شعار قسم مدونات

الخدمة العامة إلى أين؟

blog مكاتب

إن أي محاولة لتحقيق نهضة الشعوب بلا شك فإنها تبدأ بالإدارة المحكمة لأن أبجديات التنمية تتم عبر اتباع الأسس الإدارية من تخطيط وتنظيم وتوجية ورقابة، إضافة إلى التنسيق والتقييم وإعادة التقييم المستمر والمتوازن وما اليابان عنكم ببعيد فمن دون هذه العناصر ستنهار أعظم الدول وبهذه العناصر يمكن أن ترتقي كل الدول.
 

ما دعاني إلى هذه المقدمة هو الشعور التلقائي اليومي والذي يصفعني ليلا بالتفكير بحال البلد ونهارا بالتطبيق العشوائي لكل ما يتعلق بواقع ومستقبل الوطن العزيز فكل مؤشرات أداء الخدمة العامة تشير إلى عدم فاعليتها وينطبق هذا على كل مفاصل الدولة ولعل السبب المبدئي لهذه العشوائية وعدم الفعالية هو ضعف الخدمة المدنية ومؤسساتها العاملة وغياب المؤسسية في هياكلها العاملة وعدم فعاليتها لمتطلبات العصر.
 

وقد يكون ههذ القصور نتاج عدم التدريب المستمر للإدارة الوسطى والعليا حتى أصبحت بعض الدرجات القيادية في الخدمة المدنية غير فاعلة وغير قادرة على مواجهة متطلبات القيادة الإدارية السليمة من جانب وإستغلال حظ النفس باعتبار المنصب الإداري القيادي هو البقرة الحلوب التي تضرب بها كل معاني المصلحة العامة عرض الحائط.
 

التسييس وتداخل الإختصاصات وعدم الإكتراث باللوائح يؤدي إلى التردي والتراجع فلا يمكن لأي دولة أن تتقدم بدون التنسيق الكامل لمؤسساتها.

بذلك تسود النزعة الشخصية وشخصنة الوظائف لذوي القربى والمصلحة وتكون النتيجة تكريس الشللية وتذويب المؤسسية وإنعدام الشفافية والمصداقية إلى الحد الذي يجعل المؤسسة مرهونة بشخص أو أشخاص وليس بأسس ولوائح وقوانين فتصبح المصلحة العامة تعصبا ويصبح تطبيق القانون ظلما ليترسخ الفهم الخاطئ في المؤسسات حتى يصبح الفرق بين الخفير والمدير في فهم المصلحة العامة هو فرق في المكتب فقط لاغير.
 

وبذلك تشيع أسرار الدولة وقراراتها وتكون متاحة في متناول الجميع حتى قبل تنفيذها ويضيع الأرشيف مع نقل كل مدير وبذلك ويصبح فرق معيار الأقدمية في سلم الدرجات في كشف المرتبات فقط وهو نتاج طبيعي لغياب التخطيط وعدم التنظيم الداخلي المنظم للقوة العاملة ناهيك عن تخطيط مشروعات حكومية وبرامج تنموية والتي تكون محصلتها كلها خبط عشوائي.
 

إذا فاقد الشيء لايمكن ان يعطيه لأن هدفها أصبح مجهولا وكأن الدولة غنيمة أو ملكية آجلة أو لكأنها رهينة لن يتم إطلاق سراحها إلا بعد تحقق المصالح الرخيصة والخاصة.

وقد يكون السبب هو التسييس الواضح وتداخل الاختصاصات والمهام وعدم الاكتراث باللوائح والقوانين وكل هذه الأسباب تؤدي إلى حصيلة واحدة وهي التردي والتقهقر والتراجع فلا يمكن لأمة أن تنهض بلا أتباع للأسس العلمية المتعارف عليها كما لايمكن تقدم أي دولة بدون التنسيق الكامل لمؤسساتها من أجل تحقيق المصلحة.

لذلك نحن بحاجة إلى تفعيل أسس وعناصر الإدارة فالتخطيط الإقتصادي يقود إلى الاستقرار الاجتماعي والسياسي كما أن عنصر التنظيم يعني سيادة حكم القانون بتنظيم الحياة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وكذلك العلاقات الدولية برؤية المصلحة العامة للمجتمع والدولة في إطار متعايش إجتماعيا واقتصاديا وسياسيا يحقق مصالح وأهداف المجتمع العليا وأسباب القوة والكرامة للوطن.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.