شعار قسم مدونات

مل المقام يا سيسي.. ويا بشار

BLOGS- سوريا
هرب بن علي، واستقال مبارك، وقتل القذافي، وأرغم صالح على الاستقالة قبل أن يعود فوق دبابات الحوثيين مكللا بأسلحة حلفائهم الإيرانيين، وظن الجميع أن العالم العربي يسطر تاريخا جديدا لأمة ظلت لعقود تسطر لنفسها تاريخا مزيفا.

يقول المعري في ديوانه لزوم ما لا يلزم "مل المقام فكم أعاشر أمة أمر بغير صلاحها أمراؤها" فعلا مل المقام، أو زاد مللا إن صح القول، فلا شيء تغير سوى الزمن، الفقير ازداد فقرا والغني ازداد غنى والحكام زادوا غلوا وطغيانا، والشعوب اكتسحتها الانقسامات هذا يساري وهذا إخواني وفلان سلفي والآخر سلفي جهادي، والتيارات تتعدد وعلى أساسها يعامل كل متبن لها.

لعلي أبدأ من بلدي، أتعرفون ما هو الباب المفضل لشباب تونس بعد ثورة مثلوا شعلتها الأولى؟ هو ببساطة باب المطار فيه الفرج والفرج هو. تونس التي يصنفها المجتمع الدولي كأنموذج لبلدان الربيع العربي فما بالك بالبقية، تسلم الشعلة الأولمبية من بلد إلى بلد وسط ابتهاج واحتفالات وغبطة وتسلم السلطات في أمتي على جثث القتلى وإزهاق الأرواح البريئة.

يحصل أن تقود الضرورة حيث لا يقود العقل، تلك حكمة الأسد بن أبيه، الكرسي والسلطة، يسبقان البلاد والعباد، فقيادة بلد مدمر عن بكرة أبيه شرف لدى أمثاله ممن يتغدون لحما ويسقون دما.

ومصر وسوريا مثال، فالسيسي والأسد وإن اختلفا فكلاهما وجهان لعملة واحدة ينطبق عليهما قول المعري "يسوسون الأمور بغير عقل وينفذ أمرهم ويقال ساسة"، "فأف من الحياة وأف مني وأف من زمن رئاسته خساسة".

قتل السيسي معارضيه وأحاط به الآلاف ممن يعدون أنفسهم مثقين وفنانين وشغل ماكينته الإعلامية والدينية حتى، وظن أنه بذلك امتلك أم الدنيا. ملأ السجون بمن افتك السلطة منهم لتلفق التهم وتنصب المحاكم والمشانق، ذنبهم أنهم إخوان وذنب السيسي وحاشيته أنهم غلاة قتلة وبين هذا وذاك قضاء مسيس وسيف يقطع وآلة إعلامية منحطة تهلل وتكبر.

أما الغلابة فلهم الله ما المشكلة إن ظلت ثلاجاتهم خاوية؟ فالقائد المفدى ظلت ثلاجته لعشر سنوات خاوية من كل شيء عدا الماء. بتنا محور العالم وقصة إعلامية لا تنتهي تتصدر عناوين الأخبار في أكبر الشبكات الإعلامية الدولية من سوريا إلى العراق إلى اليمن إلى ليبيا والقائمة تطول.

ليت السياب يعود لينادي شعبه من جديد عراق عراق عراق، وليت القباني يعود أيضا ليرثي حلب بقصائد تخلد للأجيال القادمة وليقرأ على جدرانها أمجاد أهلها كما قرأ في قصر الحمراء أمجاد طارق بن زيادة، سيعودون يا نزار، نقشوا ذلك في كل شبر من حلب، سيعودون ليبنوا مدينة قتل بشار أهلها وهجرهم ودمر معالم الحضارة فيها كما فعل بغيرها.

يحصل أن تقود الضرورة حيث لا يقود العقل، تلك حكمة الأسد بن أبيه، الكرسي والسلطة، يسبقان البلاد والعباد، فقيادة بلد مدمر عن بكرة أبيه شرف لدى أمثاله ممن يتغدون لحما ويسقون دما.

لك الله يا حلب لك الله يا سوريا، يا من تغنى الشعراء بمدنك القديمة وبالياسمينة التي تدلت بأغصانها لتعطر قلب شعب قتل وشرد وهجر وما زالت شوارع مدنه صامدة رغم ما سال فيها من دماء.

مل المقام يا سيسي ويا بشار، مل المقام وكما تدين تدان.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.