شعار قسم مدونات

صناعة عربية!

blogs - صنع في
من المضحك أن تجد منتجاً الآن كتب عليه صناعة عربية أو قد تتفاجأ إذا قلت لك أنه قد سبق أن كان هناك منتج كتب عليه صناعة عربية.

في بداية التسعينات كنت أتسوق مع والدتي فوجدت منتجاً بسيطاً عبارة عن زنبرك ملفوف بشكل دائري وموصل بمحرك كهربائي وكان غرضه لإزالة الشعر. كان مكتوبا على العلبة صناعة سورية وعلى المنتج كتب عليه صناعة عربية. وكأن السوريين الذين قاموا بصناعة ذلك المنتج لا يفرق أن يكون الفخر سورياً أم عربياً. ولكن على الأقل قدموا شيئا حتى ولو كان بسيطاً وبدائيا.

في الوقت الحاضر تقدمت الصناعة العربية إلى درجة أنه لا يكتب على الصناعات صناعة عربية! بل صناعة صينية أو أمريكية أو أوروبية وكأن العرب الذين قاموا بالصناعة لا يفرق أن يكون الفخر عربياً أم صينياً أم أمريكياً أم أوروبياً.

لم يعد أي منتج يحمل صناعة عربية ولكن قد تجد منتجات مكتوب عليها صنع في ثم اسم البلد العربي ولكن على منتجات لم تصنع في الأساس بأيدي عرب بعكس أن الصناعات التي كتب عليها صنع في أمريكا أو غيرها قد تكون صنعت بأيدي عربية.

قد تجد منتجا فرنسيا كتب عليه صنع في فرنسا ولكن في الأصل المصنع في إحدى الدول العربية والمواد من أرض عربية والعمالة عربية ولكن الصناعة فرنسي.

الصناعة بكامل خطوطها في بلد ما يعكس مدى قوة مستوى التعليم والدورة الاقتصادية والسياسة ذلك البلد الخارجية.

فمن ناحية التعليم طبيعياً يهيئ الكوادر القادرة على العمل والبحث العلمي. والدورة الاقتصادية مبنية على سهولة الحصول على الموارد وعلى الأنظمة التي تضمن استقرارها. وأما السياسة فدور السياسة تؤمن العلاقات بين الدول تسهيل الدورة الاقتصادية بين الدول وعلى مستوى محلي. ما نراه الآن في البلاد العربية هو قسمين أحدهما غني والآخر لا يعلم أنه غني.

القسم الغني يحب التظاهر وشراء المنتجات حتى لو دخل في الصناعة فإنه لا يصنع أو على الأقل يستثمر في المصنع ولكنه يتحمل التكاليف لكي يكتب أنه قام بصناعتها وقد تجد المصنع في الخارج وحتى ولو كان بالداخل فالمالك والعامل وكلاهما أجانب فقط الأرض ومن دفع التكاليف هم محليين.
أما القسم الذي لا يعلم أنه غني فأغلب الصناعات التي تقوم على ارضه لا يعلم أنه من قام بصناعتها. قد تجد منتجا فرنسيا كتب عليه صنع في فرنسا ولكن في الأصل المصنع في إحدى الدول العربية والمواد من أرض عربية والعمالة عربية ولكن الصناعة فرنسي!

قد يتساءل القارئ فما السبب وما الحل؟
ذكرت سابقاً بأن في حال تحقيق مستوى قوي في التعليم والدورة الاقتصادية وسياسة البلد الخارجية يؤمن بيئة صناعية اقتصادية قوية ولكن تلك الثلاث عناصر لا تتوفر في وقت واحد لدى أي بلد عربي أو قد تكون معدومة ولا أقصد بعدم توفرها بأنها مستحيلة بل هي موجودة ولكن غير متوفرة على أرض الواقع بسبب صانعي القرارات. فالعزيمة والعمل وترك الاتكالية على الدول العظمى هذا يكمن أولاً من أصحاب القرار ثم الشعوب العربية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.