شعار قسم مدونات

أسباب تجعل الانفجار حتميا في وجه النظام

blogs- الجزائر
إن انفجار الشارع الجزائري أمرا محتوما وطبيعيا جدا شئنا ذلك أم أبينا وعندما نقول أن هذا الانفجار حتميا لا يعني ذلك أننا نؤيده أو أننا نتمنى وقوعه، لا فبالعكس من ذلك تماما فنحن هنا نتخذ صوت التحذير والإنذار من نشوب حرب لا طائل منها بين الشعب المقهور والسلطة المستبدة بالرأي، والتي سيتحمل الطرفين طبعا نتائج وقوعها.

والنظام بدوره سيتحمل ذلك بدرجة أولى؛ أولا لأنه هو المسبب الرئيسي لنشوبها بسبب سياساته الفاشلة في تنمية البلاد واقتصادها، وثانيا لأنه المسؤول عن درجة الوعي المتدنية التي وصل لها الشعب بحيث تجعله في مرحلة لا يبالي بأي وادي سحيق يسقط فيه الوطن جراء أعمال عنف قد ينجر لها.
 

لم نسمع أبدا منذ الاستقلال بمحاسبة أي من المسؤولين المتورطين في قضايا فساد أو سرقات للمال العام، من هذا كله ندرك أن الدولة ليس لها نية صادقة نحو الإصلاح أو حتى الاعتراف بالفشل.

هناك عدة أسباب تجعل من الانفجار أمرا طبيعيا وأمرا سيقع حتما وإن طال زمنه:
إن السبب الأول الذي يولد حتمية الانفجار هو عدم وجود معارضة حقيقة ضد الحزب الحاكم وحكمه للبلاد، فقد شهدت الساحة السياسية عدة أحزاب تبنت فكرة المعارضة السطحية أو المعارضة الظاهرة أمام الإعلام، وفي الواقع كانت هاته الأحزاب الوجه الثاني لنظام أو الوجه الداعم المتحالف معه، وهذا ما يجعل الشارع غير واثق في هاته المعارضة لذا سيلجأ لتمثيل نفسه على أنه المعارض الوحيد للنظام وكلنا يعلم كيفية المعارضة التي سيلتجئ لها الشعب والوحيدة لديه وهي النزول لشارع ليثبت رفضه لسياسة النظام او غضبه لمشروع قانون ما يهدد أمنه الاجتماعي..
 

فها نحن اليوم أمام حالة من الاحتقان والغضب ضد قانون المالية لعام 2017 والذي جاء لتفريغ جيوبه وإضعاف من دخله أمام الغلاء الفاحش والذي شكل تخوفا كبيرا وهاجسا لدى المواطن من فقدان كرامته المعيشية، وهذا ما يولد انفجارا في وجه هاته السياسة المتجاهلة لمستوى المعيشي الذي سينتهي إليه، ولغة الشارع ليس لها سياسة تحكمها أو نظام يسيرها أو خطاب يوجهها عند غياب معارضة سياسية حقيقة كما قلت، فمن البديهي أن تحدث صدامات وأعمال عنف وتخريب للممتلكات تدخل مستقبل البلاد في نفق مظلم لا يعلم آخره إلا الله.

وهناك سببا آخر والمتمثل في سياسية الحكومة والتي لم تحمل نفسها ولو مرة واحدة مسؤولية فشلها في تسيير قطاعاتها الوزارية، فلم نشاهد على الساحة الوطنية أي من الوزراء تقدم لشارع باعتذار رسمي يعتذر فيه عن فشله في إنجاز مهامه بشكل مقبول أو حالة استقالة واحدة بعد فضيحة ما أخرجها الإعلام لسطح ونعلم أن كثير من الوزراء كانت لهم فضائح كبير جدا من وزير الطاقة والمناجم إلى وزيرة التربية إلى وزير الاشغال العمومية..
 

ولم نسمع أبدا منذ الاستقلال بمحاسبة أي من المسؤولين المتورطين في قضايا فساد أو سرقات للمال العام، من هذا كله ندرك أن الدولة ليس لها نية صادقة نحو الإصلاح أو حتى الاعتراف بالفشل، بل النقيض من ذلك حيث نشهد أن الدولة لا تزال ماضية في سياستها الفاشلة في بناء اقتصاد قوي وعيش كريم لمواطنيها، بل وأكملت عليها بسن قانون المالية الذي شكل تهديدا مباشر لمعيشة المواطن وتهديد لمستقبله نحو عيش كريم، ويأتي هذا القانون بعد 15 سنة من الدخل القوي لخزينة الدولة من أرباح البترول الذي شهد ارتفاعا قياسيا في أسعاره فكان من المنتظر أن يشهد المواطن تحسنا كبيرا في معيشته ليصطدم بالواقع الذي لم يكن ليتخيله.
 

ومن الأسباب الأخرى غياب خطاب الرئيس لشعبه في الأحداث التي حصلت وربما ستحصل في الأيام المقبلة وخاصة أننا أمام تصاعد في وتيرة الاحتجاجات الغاضبة، فمن فنون السياسة لدى الدولة الخطابات التي يتوجه بها الرؤساء لشعوبهم عند كل حدث يمس أمن الوطن أو تهديدا بحدوث أعمال عنف جراء القوانين التي تسنها الدول عند الحاجة لها في الحالات الصعبة التي تعصف بالبلاد، فغياب الرئيس يشكل في حد ذاته تهديدا مباشر لأمن البلاد واستقراره إذ أن الشعب لا يثق إلا في الشخص الذي اختاره لقيادة البلاد وهو الوحيد الممثل لصوته والضامن الوحيد لهم عند النوازل، وفي حالة غيابه يفقد المواطن أي ثقة نحو السلطة الحاكمة للبلد مما يجره لتبني أعمال عنف ضدها.
 

هذه بعض الأسباب العريضة التي قد تشكل ثورة غضب لدى الشارع الجزائري والذي لن يتحمل أكثر منها، وربما لن يستطيع التجاوب مع الغلاء المعيشي الذي سيفرضه قانون المالية لعام 2017 مما يجعل ثورة جياع تلوح في الأفق.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.