شعار قسم مدونات

تأقلم الضفادع أم مقاومة المُكرم

blogs- الظلم

"تعم المنزل أجواء هادئة مسالمة فالأسرة بأفرادها الخمسة مجتمعة معاً على طعام العشاء يشاركون طعامهم بالتسامر والضحك ثم فجأة يُسمع صوت "خرفشة" قادم من الباب الخلفي للمنزل وبرغم انتباههم جميعاً له إلا أنهم جميعهم تجاهلوه واختاروا تكملة سمرهم بهدوء وهناء بعيداً عن صخيب الخطر!

ثم لم تمضِ دقائق حتى وجدوا الحرامي المسلح -بطبيعة الحال – في وسط جلستهم الرائعة يأمر وينهى وقد جعل نفسه الرقم ٦ في المنزل واتخذ للبيت أسلوباً جديداً للمعيشة احتكر كل من في المنزل فحّرم عليهم أمنهم ذاك كما حّرم تباعاً حياتهم الهنيئة تلك..".
 

مقاومة الظلم حق فبدلاً من سكوت أهل البيت عليه كان لابد من مقاومته وقصه قبل اقتحامه للبيت، فكل ظلم يولد ضعيفاً ثم يستقوى بضعف المظلومين وتأقلمهم.

بإمكانكم أعزائي تكملة الحكاية من بعدي كلٌ حسب خياله! وقولوا لي ما رأيكم.. هل هكذا تُروى الحكايا؟! هل يُسلم الناس حياتهم للمعتدين والظُلام يحتكرونها أنى شاءوا؟! أستطيع تصور إجابتكم متعجبين أن بالطبع لا لا تجري هكذا الحكايا!
 

لكنه مع الأسف هكذا تجري حكايتنا اليوم على أرض الواقع فاخترنا أن نسلم حياتنا اخترنا العيش بذاك "الهناء" المزعوم اخترنا التأقلم مع الظلم بديلاً لمقاومته !! فالدماء ما زالت أثرها على الأرض والجدران أو أنها معلقة في غياهب السجن والاختفاء القصري الأمن، بأنواعه مُخوخ ومسوس سواءً كان أمن الأرواح أو الأمن الغذائي أو المالي.. إلخ.
 

تغلي الأسعار ناراً بلا هدوء تنتشر الأمراض وتستوطن الغذاء ومعها الأبدان .يتخطف من الناس في الشوارع والبيوت أو يخطفوا جملة! الطالب يُظلم من أستاذه والموظف من مديره والمرؤوس من رئيسه.. إلخ، أمثلة الظلم وحكاياها تستمر جميعها -إلا ما رحم ربي- بتأقلم من المظلومين دون مقاومة فقد اعتدنا الظلم وكأنه أمر وفرض واقع اعتدناه وكأنه حق وكأنه حلال!
 

نُعامل معاملة "الضفدع المغلي" وهي حكاية لمن لا يعرفها تشير لأن الضفدع عند وضعه في الماء الحار يقفز سريعاً حفاظاً على حياته. أما إذا وضع في درجة حرارة معتدلة ثم سُخنت وارتفعت حرارتها ببطء حتى أصبحت شديدة الحرارة فسوف لن يقفز الضفدع وسيبقى في الماء لأنه لا يشعر بالخطر المقترب منه وسوف يموت إذا وصلت الماء لدرجة حرارة مميتة.
 

هكذا نُعامل وهكذا ينشأ الظلم درجة بدرجة ونحن متأقلمون ويرتفع الظلم ويغلي وما زلنا في طور التأقلم!! هل يليق بمن كرمه الله على سائر المخلوقات بالعقل أن يماثل الضفادع في مواجهتها وتأقلمها مع ذاك الخطر البين؟!
 

فلمتى التأقلم ومتى الثورة والمقاومة؟!
مقاومة الظلم حق فبدلاً من سكوت أهل البيت عليه كان لابد من مقاومته وقصه قبل اقتحامه للبيت، فكل ظلم يولد ضعيفاً ثم يستقوى بضعف المظلومين وتأقلمهم..
 
لا أقول قم وامسك سلاحك أو سكينك وقص رقاب من ظلموك فما زلنا في نظام مدني أو أثره، على الأقل فقط علينا رفض هذا الظلم الواقع مهما كان نوعه وقوته وطرق الرفض كثيرة ومتنوعة بعيداً عن الاعتداء الوحشي.. وسننتصر، فذاك الظالم ليس إلهاً وما دام كذلك فيمكن قهره.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.