شعار قسم مدونات

لماذا الفرقة الحمقاء تجمعنا؟

blogs - arab

1916 هو العام الذي قام فيه كلا من الدبلوماسي الفرنسي فرانسوا جورج بيكو والبريطاني مارك سايكس بمفاوضات سرية للتوصل إلى ما يعرف حاليا باتفاقية سايكس بيكو، وكانت هذه الاتفاقية عباره عن تفاهم مشترك بين فرنسا وبريطانيا وبموافقة روسيا على توزيع أراضي الدولة العثمانية في غرب آسيا بين مناطق سيطرة ومناطق نفوذ لكلا الدولتين، ولقد قسمت هذه الاتفاقية وما تبعها من اتفاقيات الجزء الشرق من أراضي الدولة العثمانية -أراضي بلاد الشام والجزيرة العربية- إلى كيانات ودول صغيره يصل عددها حاليا إلى إحدى عشر دولة.

 

الآن، وبعد مرور مائة عام على اتفاق مارك سايكس وفرنسوا بيكو بدأ يظهر على السطح العديد من التفاهمات والمؤامرات لإعادة تقسيم المنطقة إلى كيانات أقل حسب الطوائف الدينية والعرقية وتعتبر أشهر هذه الخرائط هي خرائط رجل المخابرات والدبلوماسي والأكاديمي المخضرم برنارد لويس وخرائط رجل المخابرات الإسرائيلي أودد بينون الذي يتوقع من خلالهما أن الإحدى عشر دولة سيصبحون عما قريب ما يقرب من 18 كيانا أصغر.

 

بعد سقوط الدولة العثمانية، بدأ العالم الإسلامي في السقوط إلى مرحله من التفتت والتشرذم على يد حكومات تأبى الاتحاد ثانية خشيه ضياع نفوذها وسلطانها، لينتج عن دولة ال عثمان الكبرى 57 دولة صغرى لا تأبه الا بمشكلاتها الاقتصادية الداخلية.

على حسب هذه المخططات قد تصبح العراق عما قريب 3 دول -دولة سنية ودولة شيعية ودولة كردية- وستصبح اليمن دولتين -شمال وجنوب- وهناك مخطط يهدف إلى استقلال الجزء الشرقي من المملكة السعودية وقد تنفصل سيناء عن مصر ومن يعلم عندما تنتهي الحرب في الشام، كم دولة ستكون سوريا ولبنان؟

 

السرد التاريخي للأحداث

بعد سقوط الدولة العثمانية في 29 من أكتوبر سنه 1923 وبدأ العالم الإسلامي في السقوط إلى مرحله من التفتت والتشرذم على يد حكومات تأبى الاتحاد ثانية خشيه ضياع نفوذها وسلطانها، لينتج عن دولة آل عثمان الكبرى 57 دولة صغرى لا تأبه إلا بمشكلاتها الاقتصادية الداخلية ولا يهمها ما يدور على الساحة السياسية العالمية.

 

في بادئ الأمر حافظت هذه الدول على بعض السيادة على أراضيها والدفاع باستماتة على سيادتها الداخلية والخارجية ولكن سرعان ما انجرفت هذه الدول في تيار التبعية الثقافية والاقتصادية للدول الكبرى، لتجد هذه الدول نفسها في دوامة التبعية التي لا تستطيع التحرر منها، لتصبح هذه الدول مجرد أشباه دول وكيانات ليس لديها هدف إلا المحافظة على المصالح الاقتصادية والاستراتيجية للدول التابعة لها.

 

لنصل إلى الوضع الحالي فكما هو جلى للجميع الان الوضع المتدهور التي تعيشه الدول العربية والإسلامية من أزمات اقتصادية ومشكلات سياسية واضطرابات داخلية تهدد بتفتت هذه الدول الصغيرة إلى دويلات أصغر، فبينما مازلنا نتحدث عن حدود سايكس بيكو ونتغنى بالحلم العربي أو حلم الدولة الكبرى يتضح لنا الآن مخطط جديد ينفذ على الأرض يهدف إلى تقسيم هذه الدول إلى دويلات أصغر.

 

ليقودنا هذا إلى السؤال الحتمي – ما هو الهدف من تقسيم المقسم؟

على الرغم من صعوبة الإجابة على هذا السؤال إلا أن الغرض الفعلي من التقسيم هو نفس الغرض الذي من أجله يمنعك الغرب من التمكن من عمل اكتفاء ذاتي من أي شيء، الغرض من هذا التقسيم باختصار هو إبقاء الدول العربية والإسلامية مجرد سوق لتصريف سلعهم ومنتجاتهم وعدم وضع في يدك مجرد الإمكانية للنهوض في حالة إذا فقد عملاءهم السيطرة على الوضع في هذه الدول.

 

مما تقودنا هذه النتيجة الى السؤال التالي، ما هو الخطر أو التهديد الذي يخشاه الغرب في اتحاد العرب أو المسلمين تحت مظلة دولة واحدة؟

 

يمكنني أن أجيبك على هذا السؤال بكل ثقة بأن مجرد بوادر اتحاد سياسي أو عسكري أو حتى اقتصادي بين هذه الدول سيؤدي إلى وضع الاقتصاد الغربي في مأزق يتحاشاه منذ أكثر من قرن من الزمان وظهور قوة عسكرية في الشرق الأوسط تسيطر على جميع الطرق -البرية والبحرية والجوية- التي تربط طرفي العالم ببعض يضع كلا من أمريكا وأوروبا وإسرائيل في كابوس فعلي تفضل كلا منهم صرف مليارات الدولارات ودخول عشرات الحروب كي لا يصبح حقيقة.

 

لنستطلع بعض الأرقام لو اتحدت الدول العربية تحت غطاء دولة واحدة

1- ستكون مساحة هذه الدولة حوالي 14 مليون كم مربع.

2- ستكون دولة غنية بالموارد البشرية حيث سيتعدى سكانها 386 مليون نسمه على أقل تقدير وستتعدى مساحة الأراضي الزراعية فبها 600 ألف كيلو متر مربع.

3- سيكون إنتاج هذه الدولة من البترول حوالي 33 في المائة من إنتاج العالم وسيكون إنتاجها من الغاز حوالي 15فى المائة من إنتاج العالم.

4- سيكون الناتج المحلى لهذه الدولة حوالي 6 تريليون دولار.

5- ستبلغ ميزانية هذه الدولة حوالي 123 مليار دولار وستحتل بذلك المركز الثالث على مستوى العالم.

6- ستكون أقوى دولة عسكرية في العالم بـ 2.5 مليون مجند.

7- ستتصدر دول العالم بأكبر ثروة طبيعية باطنية وبحرية على الإطلاق.

 

جميع المخططات التي تلعب على الأرض هي مخططات التقسيم التي تصب في صالح أمريكا وأوروبا وإسرائيل، بل ما يجعله أكثر دراماتيكية هو عدم وجود مخطط عربي أو إسلامي مضاد.

ماذا لو اتحدت الدول الإسلامية تحت غطاء دولة واحدة

1- ستكون مساحة هذه الدول حوالي 32 مليون كم مربع.

2- الناتج المحلي للدول الإسلامية عام 2014 حوالي 9.4 تريليون دولار.

3- متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في الدول الإسلامية بلغ 6076 دولار في عام 2013م.

4- سيبلغ عدد سكانها ما يزيد عن 26 في المائة من سكان العالم بتعداد يزيد عن 1 مليار و700 مليون عام 2008.

5- تحتوي الدول الإسلامية على أكثر من 250 نهر من أكبر أنهار العالم بخلاف ما يقارب 1000 نهر صغير.

6- ستسيطر هذه الدولة على كل طرق التجارة الدولية حيث ستمتلك هذه الدول أكثر من 12 مضيق منها مضيق هرمز وباب المندب وجبل طارق هذا بخلاف قناة السويس ومن المتوقع أنه سيمر من خلال هذه الدولة أكثر من 80 في المائة من التجارة الدولية.

7- ستسيطر هذه الدولة الإسلامية على حوالي 17 بحر و3 محيطات و4 بحيرات مشتركة مع دول أخرى.

8- تتميز كلا من باكستان وإيران ومصر وتركيا وإندونيسيا وكازخستان بمصانعا السلاح التي بإمكانها أن تكون نواة قوية لجيش قوي.
 

وهذا بالتأكيد ما تدركه كلا من أمريكا وأوروبا جيدا وتسعى بكل السبل إلى عدم تحقيقه بل تسعى إلى جعله مستحيلا لا يمكن تحقيقه، ما يجعل الأمر دراماتيكيا هو أن جميع المخططات التي تلعب على الأرض هي مخططات التقسيم التي تصب في صالح أمريكا وأوروبا وإسرائيل، بل ما يجعله أكثر دراماتيكية هو عدم وجود مخطط عربي أو إسلامي مضاد لمخططات التقسيم هذه.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.