ففي كلمة "kostenübernahme" وهي ورقة يحصل عليها اللاجئ من مكتب السوسيال آمت تعني أن السوسيال آمت يقوم بتحمل التكاليف لهذا الشخص والمتعلقة بالإطعام ومكان السكن، قام القادمون الجدد والمتحدثون باللغة العربية بتحوير هذه الكلمة لتتناسب مع الغرض منها بإضافة جزء عربي للكلمة، مع الإبقاء على ذات الهوية الصوتية للكلمة الألمانية وذات المغزى فأصبحت "kostenmanama". ومنامة تعني باللهجة العامية المكان الذي ينام فيه الشخص.
إن قدرة الإنسان العربي على التكيّف مع اللغات الغريبة عنه أسهل بكثير من أي إنسان آخر، والإنسان السوري بالأخص قادر على ذلك؛ لأن أذنه اعتادت في بلده على أكثر من لغة في الشارع. |
لم يقتصر على اللغة الألمانية، بل تجاوز ذلك إلى أسماء الأماكن التي تتميز بصعوبة لفظها، فقام السوريون بتسميتها بأسماء جديدة ومألوفة، فقد حدثني أحد الأصدقاء أن السوريين أصبحوا يدعون اسم "أم عمر" على المحطة التي تقع بالقرب من دائرة شرطة Amrumer straße.
وأيضاً Ausländerbehörde أوجدوا اسما خاصاً بها وصاروا يدعونها "أبو اسكندر"..
وتبقى قدرة الإنسان العربي على التكيّف مع اللغات الغريبة عنه أسهل بكثير من أي إنسان آخر، والإنسان السوري بالأخص قادر على ذلك؛ لأن أذنه اعتادت في بلده الأًصلي على أكثر من لغة في الشارع. فهناك الكردية والسريانية والآرامية في معلولا بالقرب من دمشق، مع أنها قليلة الاستخدام في الشارع ورغم أن النظام حاول التضييق _بحجة الحفاظ على اللغة العربية _ على هذه المجموعات اللغوية إلا أنها هي حافظت على لغاتها الخاصة وحفظتها من الاندثار.
كذلك فإن عقل الإنسان العربي مثل أرضه التي يسكنها منفتحا بحكم التجارة والسياحة على أكثر وأهم اللغات في العالم، في الشمال تجد الإيطالية والإسبانية والبرتغالية واليونانية والقبرصية والتركية، وفي الجنوب تجد اللغات الفرنسية والانكليزية بحكم الاستعمار ونشره للغة البلد المُستعمر، أو لغات البلدان الأفريقية الأصلية التي تحد الوطن العربي من الجنوب. و من الشرق تجد الفارسية والهندية والباكستانية، بذلك كان الإنسان العربي قادر على تعلم اللغات بسرعة وبتطويعها مع لغته الأم وهذا ما حدث مع القادمين الجدد لألمانيا.
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.