شعار قسم مدونات

بين الشعور بالنصر وواجب الشكر

blogs - arab

لا بد لحكّام ورؤساء الدول العربية أن يبادروا بشراء قٌبعات النصر ويوزعوها على شعوبهم كمكرمةٌ من لدُنهم ومن ثم يأمروا رؤساء حكوماتهم بأن يُصدروا قراراً يقتضي بتعطيل الدوائر والمؤسسات والمدارس وكافة القطاعات العامة والخاصة في بلدانهم ويأذنوا لنا بالخروج في وقتاً متزامن الى الشارع العربي شريطة أن لا يكون هناك قنابل مُسيّله للدموع لأن عيوننا كشعوب عربية جفَ فيها الدمع وسكن قلوبنا الوجع ولم يعد لكرامتنا أملا في عودتها من المكان الذي أضعناها فيه ودون رصاصات تغزوا أجسادنا الجريحة المُعراة أمام عيون الزمن الغابر.

 

ليس بالضرورة أن نُحاول أقناع أنفسنا كشعوب عربية بأننا ما زلنا على قيد الحياة فانعدامُ الحرية هو موت والصمت عن الحق هو موت والخوف هو موت والجوع هو موت والتقاضي عن حقنا في أرضنا العربية هو موت.

فهذه المرة نحنُ لا نريد أن نُطالبكم بحُريتنا التي أنسيتمونا إياها منذ زمن ولن نُطالبكم بكرامتنا التي أضعتموها طريقُ العودة ولا تخافوا ولا تحزنوا فهذه المرة لن نرفع شعار الشعب يُريد لأن الشعب لم يُعد يريد إلا أمان نفسه وامه واخته وبنته وأهله اطمأنوا هذه المرة لن نرفع شعارات الموت بل سنرفعُ قبعات النصر احتراما وتقديراً لمن كان سبباً في نصرنا كما اعتبرتموه هذه المرة لن نهتف باسم ظُلمكم لنا وبطشكم بنا بل سنهتف بصوتنا المجروح لتلكم الدول الأربعة التي أصرّت على الثبات في موقفها المشرف بجانب إخواننا الفلسطينيين من داخل أروقة مجلس الأمن الدولي حيّال قرار التصويت على وقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي العربية المحتلة فلسطين بعد أن تم إقرارهُ وبأغلبية أعضاء المجلس وامتناع الولايات المتحدة الأمريكية عن استخدامها حق الفيتو في موقف يتعارض مع سياستها تجاه الكيان الصهيوني ويُدلل على أن تلك التي نعتبِرها لنا صاحباً لا صاحب لها ولا صديق.

 

علينا كدول وشعوب عربية وقبل أن ينتابُنا شعور الفخر والنصر بما حققته لنا تلك الدول في خطوتها التاريخية والذي عجزنا كل العجز عن خطوِها أو التفكيرُ مجرد التفكير في أن نسلُك طريقها أن نشكر تلك الدول الوفية لوقوفها بجانب شقيقتنا فلسطين وشعبها الصامد تلك الوحيدة التي تُنتهك صباحاً ومساءاً ليلاً ونهاراً صيفاً وشتاءً حتى أنها لم تعد تهتمُ في رزنامة الأيام وتواريخ الشهور وفصول السنة.

 

علينا أيضاً وقبل أن نطلب من وزراءِ إعلامنا أن يخرجوا على شاشات الاعلام ويُبدعون في صياغة بيانات الفخر وتصاريح النصر بعد اطلاعهم على معاجم اللغةِ العربية أن نشكر تلك الدول الشجاعة التي خطت ما لم نخطو فلم تخشى ولم تهاب ولم تتراجع ولو فعلت لما كُنا لائميها فأن تُكمل نصف الطريق خيراً من أن تتراجع منذ بدايته هذا ما كان من رئيس دولة عربية بعد سحبهِ مشروع قرار التصويت الذي قُدم من بلاده قبل سماعهِ صوت الرئيس الامريكي المنتخب ترمب هاتفياً فهل صوته لم يكن حنوناً هل صوته مُرعب أم انه كان يمتاز بالخشونة لدرجة أنني بتُ أشك في أنهم قيّدوا حُريتنا كعرب وحصروها في اختيارنا لساعاتِ نومنا وماذا نأكل ومتى نعمّل بهِ.

 

قبل أن نشعر بالنصر علينا أن نسأل أنفسنا هل نصرنا فلسطين المظلومة منذ سنين والتي لا تزال مغصوبة الارض معدومة الحرية مهدومة البُنيان ليس بالضرورة أن نُحاول أقناع أنفسنا كشعوب عربية بأننا ما زلنا على قيد الحياة فانعدامُ الحرية هو موت والصمت عن الحق هو موت والخوف هو موت والجوع هو موت والتقاضي عن حقنا في أرضنا العربية هو موت نعم ما نحنُ إلا أموات بشريه على قيد الحياة التي ظلمنا فيها أنفسنا بأنفسنا فبات الواحدُ منا يتمنى أن يُصبح دفيناً تحت التراب خيراً من أن يعيش مظلوماً ومحروماً ومقهوراً فوقه.

 

لنكُن واقعيين بشعورنا وفرحتنا وتصريحاتنا لأن النصر لن يكون يوماً على ورق وهو في الواقع هزيمة.

قبل أن نشعر نحنُ بالنصر علينا أن نسأل الطفل الفلسطيني الجائع هل شعر بالنصر أم أ اختاه الخائفة من رصاصات الجنود قد راودها شعور النصر هل شعر الشاب الفلسطيني مبتور القدمين بسبب قذيفة هدمت البيت فوق رأسه وأهله بالنصر أم أن الفتاه الفلسطينية يتيمة الاب الذي قُتل بمدافع الاحتلال قد شعرت بالنصر والاُم الفلسطينية وما أدراكم ما الاُم الفلسطينية فهل تعتقدون أن الاُم الفلسطينية قد شعرت بما شعرتم به من نصراً بطعم الصبر لها وبنكهة الخذلان والتراخي والهزيمةِ لكم.

 

قبل أن نشعر بالنصر هل تعتقدون أن الاحتلال الغاشم سيعترفُ بالقرار ويلتزم بتنفيذه وهذا ما نفاهُ على مسامعِنا النتن ياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي استهجنه وأعلن عدم الانصياع له وبدأ يُحارب تلك الدول الأربعة الدول التي تبنتهُ من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية معها مستنكراً أيضاً امتناع الولايات المتحدة الأمريكية وعدم استخدامها حق الفيتو غير أن الرئيس الامريكي الجديد ترمب قد طمأنه بأن كل شيء سيتغير بعد استلامه السلطة.

 

إذن علينا كدول وشعوب عربية ألا ننغرُ بما حققه الغير لنا فإسرائيل لم تلتزم يوماً بقرار اُممي لصالح الشعب الفلسطيني واستلام ترمب دفة الحُكم الأمريكي واضح بأنه سيُعزز من موقف البيت الأبيض في دعمها للاحتلال الإسرائيلي لتوسيع نطاق غطرسته في ظل خذلان دولي وصمت عربي حيال ما يجري في فلسطين المحتلة ولنكُن واقعيين بشعورنا وفرحتنا وتصريحاتنا لأن النصر لن يكون يوماً على ورق وهو في الواقع هزيمة.

 

نعم شكراً لفنزويلا شكراً لماليزيا شكراً للسنغال وشكراً نيوزيلندا فنحن مدينون لكم بأمران الاول ما فعلتموه مع فلسطين العروبة التي لم تعد قضية العروبة أو حتى ضمن أولوياتها لا الحالية ولا المستقبلية والثاني لكونكم أنتم سبب شعورنا بالنصر.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.