شعار قسم مدونات

السياحة الجنسية والاقتصاد السفلي

BLOGS - السياحة
في ظل بروز أهمية علم الاقتصاد في قدرته على النهوض ببعض الأمم وجدت أن هناك ما يدعى "الاقتصاد السري"؛ فهناك في الخفاء اقتصادات أخرى داعمة -وربما أساسية- ومنها الاقتصاد السفلي، وله كتاب كامل يشرح فيه بالأرقام أهمية هذا الاقتصاد بالنسبة لبعض الدول -ولا سيما أمريكا- التي يلعب فيها دورًا مهما مماثلا لدور الشركات العملاقة مثل جنرال موتور ومايكروسوفت، وهذا ما ذكر في مقدمة الكتاب:
 

1- بدأ الأمر مع مجلة إباحية عام 1953؛ حيث بدأ تنظيم هذه الصناعة، وازدهرت إلى درجة خيالية. 
2- وادي الإباحية: وادٍ في أمريكا وصل في عام 1970 إلى الذروة في استضافته أكبر عدد من شركات إنتاج أفلام الكبار، ويعمل فيه عشرون ألف شخص بهذه الصناعة.

تتحرك سوق الجنس مستفيدة من التسهيلات العنكبوتية والتقنية الحديثة كتجارة بؤس تزدهر بالإفقار السريع المنتج للراغبين في الهجرة أو الفرار من وضع غير إنساني.

3- في عام 2004 أنشأ ألماني عمره 26 عامًا شركة لتشغيل الأفلام الإباحية وإدارتها عبر الإنترنت، وأصبحت عملاقًا منشئًا للمواد الإباحية، مدفوعًا بخبرة كبيرة في البرمجة، وطموحًا جامحًا، وفي عام 2012 استحوذت على معظم مواقع الإنترنت الأكبر على الشبكة، وكان هدف هذا الشاب السيطرة على العالم من خلال احتكار صناعة الإباحية على المستوى العالمي.
4- بدأت السلطات الضريبية سلسلة من الملاحقات الضريبية للألماني، وفي أكتوبر 2013 باع حصته في الشركة بثلاثة وسبعين مليون يورو.

5- تمتلك الشركة الآن ثمانين بالمئة من المواقع الإباحية على الإنترنت، وتستخدم الشركة خوارزمية لا تختلف عن الخوارزميات التي تستخدمها شركات مثل أمازون، أو الإعلانات على فيس بوك، على أساس تاريخ التصفح لمرتادي هذه المواقع في أي مكان آخر، وعلى أساس موقعهم الجغرافي، وبالتالي يمكننا القول: إن أنماط استخدام الإباحية الخاصة بالأفراد تتشكل إلى حد كبير من قبل شركة "مايند جيك"، فهم يسيرون وفقًا للمبدأ الاقتصادي بأن السوق يمثل مجموع الرغبات والاحتياجات البشرية؛ وبالتالي مهمتهم الأساسية هي توجيه هذه الرغبات والاحتياجات والتحكم فيها.

6- النهج الجديد: موقع واحد وهو الأعلى مشاهدة 2.5 مليار مشاهدة شهريا، وبطلته العام الفائت عربية، ويحوي 200 تيرا بايت مواد إباحية أي 50 ألف ساعة، ومن ثم هناك سبب واضح ومبرر قوي لعدم إنتاج مواد إباحية جديدة؛ لأنه ببساطة قد تم عمل كل شيء، وكل شيء متاح مجانًا على الإنترنت.

7- بالإضافة إلى أن التكلفة على المستهلكين وصلت الآن إلى صفر؛ إذ تمكث كميات مهولة منها في مساحات تخزينية سحابية مجانية، وبالتالي -كنتيجة طبيعية لما سبق، ومع صعوبة قدرة المواد الإباحية الجديدة على الحصول على الأموال مقابل جهودها- فالنتيجة واضحة إذن، وهي أن هذه الصناعة يجب أن تموت قريبًا، والازدهار المتزايد الملحوظ ليس إلا أملا من النجوم الإباحيين في تقديم خدماتهم الجنسية إلى معجبيهم، وأملا من أصحاب المواقع والشركات في بيع الإعلانات، فإذا كانت شركة أفلام إباحية تمتلك يوميا مئة مليون زائر، لكل منهم دقيقة واحدة على أقل تقدير، فهو سوق خصب للإعلانات.

8- يعاد الآن إعادة هيكلة هذه الصناعة، فهي تنتقل من أساليب العرض التقليدية السابقة إلى آليات جديدة، والنهج الجديد هو محاولة ربط العالمين الحقيقي والافتراضي، من خلال العروض الحية عبر كاميرات الويب؛ إذ يدفع العميل أربعة دولارات في الدقيقة لتقديم عرض شخصي له، فأحد هذه المواقع المشهورة -ولديه أربعون مليون زائر يوميًا- مؤسسة أغنى رجل في المجر.
 

إحصائيات أخرى
إيرادات هذه الصناعة في أمريكا وفق CNBC في عام 2012 تبلغ 15 مليار دولار، أي أكثر من كرة القدم والبيسبول والتنس مجتمعة. ووفقا لإحصائيات الأمم المتحدة، تَعرف سوق الدعارة كل سنة انضمام أربعة ملايين مراهقة إلى هذه التجارة. ويفوق العدد الكلي للمومسات في العالم خمسين مليون امرأة، 75 بالمئة تتراوح أعمارهن بين 13 و25 سنة.
 

– منذ خمس سنوات، اعتبرت سياحة الجنس ثالث تجارة غير قانونية بعد الأسلحة والمخدرات، واختار عشرة بالمئة من أصل 842 مليون سائح وجهات زياراتهم لأسباب تتعلق بتوفر عرض وطلب بضاعة الجنس.

– وأثناء حديثها لأحد المواقع، قالت الناشطة النسائية سهام شتاوي مؤسِّسة عدة منظمات حقوقية، ومنها سافرات مغربيات: بخصوص الدعارة الاختيارية، لا يمكن أن ننكر أن الدعارة واحدة من الخدمات غير المقننة التي تساهم في اقتصاد البلاد، والتي إذا تم تقنينها فبالتأكيد سوف تساهم أكثر، والتقنين أي جعل الدعارة قطاعا خاضعا للمراقبة، وتستفيد الدولة من ضرائبه، خصوصا أن هذا القطاع فيه رواج غير مسبوق في المغرب.

– في كتاب البغاء مهنة كأي مهنة أخرى، يقدر الباحث حجم الصناعة بألف مليار دولار، والتجربة أثبتت أن إدماج المومسات في النظام التقاعدي أو الصحي يتم باعتبارهن دافعات ضرائب ومصرحات بدخل من عمل خاص يحمل اسما آخر مثل: (مسّاجات أو تجميل أو فنانة) .
 

تعزيز قيم التربية والمراقبة الذاتية ونصح الشباب يجب أن يزداد بصورة مطردة، وبشكل مواز لهذا الخطر"السياحة الجنسية"، وهذا سيؤِسس لفكرة رفض اعتماد هذا الاقتصاد.

ماذا بعد؟
تتحرك سوق الجنس مستفيدة من التسهيلات العنكبوتية والتقنية الحديثة كتجارة بؤس تزدهر بالإفقار السريع المنتج للراغبين في الهجرة أو الفرار من وضع غير إنساني، وهناك الكثير من الطرق لتسويق البضائع والكسب السريع، يتم اللجوء إليها في الأزمات أو لدى الحكومات لمواجهة وضع اقتصادي مزرٍ، بدأت بإحياء روح الفتنة وإذكائها بين الفرقاء ثم بيع الأسلحة لأحدهما..

ثم انتقلت إلى اصطناع الأزمات وبث أخبار التفرقة وانتهاء العالم بالكوارث والزلازل وغزو الفضاء، واللعب على وتر تصوير الحياة على أنها سلسلة مملة من الأحداث، وزرع اليأس بين الناس، وحصر الشباب في زاوية حرجة، ومن ثم تسويق المنشطات والمخدرات والكحول، ومن ثم الإباحية للعب على وتر النواقل العصبية التي -بالأساس- تم العبث فيها، ثم تقديم الحل عبر محفزات مسببة للنشوة، وتعيش المنطقة العربية هذه الأجواء، ولكنها لم تخرج للعلن بعد، وما زال الوضع مسيطرا عليه.

لكن الحذر واجب، وتعزيز قيم التربية والمراقبة الذاتية ونصح الشباب يجب أن يزداد بصورة مطردة، وبشكل مواز لهذا الخطر المتصاعد، وهذا سيؤِسس لفكرة رفض اعتماد هذا الاقتصاد بالمرحلة المقبلة فيما لو هدأت المعركة في أرضنا وبلادنا من قبل الأفراد والحكومات، والبحث عن طرق أخرى من الحكومات التي ستعمل خارج إمدادات السلاح وعصابات الجريمة المنظمة.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.