شعار قسم مدونات

الفشل قدرك أم اختيارك؟

blogs - human

من السهل جدا أن تتخلى عن أحلامك في لحظة الضعف واليأس، أن تختار النوم والفراش الدافئ على أن تستعد لمحاضرة الساعة الثامنة صباحا، ولا يوجد ما هو أشد سهولة من أن تضع كتبك جانبا لتتجول في وسائل التواصل الاجتماعي، أو أن تُفضل مشاهدة فيلما ما على أن تضع بعضا من المعلومات بين خلايا دماغك الجائعة أو قضاء بعض المهام الوظيفية، دائما وأبدا سيكون الطريق إلى الفشل سهلا وممهدا بالنوم واللهو والكسل، مقارنة بذلك الطريق الآخر الذي سيأخذ من وقتك وراحتك وساعات نومك ومُتعتك وطاقاتك الكثير.

لكن العبرة والمصيبة ليست بالطريق ذاته وإنما فيما يوجد على آخر هذا الطريق، (اللاشيء).. لن تجد شيئا سوى الحسرة على ما كان ليكون من رزق طيب ونجاح تسند كيانك به، سيكون الثمن هو حياتك، نعم حياتك، ستدفع ثمن ما اخترته من استسلام لشهواتك الفانية بأن تقضي ما تبقى من حياتك تندب حظك وكأنك مظلوم رغم أن الفشل كان خيارك أنت وحدك عندما اعتمدت التأجيل والتسويف أسلوبا ونمطا لحياتك لأجل ما لا قيمة له الآن من ساعة إضافية للنوم أو غيره.

لن يكون هناك معنى للراحة الآن إن كان الجهل والفشل هما النتيجة، وعلى العكس تماما، للتعب و الجد وسهر الليالي المتواصل والأعين التي لم يفارقها الأرق معنىً إن كانت الحرية هي الغنيمة.

حياتك هي الثمن، ستمضيها عالة على المجتمع و على نفسك، بلا حرية من أي نوع، فستكون مجرد صخرة رُبطت بساق المجتمع تستمر بجره للوراء، و إن تقدم هذا المجتمع أو تأخر أو سقط أو غرق بأكمله؛ ستكون أنت الأول في السقوط أو الغرق لأنك عالة لا تملك القدرة على الاختيار أو التخطيط أو حتى المساهمة في إنقاذ نفسك أو غيرك لأنك اخترت الجهل والفشل، وبذلك ستفقد أبسط حقوق الإنسان من الحرية، وكما قال مصطفى محمود (حرية الإنسان لا تستطيع أن تشق طريقها بدون العلم).

دوما سيكون السهل هو الخيار الأول كطبيعة بشرية، لكن أيستحق ذلك أن تدفع حياتك ثمنا لأجل ذلك الخيار؟ أن تكون بلا رأي؟ ألاّ تملك القدرة على إحداث التغيير في حياتك؟ ألاّ تتمكن من صنع طوق النجاة لذاتك و لمن تحب عندما تلطمكم أمواج الحياة ومصائبها وتتلقفكم أعاصيرها، أن تنتظر الحسنة من غيرك!

بل الأعظم عندما يسألك رب العباد فيما أفنيت شبابك ومالك وعمرك وعلمك، بماذا ستجيب؟ رَوى ابنُ حِبَّانَ والترمذيُّ في جامِعِه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قالَ: (لا تزولُ قَدَمَا عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ عَن عُمُرِه فيما أفناهُ وعن جسدِهِ فيما أبلاهُ وعن عِلمِهِ ماذا عَمِلَ فيهِ وعن مالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وفيما أنفقَهُ).

لن يكون هناك معنى للراحة الآن إن كان الجهل والفشل هما النتيجة، وعلى العكس تماما، للتعب و الجد وسهر الليالي المتواصل والأعين التي لم يفارقها الأرق معنىً إن كانت الحرية هي الغنيمة.
اكسب حياتك وتسلم قيادة الدفة وتحكم بحياتك بدلا من أن تتحكم بك الظروف في لحظة الجهل، واعلم أن الفشل هو اختيارك وليس قدرك، وهنا يقول جلال الدين الرومي (أيها الإنسان قلِّل من تذرعك بالقدر، هل زرعتَ قمحاً فحصدت شعيرا؟)

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.