شعار قسم مدونات

من المحق.. الشعب التركي أم الإدارة الأمريكية؟

blogs - turkey
تشهد العلاقات التركية الأمريكية أزمة ثقة غير مسبوقة في الآونة الأخيرة بسبب دعم واشنطن لحزب العمال الكردستاني، على الرغم من تحالف الدولتين تحت مظلة حلف شمال الأطلسي، وتصنيف حزب العمال الكردستاني كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة.

وبعبارة أخرى، تدعم واشنطن منظمة إرهابية ضد حليفتها. ويضاف إلى ذلك، احتضان أمريكا لفتح الله كولن، زعيم تنظيم الكيان الموازي الذي قام في الخامس عشر من يوليو / تموز الماضي بمحاولة انقلاب فاشلة في تركيا.

إدارة أوباما تدرك أن الشارع التركي يحمل نظرة سلبية نحو الولايات المتحدة ويتهمها بالوقوف وراء العمليات الإرهابية، إلا أن لها رأيا آخر حول من يتحمل مسؤولية انتشار هذه النظرة، وتتهم الإعلام التركي

وفي ظل هذه الأزمة والهجمات الإرهابية التي تتعرض لها تركيا، أجرت شركة "A&G" للأبحاث استطلاعا للرأي في ديسمبر / كانون الأول، شمل 42 محافظة تركية. وتشير النتائج إلى أن 76 بالمائة من المواطنين الأتراك يرون أن العمليات الإرهابية التي تستهدف بلادهم وراءها قوى دولية وإقليمية. ووُجِّهَ إلى هؤلاء سؤال آخر لتحديد القوى التي تقف وراء العمليات الإرهابية الأخيرة فقال 80.3 بالمائة منهم: "الولايات المتحدة الأمريكية".

نتائج ذات الاستطلاع أظهرت أن 40.2 بالمائة من المواطنين الأتراك يرون أن العلاقات التركية الأمريكية لن تتغير بعد تولي الرئيس المنتخب دونالد ترامب مهامه، فيما يرى 33 بالمائة أنها سوف تتدهور أكثر. وأما الذين يرون أن العلاقات بين واشنطن وأنقرة سوف تتحسن في عهد ترامب فنسبتهم لا تتجاوز 26.8 بالمائة.

هذه الأرقام تؤكد أن غالبية الشعب التركي ترى أن الولايات المتحدة هي التي تقف وراء تصعيد المنظمات الإرهابية هجماتها التي تستهدف أمن تركيا واستقرارها، كما تشير إلى أن تلك الأغلبية لا تتوقع أي تغيير في الموقف الأمريكي من تركيا في عهد ترامب.

إدارة أوباما تدرك أن الشارع التركي يحمل نظرة سلبية نحو الولايات المتحدة ويتهمها بالوقوف وراء العمليات الإرهابية، إلا أن لها رأيا آخر حول من يتحمل مسؤولية انتشار هذه النظرة، وتقول إن الإعلام التركي هو الذي يدفع المواطنين الأتراك إلى اتهام واشنطن بالوقوف وراء العمليات الإرهابية.

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية جون كيربي، في مؤتمر صحفي عقده في نوفمبر / تشرين الأول بواشنطن، قال إن الأغلبية الساحقة في الإعلام التركي لم تفعل شيئا لتغيير التصور السائد في الشارع التركي حول ضلوع الولايات المتحدة في محاولة الانقلاب الفاشلة. وجدد كيربي اتهامه للإعلام التركي قبل أيام، ودعاه، في تغريدات نشرها بحسابه الخاص في موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، إلى إيقاف الحملة التي يقودها ضد الولايات المتحدة. وأدان كيربي العمليات الإرهابية التي استهدفت مؤخرا مدينتي إسطنبول وإزمير، قائلا: "نتضامن مع حليفتنا في حلف شمال الأطلسي تركيا ضد الإرهاب"، وزعم أن الاتهامات التي وصفها بــ"الباطلة" قد تؤدي بحياة المواطنين الأمريكان إلى خطر.

يبدو أن الإدارة الأمريكية تؤمن بأن حب الولايات المتحدة واجب علينا في جميع الأحوال، وتريد من الإعلام التركي ألا يتطرق أبدا إلى إقامة زعيم الكيان الموازي في مزرعة فاخرة بولاية بنسلفانيا تحت حماية وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية "سي آي إيه"، وأن يقود حملة لتجميل صورة الولايات المتحدة على الرغم من الدعم الأمريكي السخي لحزب العمال الكردستاني.

احتضان الولايات المتحدة لزعيم الكيان الموازي فتح الله كولن ودعمها لوحدات حماية الشعب الكردية التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي، الجناح السوري لحزب العمال الكردستاني، واضح كوضوح الشمس، ولا يحتاج الشعب التركي إلى توجيه الإعلام لرؤية هذه الحقيقة، كما أن الإعلام التركي حتى لو قام بحملة واسعة لإخفائها فإن الشمس لا يمكن حجبها بغربال.

إن كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تريد أن تغير نظرة الشعب التركي نحو واشنطن فإن مفتاح التغيير بيدها، لا بيد الإعلام التركي ولا غيره

الأسلحة والمتفجرات التي ترسلها الولايات المتحدة إلى وحدات حماية الشعب الكردية يتم تهريبها إلى الأراضي التركية واستخدامها في العمليات الإرهابية، كما يتسلل الإرهابيون الذين يشرف الضباط الأمركان على تدريبهم إلى أنقرة وإسطنبول وإزمير ومدن تركية أخرى ليقتلوا رجال الأمن والمواطنين المدنيين العزل وحتى السياح الضيوف. وما زال زعيم الكيان الموازي يدير خلايا تنظيمه السري من مزرعته بولاية بنسلفانيا ويبعث إليها أوامره تحت سمع أجهزة الاستخبارات الأمريكية وبصرها. وهل بعد ذلك يحتاج الشعب التركي إلى ما يكتبه الإعلام ليتهم الولايات المتحدة بالوقوف وراء المنظمات الإرهابية التي تستهدف بلاده؟ كلا!

إن كانت الإدارة الأمريكية الجديدة تريد أن تغير نظرة الشعب التركي نحو واشنطن فإن مفتاح التغيير بيدها، لا بيد الإعلام التركي ولا غيره، وما عليها إلا أن توقف دعمها لحزب العمال الكردستاني وأن تسلم زعيم تنظيم الكيان الموازي إلى تركيا.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.