شعار قسم مدونات

أطفال في حلبة الصراع السياسي الإسرائيلي

blogs- أطفال فلسطين
 
تستنطق وجوههم ألماً ووجعاً لتقول توقفوا عن الحرب والقتل قليلا، وانظروا في عيوننا وأسالوا عن أمنياتنا لعلها ترسم مستقبلا باهرا يضاهي مستقبل باقي أطفال العالم. ما زال المواطن الفلسطيني أينما استدار وجد الممارسات الإسرائيلية بوجهه منذ احتلال الأراضي عام 1948م، عاش ومازال خلال هذه السنوات أبشع صور المعاناة من فراق، وحرمان، و شقاء، وتهجير، وعاش كافة أنواع الصراع داخل حلبة محاصرة متمثلة بحسرة الفقدان، هدم البيوت، حرمانه من ابسط حقوقه " الحق في الحياة " مما ترتب على ذلك فقدان الحماية والعيش بأمان.
 

وكان للطفل الفلسطيني النصيب الأوفر من تلك المعاناة، فيتعرض الأطفال الفلسطينيون إلى شتى أنواع الاضطهاد والعنصرية الإسرائيلية، وازدادت شراستهم منذ اندلاع الانتفاضة، واتساعها لتشمل كافة مناطق ومحافظات الضفة.
 

الآثار النفسية للانتهاكات الإسرائيلية من قتل، وحرق، واعتقال، وتنكيل، تظل آثارها باقية في نفوس الأشخاص الذين تعرضوا للأذى، لتطال أولئك المستمرون في ترقب شاشات التلفاز.

ووفقا لإحصائيات نادي الأسير الفلسطيني بلغ عدد الأطفال الذين تم اعتقالهم ما يقارب 350 طفلا خلال عامي 2015 و 2016، ما بين موقوفين ومحكومين . لقد بلغت نسبة الأطفال في المجتمع الفلسطيني ما يقارب 30 بالمائة ضمن الفئة العمرية 1 – 18 عاما، وهم ضحايا النزاع المسلح والعنف الممارس من قبل الاحتلال الإسرائيلي. حيث يمارس المستوطنون المتطرفون أبشع الجرائم في حق النفس البشرية، فجميعنا نذكر الطفل "محمد أبو خضير" البالغ من العمر 16 عاما، الذي قام المستوطنون المجرمون بحرقه والتمثيل به.
 

ومن ثم محرقة عائلة الدوابشة والذي كان الطفل "أحمد الدوابشة" البالغ من العمر خمس سنوات آنذاك والناجي الوحيد منها، ومحاكمة أحمد مناصرة ذو 14 عاما وحكم عليه بالسجن لمدة 12 عاما، والطفل شادي فراح أصغر معتقل وغيرهم من الاطفال القابعين خلف قضبان السجون الاسرائيلية. هذه الممارسات القمعية واللاإنسانية خرقت كافة المواثيق والحقوق الدولية ذات العلاقة بحماية الطفل وحقوقه واحتياجاته.

إن واقع الطفل الفلسطيني بات متدهورا بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وإجراءاته العسكرية، وسياسات الإغلاق والحواجز العسكرية، والأوضاع السياسية والاجتماعية والتعليمية والاقتصادية والنفسية، أثرت بشكل سلبي على حصول هؤلاء الأطفال على حقوقهم وكانت عائقا في الوصول إلى الخدمات الصحية والتعليمية والحماية الاجتماعية والعيش بكرامة وأمان.
 

والجدير بالذكر أن الآثار النفسية للانتهاكات الإسرائيلية من قتل، وحرق، واعتقال، وتنكيل، تظل آثارها باقية في نفوس الأشخاص الذين تعرضوا للأذى أو الضرر المباشر، لتطال أولئك المستمرون في ترقب شاشات التلفاز لمعرفة ما يدور من أحداث سيئة، قد يكون البالغ اقدر على استيعابها وتفهمها، بعكس الطفل الذي قد لا يدرك الأحداث.
 

ولكون مرحلة الطفولة مرحلة مهمة في حياة الإنسان وتشكل ركيزة أساسية في بناء الشخصية المستقبلية، فإن تعرض الطفل لمشاهد العنف قد ينفعل معها ويتشكل لديه الفكر الخاص لديه بدون إدراك دوافع وأسباب ما يشاهد. وأكثر ما يتأثر بذلك أولئك الذين تعرضوا لصدمة استشهاد أو اعتقال أحد أقاربهم، أو هدم منازلهم بشكل مباشر، فظهرت عليهم آثار تتمثل في الصدمة والتشتت، وعدم التركيز، والحزن، والاكتئاب، وعدم الشعور بالأمان، والكوابيس، ومشاكل التبول اللاإرادي، وقلة الشهية وقلة النوم.
 

بالرغم من كل ما يحيط بالطفل الفلسطيني من قسوة وظلم وانتهاك لحقوقه، يحتاج إلى الدعم والمساندة في تعزيز الصمود والحفاظ على الحياة، وتوجيههم لتعزيز الهوية والانتماء.

إضافة إلى ظهور مجموعة من الاضطرابات السلوكية والاجتماعية والتعليمية كالخوف والقلق وعدم الرغبة في الحياة، والبكاء، واضطرابات الصدمة، والعصبية، والصراخ، والرغبة في الانتقام، والعزلة الاجتماعية، وتدني تقدير الذات، وإشعال الحرائق. ليمتد لفقدان الرغبة في التعليم والتسرب من المدارس، مما أثر على سير العملية التعليمية بسبب مداهمة المدارس ورمي قنابل الغاز، والمداهمات الليلية واعتقالهم.
 

وبما أن الأطفال في المجتمع الفلسطيني يشكلون نسبة 30 بالمئة، هذا يعني إمكانية استثمار هذه الشريحة من المجتمع بات ضرورة ملحة، لضمان حقوقهم وتوفير الفرص للعيش بكرامة وأمان. فعلى جميع المؤسسات الرسمية وغير الرسمية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، والمؤسسات ذات العلاقة في تكثيف الجهود لحماية الأطفال من الجرائم التي تمارس ضدهم، في الوقت الذي سلطات الاحتلال الإسرائيلي تحاول تشديد العقوبات على القاصرين من الأطفال المعتقلين لديهم.
 

بالرغم من كل ما يحيط بالطفل الفلسطيني من قسوة وظلم وانتهاك لحقوقه، يحتاج إلى الدعم والمساندة في تعزيز الصمود والحفاظ على الحياة، وتوجيههم لتعزيز الهوية والانتماء والاستمرار في مواجهة أكبر تحدي وصراع أبدي وجودي مع الهيمنة الإسرائيلية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.