شعار قسم مدونات

كيف تجعل ابنك مُدمناً!

blogs - إدمان الانترنت

ذكر الكلمة دون تعريف يأخذ عقل المرءْ إلى معنى واحد وهو "المخدرات" أو غيرها من السلوكيات السيئة. أدمنَ على الشَّيء: أدامَ فِعْله ولازَمَه ولم يُقْلِع عنه، داوم عليه.. هذا، هو أحد التعريفات الخاصة بكلمة إدمان. والتي يشهد عصرنا الحديث بأنها لم تعد متمثلة في سلوك محض سيئ، وإنما تجاوز ذلك ليصبح عادات "تبدو" وكأنها شيء إيجابي، غير أنها في حقيقة الأمر غدت أسوأ مما يتصور البعض.

أبرز ما يشهده عصرنا المعاصر من مظاهر الإدمان التي تعددت في مجتمعاتنا، هو الإقبال على مواقع التواصل الاجتماعي بشكل فاق التصور، حتى غدا المرؤ يشاهد أسرة تجلس في مكان واحد بينما يمسك كل فرد من أفرادها بهاتفه ويسبح في عالم "الإدمان".

نحن نأخذ أبناءنا إلى شكل شديد الخطورة من "الإدمان"، فالطفل حين لا يشاهد أباه أو أمه في المنزل إلا وهو ممسك بهاتفه، ويقضي مع الهاتف أضعاف الوقت الذي يقضيه معه فإنه سيدرك أن مواقع التواصل والهاتف أقرب إلى الأب أو الأم من الأبناء..

وبحسب تقرير صادر عن موقع "مجلة محرك البحث" فإن مستخدمو فيسبوك، الذي يعد من أكثر مواقع التواصل الاجتماعي شهرة، يشكلون 47 بالمائة من إجمالي مستخدمي الإنترنت – بحسب المجلة، ويضغطون على زر لايك 4.5 مليار مرة يوميا، وسجل الموقع 4 مليارات مشاهدة يوميا لتسجيلات الفيديو. ووفقا للمجلة، فإن عدد الحسابات النشطة على وسائل التواصل الاجتماعي تصل إلى 1.7 مليار حساب، من أصل 2.1 مليار حساب، في حين أن عدد المستخدمين للإنترنت يصل إلى 3 مليارات مستخدم، أي ما يعادل 45 بالمائة من إجمالي عدد سكان الأرض.

 

نحن نأخذ أبناءنا إلى شكل شديد الخطورة من "الإدمان"، دون أن ندري، فالطفل حين لا يشاهد أباه أو أمه في المنزل إلا وهو ممسك بهاتفه، ويقضي مع الهاتف أضعاف الوقت الذي يقضيه معه، أو في الإنصات إليه أو الخروج معه، أو مساعدته في حل مشكلاته، فإنه سيدرك أن مواقع التواصل والهاتف أقرب إلى الأب أو الأم من الأبناء.

الأمر الأكثر خطورة أن بعض الآباء والأمهات يكونوا سعداء بإنشغال أبنائهم بهواتفهم، حتى يستريحوا من مشاكلهم. وأكثر من ذلك، حين تذهب بعض الأسر للتنزه تجد الأب أو الأم أكثر انشغالا بهاتفه من أبنائه.

إن الآباء والأمهات أمام مسؤولية مجتمعية هامة في ظل هذا الحصار الغير مسبوق من مواقع التواصل الاجتماعي. إنهم يشكلون قدوة لأبنائهم، في كل شيئ، سواء كان حسنا أو سيئا. على الأب والأم أن يسأل نفسه عن عدد الساعات أو الدقائق التي يقضيها أمام شاشة هاتفه ويقارنها بتلك التي يقضيها مع أبنائه. بل يسأل عن نفسه عن عدد الابتسامات التي يتركها على الفيسبوك أو تويتر أو مواقع التواصل الاجتماعي الأخرى بينما يطل على أبنائه بوجه عابس بل يكيل لأبنائه "الكلمات القاسية" لأنه قطع خلوته مع الهاتف.

بعض الناس يشتكون من انشغال أبنائهم بمواقع التواصل الاجتماعي بينما لا يعلم من أمر أبنائه شيئا. لا يعلم عن دراسته أو أصدقائه أو حساباته على مواقع التواصل شيئا، ويترك ابنه فريسة لتلك المنصات يقضي وقته متنقلاً بينها دون رقيب.

على الجميع أن يعيد مساءلة نفسه عن المسؤولية تجاه أبنائه، وأن يستدرك خطورة تلك العادات التي شكلت "إدماناً"، من أخطرها مواقع التواصل الاجتماعي. وأن ينصت لأبنائه، وأن يترك لهم مساحة من وقته وجهده، وأن يجعلهم أهم الأولويات، وأن ينزل آرائهم محل اهتمامه فكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.