شعار قسم مدونات

بين نقد الواضح وستر الفضائح في السياسة المغربية

BLOGS- المغرب

في خضم الحراك السياسي الذي يعيشه المغرب بعد انتخابات السابع من أكتوبر وما أفرزته من نتائج وتوازنات سياسية جديدة، سطع من جديد بريق بعض من يوصفون وينعتون بالمحللين السياسيين والخبراء القانونيين، يحاولون بما آتاهم الله من علم وبما استطاعوا استنباطه من ملاحظتهم للمشهد السياسي، أن ينوروا المتتبع العام وأن يهدوا الفاعل السياسي للأصح والأجدر به أن يفعل، من أجل أن يخرج المغرب من حالة البلوكاج التي يعيشها تشكيل الحكومة المغربية، لما فيها من مضرة للمغرب بلدا، شعبا ودولة.
 

فمن هؤلاء المحللين من أقل ما توصف به نظرته للمشهد السياسي بالبسيطة فهو يأخذ مسألة تشكيل حكومة المغرب كمسألة رياضية سهلة، المهم فيها جمع المائة والثمانية والتسعون صوتا لتكوين الأغلبية ثم تعيين الحكومة وبعدها ينعقد البرلمان وعندها نعود سعداء كما كنا ونسير بمغربنا العزيز نحو النمو والازدهار.
 

هناك فئة من المحللين من يرون في البلوكاج الذي يعيشه تشكيل الحكومة، مناسبة لشن حرب كلمات ومقالات على من هو قد كلف بتشكيل الحكومة ومن هو قد فاز بتصويت المغاربة.

يبدو هدا السيناريو الأكثر والأقرب للتحقق، وإنه لحق كذلك، إلا أن هذا المنطق فاقد لأهم شيئين تتغنى بهما الديمقراطية ألا وهما الشرعية والتمثيلية الحقة للإرادة الشعبية، فهذا النوع من المحللين ومن وراءهم من صناع قرار هذا البلد الأمين همهم الأوحد تجميع حفنة من الناس في أغلبية وتجميع حفنة أخرى أقل منها عددا في الحكومة، هم من أحب أن أصفهم بـ "سكان المغرب الحقيقيون" فهم من يستنزفون ثروات هذا الوطن الحبيب، وهم من يستفيدون من ريع الدولة وعطفها، فهم لا يحبون التغيير ولا يطيقون رائحته ويريدون للمغرب أن يضل كما يحبونه بقرة حلوبا يرعونها كما يشتهون، لا يريدونها أن تبتعد عن ناظرهم كي لا تتيه، ولا يريدونها أن تمرض أو تغضب فيقل حليبها ومن قد يعلم فقد تصيبها السكتة القلبية أو الدماغية فيصيروا بدون معيل على الحياة ومشاقها لا كتب الله.
 

هذا النوع من المحللين ينسى أو يتناسى أن المغاربة حين صوتوا في استحقاقات السابع من أكتوبر، قد اختاروا من يقود حكومتهم وزكو طريقة تدبيره لشأنهم العام، اختاروا حين صوتوا بين طريقين، وأكدوا أنهم الحكم وإليهم يرجع تحديد من يسير أمورهم العامة، وهم سيكونون عليه رقيبا ليروا ما يفعل بالفرصة الثانية التي أعطوه إياها وهل كان لها مستحقا، ولذلك فقد وجب على من هو مكلف بتشكيل الحكومة أن يراعي في تشكيلها إرادة الناخبين الذين أوصلوه إلى ما هو فيه وأن يعمل على تشكيل حكومة قوية تسعى لتحقيق طموحات من صوتوا عليها وتحسن من حالة المغرب والمغاربة ما استطاعة إلى ذلك سبيلا.
 

وأما النوع الثاني من هؤلاء المحللين فهم يرون في البلوكاج الذي يعيشه تشكيل الحكومة، مناسبة لشن حرب كلمات ومقالات على من هو قد كلف بتشكيل الحكومة ومن هو قد فاز بتصويت المغاربة، فيبحتون عن أغرب الأسباب وأبعد السيناريوهات كي يلصقو فشل تشكيل الحكومة في فشل رئيسها في فهم السياسة والسياسيين المغاربة، فلذا الحل للخروج من هذا المأزق الخطير المجيء برئيس حكومة آخر أو بحزب آخر وإما بمجلس نواب آخر.
 

هذا النوع من المحللين ومن وراءهم من من يدعم تفكيرهم وأطروحاتهم هاته، سبب وجودهم هو محاربة أي تطور ديمقراطي لهذا البلد العزيز، هم من أحب أن أصفهم بـ "المفسدين الجدد"، فهم فئة خرجت من رحم الفئة الأولى "السكان الحقيقيون للمغرب" لكنها عكس الأولى لم يكن همها الأول تجميع الثروة ـوهذا ليس زهدا فيها بل لأن الخير موجودـ بل تجميع السلطة، فبسطوا يدهم على جميع إدارات المغرب ومسؤوليها وأصبح لهم في كل مكتب محب ومدافع عن مصالحهم..

أدعو كل السياسيين المغاربة الوطنين، أن يتحدوا ويكونوا درعا لنا من كل مفسد يريد بنا سوءا وأن يعملوا جنبا إلى جنب ليخرجوا المغرب من أزمته، ويتجاوزوا خلافاتهم الأيديولوجية.

ولوعيهم بأهمية القرار السياسي في المشهد العام المغربي أسسوا لأنفسهم حزبا وأعلنوا كهدف لهم السيطرة والتحكم في الإرادة الشعبية، وهم من بعد أن صفعهم الشعب في الانتخابات الثانية على التوالي يحاولون أن يعرقلوا بكل ما آتاهم الله من إمكانيات المسار الديموقراطي الذي يعيشه المغرب، ويجعلوا من الحكومة وإن خرجت إلى الوجود حكومة ضعيفة سهلة الزعزعة كل ما رغبوا في ذلك.
 

إن هذه الفئة لهي الخطر الأعظم الذي يتهدد المغرب، فلذا فقد وجب على المغاربة شعبا وأحزابا وطنية أن يواجهوا هذا التيار السوداوي الذي سيؤدي بالمغرب إن أتيحت له الفرصة إلى الهاوية، وعلى من قد كلف بتشكيل الحكومة أن يحذر منهم وأن يواجههم بما أوتي من قوة وأن لا يتنازل عن مبادئه أبدا من أجلهم ومصالحهم، فإن كانوا يملكون النفود والأموال فأنت تملك ما هو أغلى وأقوى من ذلك إنك تملك قلوب المغاربة حين تتحدث وتصدقهم القول.
 

في الأخير أدعو كل السياسيين المغاربة الوطنين، أن يتحدوا ويكونوا درعا لنا من كل مفسد يريد بنا سوءا وأن يعملوا جنبا إلى جنب ليخرجوا المغرب من أزمته، ويتجاوزوا خلافاتهم الأيديولوجية ويعملوا مع ملك البلاد لكي يصل المغرب بأبنائه إلى كل ما يطمحون إليه ويصل الأبناء بمغربهم إلى عزه وقوته وازدهاره.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.