شعار قسم مدونات

أعور دجال.. بيننا

blogs-إعلام

الانسان يولدُ على الفطرة فيتجهُ إلى الإيمانِ باللهِ ونحو العمل الصالح والأخلاق ومع مرور الزمن نجدُ أن الله يخلق فينا شعوراً يمنحنا فيه ما تسكن به نفوسنا عند القيام بعملٍ ما ونشعر بعدم الرِضى عند القيام بعملٍ أخر دونما تفسير وينتقل الإنسان في مراحل حَياتيَّةٍ متعددةٍ تؤثر في مخزونه الفكري والثقافي والعلمي ويصبح لكلٍ منا كينونتهِ الخاصة به وصوتٍ داخلي وبما لا شك فيه أن الفطرة التي ولدنا عليها تحث نفوسنا بأن يكون لصوتنا وقعٌ على الأخرين وبأن يسمعنا أكبر عدد من القارئين وأن نُعبر عن قضايا نكونُ فيها من المؤثرين. فمن أكثر الجمل التي أثارت إعجابي ولا أذكر قائلها بأن من يكتب بشكلٍ رديء يصبح له جمهور ومن يكتب بشكلٍ جيدٍ يصبح له قُراء وشتان بينهما.

باعتقادي الشخصي الذي ربما يستشعره الكثيرون ويكون بموضعٍ جازم بأنه من أكثر الجمل انتشاراً هذه الأيام نحن في أخر وقت اقتربت الساعة ونحن عنها غافلون علاماتٌ نستشعرها حولنا وهي كثيرة فماذا لو كان أخطرها حولنا ماذا لو كان الأعور الدجال أحدها دون أن نشعر فالأن ذو عينٍ واحدة داخل كل منزل يجلس مع الصغير والكبير يرينا العالم ونحن جالسين في أماكننا قادرٌ على أن ينقلنا من بلدٍ إلى أخر يرينا الأمطار والثلوج ونحن في فصل الصيف والعكس ولعل من أَخطرها أنه قادرٌ على زعزعةِ مفاهيمنا وقيمنا والانسلاخ عن هويتنا وفقدان الثقة بأنفسنا وثوابت إيماننا وأكثرها شدةٌ خلق الفتن وجعل بأسنا بيننا شديد.

نحتاج إلى تحرير عقولنا لا قيمنا وأخلاقنا العالمُ كثير التغير والتقلب وزمن أباءنا يختلف عن زماننا فيجب ألا نقيد أحلامنا وأفكارنا وحرياتنا باعتقادِ الاخرين بنا.

الهاتف ووسائل تواصله الاجتماعي أنا لا أعتبر أن هناك خطرٌ على المجتمع أكثر من مجموعة المستثقفين والمحسوبين على الإعلاميين والمؤثرين في وسائل التواصل الاجتماعي اللاهثين خلف الجمهور يستفزونهم بعباراتٍ دخيلةٍ وشعاراتٍ مضللةٍ يتلاعبُ بأحلامنا البناءة وثوابت قيمنا بمبدأ يوهم بقتل الظواهر البشعة وتحرير العقول.

نعم نحن نحتاج إلى تحرير عقولنا لا قيمنا وأخلاقنا العالمُ كثير التغير والتقلب وزمن أباءنا يختلف عن زماننا فيجب ألا نقيد أحلامنا وأفكارنا وحرياتنا باعتقادِ الاخرين بنا سواءٌ في محيط عيشنا أو كما يحاول البعض تصوير الحياة الغربية كمقياسٍ لنا وأغلبهم لا يعلمون عنها شيءً سوى ما ينقل لهم من برامج تلفزيونيةٍ وأفلامً غربية فهم كمن يشتري الكتاب لإعجابه بالغلاف لا المضمون.

الأعور الدجال يحاول إقناعنا جاهداً بضرورة جلد الذات والانسلاخ عن القيم والمفاهيم والهوية ونقل كل العبارات والأفعال المسيئة للشعور الاخلاقي من الشارع وصياغتها بصورةٍ سلسةٍ توجب تقبلها وإدخالها في منازلنا بدلاً من محاربتها والقضاء عليها.

الأعور الدجال وأعوانه يجاهدون بإظهار الحقيقة بِوجهين مختلفين كما أن اعوانه يبررون الباطل بعدة أوجه فيصبح كل متجمهرٍ يستسقي منهم الحقائقَ كمن يستسقي من ماءٍ حميم.

الأعور الدجال تجاهل متعمداً أو قاصداً لعله جاهلاً كيف يعيش الناس من حوله في فقرٍ وبطالةٍ وسوءَ تعليمٍ وتهميش مصوراً الحياة وكأنها فقط كما في الأفلام والمسلسلات يقتل كل حلمٍ بسيطٍ وإرادةٍ حرة بِتهميشها وضياع الامل بتحقيقِها متجاهلاً خطوات النجاح زارعاً الخوف فينا مؤمِنين بإخفاقاتنا يكبر صغار الأفعال ويصغر كبار الأفعال متمرداً على قيمنا وفطرتِنا لا بتحرير عقولنا والإيمان بقدرتنا والتمرد على قيودنا وكسر حاجز الخوف في تحقيق أحلامنا بخطواتٍ ثابتةٍ مستخدمين إمكانياتنا وإيماننا بأنفسنا فهدفه الأسمى إظهار الطريق الأسهل للنجاح دون ركائزه الأساسية لنجد أنفسنا مستسلمين مستصعبين متمركزين في القاع يظهرنا اعداءً غيرَ متجانسين وحوشً وعبيد وكل ما يؤرقُ أعوانه الاستحواذَ على أكبرِ عددٍ من الجمهور.

الأعور الدجال لا يكل ولا يمل من إقناعنا بضرورة المساوة بين الرجل والمرأة ألا يعلم أعوانهُ أن المرأةَ والرجلَ يتعادلون ولا يتساوون جملةٌ لمن قرء وليست لمن تجمهر فجوهرنا واحد خلقنا من تراب ولكلٍ منا خصائصه الخلقية وتكوينية فلا يكلفُ الله نفساً الا وسعها وفضّلَ الله بعضّنا على بعض فلكلٍ منا نصيب بأمور دينيةٍ ودنيويةٍ بتقدير العزيز الحكيم.

الأعور الدجال وأعوانه يجاهدون بإظهار الحقيقة بِوجهين مختلفين كما أن اعوانه يبررون الباطل بعدة أوجه فيصبح كل متجمهرٍ يستسقي منهم الحقائقَ كمن يستسقي من ماءٍ حميم كلما أراد الوصول لجوهرِ حقيقةِ شيء ابتعدَ أكثر فأكثر وازدادَ جهلاً أذ لم نكن الأن في زمن الأعور الدجال.. فيا الله نسألكَ أن تجرنا من فتنةٍ أعظم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.