شعار قسم مدونات

هل خان المماليك شجر الدر؟ (1)

blogs - شجر الدر
المماليك هم سلالة من الجنود حكمت مصر والشام والعراق وأجزاء من الجزيرة العربية أكثر من قرنين ونصف القرن، وبالتحديد من 1250 إلى 1517، تعود أصولهم إلى آسيا الوسطى، قبل أن يستقروا في مصر، والتي أسسوا بها دولتين متعاقبتين كانت عاصمتها هي القاهرة: الأولى دولة المماليك البحرية، ومن أبرز سلاطينها عز الدين أيبك وقطز والظاهر بيبرس والمنصور قلاوون والناصر محمد بن قلاوون والأشرف صلاح الدين خليل الذي استعاد عكا وآخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام، ثم تلتها مباشرة دولة المماليك البرجية بانقلاب عسكري قام به السلطان الشركسي برقوق الذي تصدى فيما بعد لتيمورلنك واستعاد ما احتله التتار في بلاد الشام والعراق ومنها بغداد. فبدأت دولة المماليك البرجية الذين عرف في عهدهم أقصى اتساع لدولة المماليك في القرن التاسع الهجري الخامس عشر الميلادي. وكان من أبرز سلاطينهم برقوق وابنه فرج وإينال والأشرف سيف الدين برسباي فاتح قبرص وقانصوه الغوري وطومان باي.

كان هؤلاء المماليك عبيدا استقدمهم الأيوبيون زاد نفوذهم حتى تمكنوا من الاستيلاء على السلطة سنة 1250. كانت خطة هؤلاء القادة تقوم على استقدام المماليك من بلدان غير إسلامية، وكانوا في الأغلب أطفالاً يتم تربيتهم وفق قواعد صارمة في ثكنات عسكرية معزولة عن العالم الخارجي، حتى يتم ضمان ولائهم التام للحاكم بفضل هذا النظام تمتعت دولة المماليك بنوع من الاستقرار كان نادرا آنذاك، قام المماليك في أول عهد دولتهم بصد الغزو المغولي على بلاد الشام ومصر، وكانت قمة التصدي في موقعة عين جالوت. بعدها وفي عهد السلطان بيبرس 1260-1277، والسلاطين من بعده، ركز المماليك جهودهم على الإمارات الصليبية في الشام. قضوا سنة 1290، على آخر معاقل الصليبيين في بلاد الشام عكا.

أصبحت القاهرة مركزا رئيسا للتبادل التجاري بين الشرق والغرب، وازدهرت التجارة ومعها اقتصاد الدولة، قام السلطان برقوق 1382-1399، بقيادة حملات ناجحة ضد تيمورلنك وأعاد تنظيم الدولة من جديد. حاول السلطان برسباي 1422-1438، أن يسيطر على المعاملات التجارية في مملكته، كان للعملية تأثير سيئ على حركة هذه النشاطات. قام برسباي بعدها بشن حملات بحرية ناجحة نحو قبرص.

يكون أصل المماليك من الأتراك والروم والأوروبيين والشراكسة افتداهم مندوبو السلاطين ووكلاءهم وتم جلبهم إلى الدولة بعد ذلك ليستعينوا بهم في تقوية الجيش.

منذ عام 1450، بدأت دولة المماليك تفقد سيطرتها على النشاطات التجارية. أخذت الحالة الاقتصادية للدولة تتدهور. ثم زاد الأمر سوءا التقدم الذي أحرزته الدول الأخرى على حسابهم في مجال تصنيع الآلات الحربية. وسنة 1517، يتمكن السلطان العثماني سليم الأول من القضاء على دولتهم، ضمت مصر، الشام والحجاز إلى أراض الدولة العثمانية.

تمتع المماليك خلال دولتهم بشرعية دينية في العالم الإسلامي وهذا لسبيبن، تمكلهم لأراضي الحجاز والحرمين، ثم استضافتهم للخلفاء العباسيين في القاهرة منذ 1260، وكانت تسمية المماليك تشير إلى العبيد البيض الذين كانوا فرسانا وجنودا محاربين يؤسرون في الحروب أو أطفالا صغارا يخطفون في غارات لصوصية أو كسبايا في حروب يتم عرضهم على مندوبي الدول والحكومات في أماكن خاصة حيث يتم افتداؤهم بمبالغ مالية تدفع للمسؤلين عنهم، ويتم جلبهم إلى الدولة المعنية وهي هنا الدولة الأيوبية ومن قبلها الدولة العباسية ليتم تعليمهم وتدريبهم في مدارس عسكرية خاصة ليتخرجوا منها قادة وفرسانا وجنودا مؤهلين يرفدون الجيش ويمدوه بدماء وخبرات وقدرات جديدة تزيد في قوة الجيش ومنعة الدولة، وقد استولوا على الحكم في مصر في نهاية حكم الدولة الأيوبية بمصر وضعف وعدم أهلية ملوكها وسلاطينها.

قد كانت فكرة الاستعانة بالمماليك في الشرق الأدنى منذ أيام العباسيين. وأول من استخدمهم كان الخليفة المأمون، ولكن استقدم الخليفة العباسي المعتصم بالله جنود تركمان ووضعهم في الجيش كي يعزز مكانته بعدما فقد الثقة في العرب والفرس التي قامت عليهم الدولة العباسية، ولقد شجع ذلك الخلفاء والحكام الآخرين في جلب المماليك، واستخدم حكام مصر من الطولونيين والأخشيديين والفاطميين والأيوبيين المماليك.

أحمد بن طولون 835-884 كان يشتري مماليك الديلم، ولقد كانوا من جنوب بحر قزوين، ووصل عددهم إلى 24 ألف تركي وألف أسود و 7 آلاف مرتزق حر. جلب الأسرى من القفقاس وآسيا الصغرى إلى مصر من قبل السلطان الصالح أيوب، لذا يكون أصل المماليك من الأتراك والروم والأوروبيين والشراكسة افتداهم مندوبو السلاطين ووكلاءهم وتم جلبهم إلى الدولة بعد ذلك ليستعينوا بهم في تقوية الجيش وزيادة قدراته وأعداده. وكان كل حاكم يتخذ منهم قوة تسانده، ودعم الأمن والاستقرار في إمارته أو مملكته. وممن عمل على جلبهم الأيوبيون. كما كان المماليك يبايعون الملوك والأمراء، ثم يدربون تدريبا عسكريا راقيا ويتلقون علوما شرعية وعلوما عامة ويربّون على الطاعة والإخلاص والولاء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.