شعار قسم مدونات

ميزانية 2017… السعودية الى أين؟

blogs - السعودية أوبك
بعد أن أعلنت الحكومة السعودية عن ميزانيتها لعام 2017 وسط تغطية إعلاميه تليق بالمُنتج الأول للنفط في العالم، في ظروف تتراجع فيها أسعار النفط بفارق كبير جدا عن السعر المناسب لتحقيق التوازن في الميزانية السعودية.

تستمد ميزانية 2017 في كونها الميزانية الأولى بعد الإعلان عن رؤية 2030 التي حددت ملامح رحلة التغير الجذري للاقتصاد السعودي والتي تهدُف إلى إعادة هيكلة الوضع المالي للمملكة واستحداث مصادر مختلفة وآليات جديده لمراجعة السياسات المالية والاجتماعية لتحقيق تنوع في مصادر الإيرادات داخل اقتصاد يعتمد على النفط بنسبة مئوية 87.

• بداية الأزمة.
شهدت الفترة من عام 2002 إلى عام 2014 ارتفاعا ملحوظاً في أسعار النفط العالمية، الأمر الذي ساعد في ارتفاع إيرادات الدول النفطية وخاصه السعودية، باعتبارها صاحبت الإنتاج الأكبر من النفط، حيث بلغت الإيرادات الحكومية في عام 2014 بلغت 1.347 مليار ريال في حين كان 213 مليار ريال هو مجموع الإيرادات في عام 2002، ونتيجة لهذا الارتفاع الكبير بلغت أرصدة الحكومة في مؤسسة النقد العربي السعودي في عام 2014 بلغت 1.413 مليار ريال سعودي.

لم تستمر فترة الازدهار طويلا، فبحلول عام 2014 بدأت أسعار النفط العالمية في التدهور بشدة، وأصبح الاقتصاد السعودي أكثر دول الخليج تأثرا بانخفاض أسعار النفط، وفي عام 2015 أعلنت الحكومة السعودية ميزانيتها بأعلى عجز بلغ 366 مليار ريال، وكان على الحكومة اتخاذ التدابير الوقائية والإصلاحات المالية لتجنب التدهور الحاد والتأثير السلبي لانخفاض أسعار النفط، وعلى الرغم من قيام الحكومة بإجراء بعض الإصلاحات المالية إلا أن ارتفاع الدين العام ظل مستمرا، فقد بلغ 316 مليار ريال بعدما كان 44 مليار ريال، وانخفضت أرصدة الحكومة في مؤسسة النقد العربي السعودي من 1.413 مليار ريال إلى 577 مليار ريال في عام 2016، وهو ما دفع الحكومة إلى التدخل بشكل أكبر للحفاظ على الوضع المالي من التدهور والهروب من عجز مالي طويل الأجل يصعب الخروج منه؟

القطاع العسكري يمثل البند الثاني بعد التعليم في الإنفاق، وحيث أن رحى الحرب ما زالت دائرة في اليمن فقد أظهرت الأرقام أن ميزانية الدفاع السعودي ارتفعت بنسبه مئوية 6 عن عام 2016

الحكومة السعودية أصبحت أكثر وعيا أن أسعار النفط ستستمر على الأقل في الأجل القريب والمتوسط على معدلاتها المنخفضة، وهنا انطلاقا من هذه القاعدة قررت أن يكون الإنفاق الحكومي أقل اعتمادا على إيرادات النفط وتكوين قاعدة أوسع من الإيرادات غير النفطية لتحقيق استقرار مالي واقتصادي بعيدا عن تذبذب أسعار النفط العالمية، وهذا ما أكده وزير الطاقة السعودي خالد الفالح أن ميزانية 2017 استندت إلى سيناريو متحفظ لأسعار النفط وأنها تمضي في مشروعاتها بغض النظر عن أسعار النفط.

• الإصلاحات وما بعدها
استكمالا للإصلاحات المالية أطلقت الحكومة السعودية برنامج التوازن المالي الذي يهدف إلى تحقيق ميزانية متوازنة بحلول عام 2020، البرنامج بدأت الحكومة فعلا في تنفيذه من بداية عام 2016 من خلال عدة محاور طالت المواطنين والمقيمين فبدأت في مراجعة بدلات وعلاوات الموظفين وترشيد النفقات الرأسمالية والتشغيلية وتركيز الإنفاق على المشاريع الأكثر استراتيجية، ومراجعة أسعار الطاقة من بنزين وكهرباء ومياه، هذا بالإضافة إلى الدخول في برنامج خصخصة ممتلكات الدولة لتحفيز النمو الاقتصادي وتحسين الوضع المالي وتطوير منهج إدارة الديون لتيسير الاقتراض دون آثار سلبية على السيولة المحلية.

هل كانت هناك جدوى ونتائج إيجابية لهذه الإصلاحات؟
بشكل عام في ميزانية 2016 نجحت الحكومة السعودية في تخفيض عجز الموازنة بقيمة 70 مليار ريال فقد انخفض العجز إلى 297 مليار ريال بعدما كان في ميزانية 2015 قد بلغ 367 مليار ريال، بل إنه انخفض عن تقديرات الحكومة السعودية البالغ 326 مليار ريال ليعطي انطباعا أنهم سائرون في الطريق الصحيح.

أما على مستوى القطاعات فبعد تعديل أسعار الطاقة في عام 2016 نجحت الحكومة في توفير 27 مليار ريال ومستهدف طبقا للبرنامج توفير 209 مليار ريال عام 2020، أما بخصوص الإيرادات غير النفطية فنسبتها المئوية عام 2015 بلغت 17 من مجموع الإيرادات، ثم ارتفعت بشكل ملحوظ في عام 2016 لتبلغ نسبتها المئوية 38 ثم كانت المفاجأة في الميزانية المعلنة انخفضت نسبة الإيرادات غير النفطية لتصل نسبتها المئوية 31، وبالمقارنة مع دول أخرى مثل روسيا نجد النسبة المئوية للإيرادات غير النفطية بها 90، تركيا 97، البرازيل 75، لهذا رفعت الحكومة السعودية رسوم تأشيرات الحج والعمرة تلتها رسوم زيارات أسر المقيمين بها، انتهاء حتى الآن بفرض رسوم على العمالة الوافدة والتي تهدُف الحكومة السعودية تجميع حصيلة قدرها 65 مليار ريال بحلول عام 2020.

• موازنة 2017
مع بداية عام 2017 سيتم إطلاق دفعة أخرى من قرارات الإصلاح المالي أهمها فرض ضريبتين طبقاً لاتفاق دول مجلس التعاون الخليجي:
– ضربية المنتجات الضارة وهي ضريبة ستفرض على المنتجات الضارة بالصحة مثل التبغ ومشروبات الطاقة بنسبة مئوية 100، والمشروبات الغازية بنسبة مئوية 50.
– ضريبة القيمة المضافة وستفرض وسيتم تطبيقها خلال الربع الأول من عام 2018 وستفرض بنسبة مئوية 5 على المنتجات.
من خلال كافة الإصلاحات الحالية التي فُرضت بداية من عام 2016 تأمل الحكومة السعودية إلى تحقيق فائض ميزانية يقدر بـ 97 مليار ريال بحلول عام 2020.

بالنظر إلى أوجه إنفاق ميزانية 2017 نجد أن قطاع التعليم يستحوذ على النصيب الأكبر من إنفاق الحكومة بما مقداره 200 مليار ريال ولكن من الجوانب السلبية أن بند الأجور في قطاع التعليم له النصيب الأكبر من ميزانيته لذا تحتل المملكة مرتبة متدنية في التصنيف الدولي لمخرجات التعليم، القطاع العسكري يمثل البند الثاني بعد التعليم في الإنفاق، وحيث أن رحى الحرب ما زالت دائرة في اليمن فقد أظهرت الأرقام أن ميزانية الدفاع السعودي ارتفعت بنسبه مئوية 6 عن عام 2016، لتصل إلى 191 مليار ريال لتظل المملكة في المراكز الأولى في قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على التسليح في الشرق الأوسط.

• ختاماً
أما وقد بدأت الحكومة السعودية في تطبيق برنامجها للتوازن المالي فالتحدي الأكبر التي تواجهه الحكومة هو قدرتها على جذب الاستثمارات الخارجية تعوض الأزمة المنتظرة نتيجة القرارات الأخيرة على العمالة الوافدة، بالفعل نجحت الحكومة السعودية في عبور عام 2016 بنجاح ولكن عليها أن تعي أن تنوع الاقتصاد بفرض رسوم وضرائب أمر غير صائب وعليها أن تتجنب نتائجه بتنوع الإنتاج.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.