْتِ عَالِيا، وَيَهْتَز يَمينَا وَيَسَارَا قَائِلًا: اللَّهُ اللَّهِ اللَّهِ .

وَيَسْأَلُ:
أَبَحْث عَنِ اللَّه، عَنِ الرّوحِ عَنْ مَا أَنَا فِيهِ، لَا أَجِدُّ شَيْئًا ،وَلِمَاذَا خُلُقَنَا؟ وَلِمَاذَا نُعَيشُ؟، وَمَا الْقِدْرُ؟ وَأَيْنَ الرّوحِ أَظُنُّ ان الاسئلة تَفَضِّي إلى الْكَمَال، وَالْكَمَال لَا يُغَنِّيَ مِنَ الْحُقِّ شَيْئًا، وَأَظُنُّ أَنَّ الْأسْئِلَةَ الْوُجُودِيَّةَ تَفَضِّي إِلَى الْجُنُونِ مضت سنوَاتٌ وَلَا اِعْلَمْ مِنْ أَنَا، وَلَكُن أَحَيَّا حَيَاةُ كَامِلَةُ بِدَاخِلِ رَأْسِي، هُنَاكَ عَالِمَ آخر، أنت كَيْفَ وَجَدَّتْ نَفْسكَ؟ هَلْ أَذَهَبُ إلى الجبال ، حَيْثُ أَجْلِسُ وَأَرَى مِنْ أَنَا.

أبْعَثْ كطِفْلٌ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، مِثْل جاك فِي فَيلم "Room" لَا يَعْلَمَ أدنى مَعْرِفَةٍ عَنِ الْعَالم الْخَارِجِيِّ، سَيَكْتَشِفُ بِنَفْسهُ بَعيدًا عَنِ الْاِكْتِسَابِ وَالتَّلْقينِ.

كُلُّ مَرْحَلَةٍ هِي مَرْحَلَةُ اِنْتِقَالِيَةٍ، لَا أَكْتَرِثُ وَأَتَمَسَّكُ بِشَيْءٍ، سَرِعَةُ دَوَرَان الْكَوَاكِبِ وَالْوَقْتِ مُتَتالِيَةُ دُونَ تَوَقُّفٍ، حَرَكَة أشجار النَّخِيلَ مِنْ أَمَامي تُخِيفِينَي، فَهِي تَعْلَمَ مِنْ هِي وَلِمَاذَا خَلِقْتِ؟، اِهْتِزَازَهَا يَبْعَث سكرة عُقُلٍ وَتَنْبُشُ فِي خَرَائِب الرّوحِ، مُضَّتْ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُون دَقيقَة وأنا اُنْظُرْ إلِيهَا، اِهْتِزَازهَا مُتَنَاغِمٍ عَلَى لَحْن مُوسِيقَي مُنْتَظِمٍ، لُحِنَ صَادِقٌ.

أما الْكُتُبَ مِنَ أمامي مُؤْذِيَةٌ، الْمَعْلُومَاتُ وَالرِّوَايَاتُ أيضا كَاذِبَةٌ، لَا أَدَرِّيٌّ لم أَجَد كُل كَاتِبِ كَاذِبٍ، ولَا أَحْتَاجُ أن أقول أن كُلُّ كَاتِبِ يَتَحَدَّثُ عَنِ إيجاد الذات هُوَ ضَائِعٌ، لَا أقْصِدْ الذات بِمُعَنَّى التَّنْمِيَةِ الْبَشَرِيَّةِ، فَكُتِبَ التَّنْمِيَةُ خَرَابٌ، هِي الطَّرِيقُ إلى اللّاشَيْءَ، أَظَنَّ أن الْكُتُب تَجْيَدُ اِرْتِدَاءُ الأقنعة الْمُنَاسَبَةَ.

اُنْظُرْ إلى الهوية لأتذكر مَا هُوَ دَيِّنِي، الْعَيْشُ مَعَ الْجَمَاعَةِ مُمِيت فَعلَا، تُوَاكِبَ التَّيَّارُ وَتَفْقِد نَفْسكَ، لِيَأْتِيَ يَوْمُ كَهَذَا وَتَسْأَلَ مِنْ أَنَا وَأُشَاهِدُ خَرَائِب وَلَيْسَ جَسَدُ وَفِكَرٌ؟ أَعَلْمَ أننا خُلُقنَا لِسَبَبٍ، وَكُلُّ شَخْص يُوَازِنَ الْعَالِمُ مِنْ طُرَفِهِ، لَكُنَّ لَا أعْلَمْ أين طَريقي، فِي كُلُّ طَرِيق يَقُولَ جَلَاَلُ الدِّينِ الرُّومِيِّ " أَنْتَ عَلَى الطَّرِيقِ الصَّحِيحِ" وَلَكُنَّ لَمْ يَكُنْ صَحِيحَا وَلَوْ لِدَقيقَةٍ.

أَعَيْشُ فِي عَالِم فَائِض بالْمَعْرِفَةِ وَالنُّصُوصِ الْمَنْسُوخَةِ، تُرى هَلْ يمكُن أَنْ نخْلَق مِنْ جَديدٍ، سَيُكَونُ اِكْتِشَافا مُثِيرا وَجَديدا لِلْعَالم.

بَعيدًا عَنِ التَّلْقينِ الثَّقَافِيِّ أو الْعَادَات وَالتَّقَالِيد، وَبَعيدَا عن الْحُدودِ الفكرية الَّتِي تَشَكَّلْت كَقَفَص خِلَالَ السّنوَاتِ.

 أبْعَثْ كطِفْلٌ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، مِثْل جاك فِي فَيلم "Room" لَا يَعْلَمَ أدنى مَعْرِفَةٍ عَنِ الْعَالم الْخَارِجِيِّ، سَيَكْتَشِفُ بِنَفْسهُ بَعيدًا عَنِ الْاِكْتِسَابِ وَالتَّلْقينِ، بِشُغُفِ وَتَعَطُّشِ لِلْمَعْرِفَةِ، الْاِعْتِيَادَ عَلَى وُجُود الاشياء مُنْذُ الأزل يمحي دَهِشَتَهَا، تصبح وَكَأنَهَا غَيْرُ مَوْجُودَةٍ وَحَتَّى لَا تَشْعُرُ بِوُجُودِهَا أصلا، وَلَكُنَّ السُّؤَّالُ عَنْ بِدَايَاتٍ الأشياء يُوقِظَ السُّكُونُ، لِنَعُدُّ إِلَى الْبِدَايَةِ، لِنُقِفَ خُطْوَةُ بِخُطْوَةٍ.

توقف، تِلْكَ تراهات صُوفِيَّة فِي مُذَهَّبٍ لَا يُوجِدُ فِيهِ أَيُّ أُسس وَقَوَاعِد، وَهُوَ أَقَرِبَ إلى الجاهلية وَمَا قَبْلَ الإسلام، اللَّهُ مَوْجُودٍ فِي كُلُّ مَكَانِ وَزَمَانِ، اِسْتَيْقَظَ، اِسْتَيْقَظَ، اِسْتَيْقَظَ قَبْلَ أَنْ يَنَامَ الآخرون مِثْلكَ ، هناك الكثيرون من الضائعين امثالك، لا تجرهم إلى الهاوية، وَيَنْقَطِعَ الْخَطُّ…
إنهاء الدردشة

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.