شعار قسم مدونات

الديموقراطية والعلمانية حقيقية أم شعارات؟ وإلى أين؟

blogs - ترامب
لعلك عزيزي القارئ خطر في بالك مباشرة بعد قراءة العنوان بأن الديموقراطية والعلمانية لا تطبق حسب مفهومها ولكن تطبق حسب المصلحة. فالديموقراطية والعلمانية أمران متلازمان ملتصقان لا يفارق أحدهما الاخر، فالعلمانية وجدت بسبب الظلم الكنسي والديموقراطية وجدت بسبب الاستبداد من قبل الطبقة الحاكمة. وكليهما لم ينتجا بسبب تفكير أيدولوجي أو ما يشابه بل نتيجة صراع.

 

العلمانية بالمعنى المتعارف عليه هي فصل الدين عن الدولة وهو فكر تحرري واجتماعي ناشئ من محض صراعات دامية على اساس توافقي وكما ذكرنا ليست متولدة من تفكير أيدولوجي أو غيره..

العلمانية تعمل على القيام بالتخلص من جميع الأوامر التي تلزمها الحكومة لأفرادها كإجبارهم على اعتناق دين معين، أو الالتزام بعادات وتقاليد معينة لا تروق لهم، أي أنها لا تلزمهم بشيء فليس للدولة دين أو عرف أو تقاليد محددة لكل فرد الحرية في اختيارها. ولكنها لا تطبق كما يجب أن تكون فالغرب، فحقوق الإسلام ليست هي حقوق اليهود أو المسيحية، فالأذان ممنوع في أوروبا والأجراس مسموحة في أوروبا! والنقاب ممنوع في فرنسا وفرائض اليهود خط أحمر! فبمجرد إنكار محرقة الهولوكوست قد تضع نفسك في السجن فما بالك أن تشير بحركات معادية للسامية!

 

الصعود المفاجئ لترمب في أمريكا، يوضح أن الديموقراطية والعلمانية أصبحتا تناقضان مفهومهما. فكراهية الأجانب وكراهية اللاجئين وكل ما هو مختلف أصبح يتزايد بشكل متسارع في أوروبا وأمريكا.

الديموقراطية هي كلمة يونانية الأصل وتعني سلطة الشعب، وهي شكل من أشكال الحكم والشعب يحكم نفسه بنفسه ويكون هو مصدر السلطات في الدولة. حسب الأمم المتحدة فإن الديموقراطية من الأسس الي تقوم عليها حقوق الإنسان بغض النظر عن الجنس أو العرق او الدين أو غيره. ولكن هل فعلا الشعب يحكم نفسه في أي دولة ديموقراطية في العالم؟ لا أعتقد ذلك، فاللوبيات والاستخبارات وحتى الشركات الكبرى لها دور في صناعة القرار الأمريكي مثلا. وكذلك الغرب يرى الأمور بشكل مختلف في الشرق! فالحرام في الغرب ليس حراما في الشرق والواجب المفروض في الغرب ليس كذلك في الشرق. فالدول التي تعتبر ديموقراطية تقتل أو على الاقل تسمح بمقتل شعوب في دول أخرى.

 

ومع صعود التيارات اليمينية المتطرفة في أوروبا والصعود الأقوى والمفاجئ لترمب في أمريكا، أرى أن الديموقراطية والعلمانية أصبحتا تناقضان مفهومهما. فكراهية الأجانب وكراهية اللاجئين وكل ما هو مختلف أصبح يتزايد بشكل متسارع في أوروبا وأمريكا، في بولندا التي يتزعم فيها حزب الحقوق والعدالة المتطرف الحياة السياسية، والتي أعلنت صراحة في يوليو/تموز الماضي عن قرار يقضي بعدم استقبال اللاجئين والمهاجرين على أراضيها شهدت خلال هذا الشهر مظاهرات متطرفة ضد كل من هو مختلف عن الثقافة البولندية وهذا يخالف مبادئ العلمانية. وفي ألمانيا وحسب أرقام الهيئة الاتحادية لمكافحة الجريمة فقدت شهدت ألمانيا منذ بداية العام وحتى بداية شهر سبتمبر أكثر من سبعمائة اعتداء على اللاجئين ومقار سكنهم. صعود حزب "البديل" في ألمانيا والذي تحصل على مقاعد في البرلمان الأوروبي وفي العام 2014، شارك حزب "البديل من أجل ألمانيا" في انتخابات البرلمان الأوروبي، وتمّكن من حجز 7 مقاعد فيه من خلال حصوله على 7 بالمئة من أصوات الناخبين. وكذلك صعود اليمين في هولندا وفرنسا والنمسا!

 

في اعتقادي الخاص، أوروبا تشهد تغيرا كبيرا أو بالأحرى الرجوع إلى الثقافة الأم بمعاداتهم للمسلمين وكل من هو غريب عن ثقافتهم، وذلك التغيير سيأخذ مكانه في مدة زمنية ليست بقصيرة لأنه سوف يلقى حرب سياسية وربما قضائية من الأحزاب الديموقراطية وحلفائها. ولكن كل هذا ربما يصب في مصلحتنا، فلربما يفيق العرب والمسلمون ويحكمون أنفسهم بأنفسهم بدلا من الوصايات الغربية ويحكمون شريعتهم!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.