شعار قسم مدونات

بالكتابة تحررت.. إلى وطن

blogs - girl
برغم أني ولدت في بلدٍ محتل الا أن الكتابة حررتني حتى لكأني زاورت بلادي بقعة بقعة دون كلل، 
اظنني مررتُ يوماً بعكا ولربما تناولت إفطاري أمام بيت جدّي الأكبر هناك في حتّا ورأيتُ حواجز الأمن الوحشية.
بالكتابة والقراءة عرفتُ بلادي ولعنتُ حواجز المعابر ودعوتُ على محتلي بلادي فرداً فرداً. هذه الفتاة العشرينية التي ولدت لتشهد تحرر غزة ثم طمسها رويداً رويداً تحت التراب، كانت لا تزال طفلة حين ذهبت مع والدها رحلة تزور بها المستوطنات سابقاً " المحررات حديثا " ثم كبرت وشاب شعرها قبل أوانه لكثرة ما حل على بلادها منذ حينها .
كبرت عاماً تلو العام وكل عامٍ هو مأساة جديدة ، أي جيلٍ هذا الذي يغفو ليلةً ليستيقظ على لون الدماء وأصوات الحجارة المتناثرة لتعلن حرب جديدة، وأي حياة تلك التي كُتب لنا أن نحياها عاماً بلا مأوى وعشرات الاعوام بلا ماء ولا كهرباء ثم اي دنيا تلك التي تخلو من عمل يؤمن لمن اجتهد لما يقارب العقدين في علمه ثم ينظر ليجد نفسه يسير الى الخواء، ثم انظر لحاله ان اراد الهرب لبلدٍ مجاور فإما يموت انتظاراً للمعبر واما يموت غرقاً في البحار في محاولةٍ للنجاة من الدوامة .

لست بتلك الفتاة التي اعتادت ان تكتب للوطن لكني سمعت أمي تقول يوماً ( لا يؤلم الجرح الا من به ألم..   )

لنبدأ حواراً يمتد منذ 2006 وسأحكي رواية كاملة الأحداث عايشتها أنا واهل بلادي فقط ، سأروي لكم تفاصيل التفاصيل التي يغفل عنها الجميع عدانا، الجميع دون استثناء يغفو كل مساء يشغله عمله واهل بيته وشريك الحياة فقط ، لكن قلّي بالله عليك من عدانا ينشغل بنا وان حدث فالحال دعوة عابرة او سفينة مساعدات أخرى لا نرى من خيرها شيئاً .

نحن أبناء الوطن الدائرون في أرجاءها، نحن الذين نحيا خلف جدار الحصار وقيد الصمت الذي طال واستطال حتى ذابت حبائله
كثيراً ما حاورت نفسي بالصمت العربي ومع الأيام اكتشفت ان التخاذل صفة تكسو الجميع حتى أبناء الوطن الواحد يتخلونَ في الأزمات ومسؤولي الوطن الاكثر تخاذلاً، في وطني أنت إما فتحاوي أو حمساوي لا يوجد بين بين ، لن يصدقك أحد ان قلت انا مستقل. احدى صديقاتي قالت يوماً لا بد أن تنحرف البوصلة تجاه أحدهم ، والحال أن الجميع خذلنا ، أدرك اني بعد مقالتي هذه سأجد الكثير من التعليقات.
منها ما سيكون كالآتي، الحمساوي سيقول دافعت حماس عن الوطن لثلاث حروب وأكثر وبقيت على الثغرات لأمنكم وحمايتكم ووو..  وهذا حق وكاذبٌ من ينكر، لكن بلادي التي ندافع عنها يحيا بها مواطنون لا تُشبع الوطنية وحدها بطونهم الجائعة للحياة بكل مرافئها، أما الفتحاوي فسيدافع أن عهد السلطة كان به من الرخاء الكثير من وظائف وكهرباء ومعابر تعمل على مدار الساعة ثم إن فتح صاحبة الطلقة الأولى، لكن الطلقة ضاعت في الطريق والحال أنكم أشبعتم البطون ولم تسكتوا الضمائر الحية التي أحبت الوطن قبل منح الهوية.

نحن ابناء الوطن الدائرون في أرجاءها، نحن الذين نحيا خلف جدار الحصار وقيد الصمت الذي طال واستطال حتى ذابت حبائله.

بالكتابة تحررت وها أنا اليوم اكتب مدونتي الأولى ها هنا التي في الغالب لن ترى نور الشمس لأن الحق يؤلم اصحاب الضمائر النائمة والقلوب المتخاذلة. 
إلى اليوم الذي سترى به مدونتي النور شكراً لخذلانكم فرداً فرداً .

ابنة وطن. 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.