شعار قسم مدونات

قَلَمٌٌ مُقَاتِلْْ..

blogs- الكتابة

رحلة أحد أقلامي:

أحمل ما بين أكتافي الكثير من الأقلام.. منهم اثنان لأرى بهم ما أكتب وآخر لأحلم بما اكتب.. قد تكون القراءة أمر عسير على الأقلام.. وقد يكون القتال بهم مرعباً الى حد كبير.. مثلاً كأن يخترق رأس القلم جمجمتي ليكون أداة الوصل بين ضياعي والفكرة التائهة.. قد أغزو بهذا القلم جيوشاً وقلاعاً يُمنع التفكير بها حتى.. قد أعلنها حرة بين يدي.. وأحرقها من جديد.. كي لا يعود اليها أي عدو يحرق الفكرة التي تلطخ جسدي بآثارها محاولاً الإمساك بها..
 

أو أن أمتطي حصاناً مظلماً حاملاً هذا القلم بيدي أغزو به رمال الصحراء وارفعها عن وجه الأرض واحدةً تلو الواحدة.. وأبني بها الفكرة التي كانت موجودة على شكل مبعثر في ثنايا هذه الرمال..  وأيضاً أستطيع أن أصل الدروب بهذا القلم.. أن أفك المدن المحاصرة.. أن أقطع طرق المجرمين وأمنعهم من الصباح الهادئ.. وأحرمهم من المساء الغير مظلم..
 

راقص محارة على شاطئ بحر هائج جدا.. روض أمواجه بمرونة التانغو.. لونه بالأزرق الضاحك.. سلط البدر على المرجان.. أشعل ناراً.. أوقد عمراً..

أستطيع أن اكتب لكِ كم اشتقت اليك.. وكم أنا أحبك.. وكم أشعر بالذنب.. وكم أنا لا آبه بشيء سوى أن أرى عينيك.. وكم أنا محروم.. وكم أنا ممتلئ.. وكم أنا أنا.. وكم أنا لا أجدني.. وكم أنا موجود.. وكم أنا عبثي.. وكم أنا منتظم.. وكم انا أصفر اللون.. وكم انا متزن.. وكم أنا حاضر.. وكم أنا ميت.. وكم أنا رجل.. وكم أنا مقاتل.. وكم أنا أخشى المعركة.. وكم أنا متقلب.. وكم أنا ثابت.. وكم أنا مبعثر.. وكم أنا الألف التي لا تنحني.. وكم أنا لستُ موجود هنا أبداً..
 

دفنت أكبر الأحلام في عمق علبة تونا فارغة وملقاة في الطريق لأن من شددت به أزري التهمها وحده حين كنت مشغولاً في الدفاع عنه هناك.. على رأس جبهتنا.. في عمق المعركة.. لا أكاد أدري كيف يأكل الواحد لحم بعضه..  رسم هذا القلم الكثير من العبثية.. أحلاماً وأرقاماً.. أشعاراً وفوضى.. الآلاف من السطور المحترقة..
 

أحصى بشكل أفقي خسائرنا وبشكل عمودي ما ربحناه..  وأيضاً راقص محارة على شاطئ بحر هائج جدا.. روض أمواجه بمرونة التانغو.. لونه بالأزرق الضاحك.. سلط البدر على المرجان.. أشعل ناراً.. أوقد عمراً.. وغنت كل رمال الشاطئ نشيد الحياة.. اقترب من البحارين والصيادين وأخبرهم أن الغرق لابن البحر أكبر عار.. لأنه أكثر من يعرف غدر البحر.. ومضى تاركاً خلفه البصمات التي لا تشبه أحداً سواه..
 

وعادت ملامح وجهه تأخذ شكلها القديم.. تتعرج جبهته وتقترب عيناه من بعضهما البعض.. تتجعد ريشته بعد أن ألقت بظل الحياة دون تعب.. ومن هنا استيقظ الظلام ليراني بعين الحقيقة.. في لحظة واحدة زرعت رأس هذا القلم في أرض الواقع وجعلته حطاماً لا يكتب شيئاً.. ولا يتحدث عن شيء.. ولا يفضح أي سر اختبئ داخله.. ولا يقتلني في الكثير من المرات..

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.