شعار قسم مدونات

حركة طلابية "مش" واحدة!

blog حركات طلابية

الحراك الطلابي، هو قصبة حركة الاستقلال الوطني المصري، وعمادها الأساسي الذي شكل وعي الناس، وقاد في مراحل متعددة معارك التحرر الوطني، ولأن التاريخ يعيد نفسه، بتماثل الأحداث بعضها بعضا، يمكننا فهم سر التشرذم الحاصل في الحركة الطلابية المصرية، إذ وعلى غير المتوقع، فطلاب الجامعة هم الأكثر وعيا بما حولهم، والأكثر انفتاحا على بعضهم بعضا، والأكثر قدرة على التقبل حتى، لم نجد هذا النوع من التماسك بين الطلاب وبعضهم في السنوات التي تلت الثورة.

الملامح العامة للحركة الطلابية المصرية في ثلاثينيات القرن الماضي، كما وردت في كتاب "الطلبة والسياسة في مصر" هي وفد ويسار من جهة وأحزاب وجماعات إسلامية من جهة ثانية، بعد أن كان الوفد هو سيد الموقف، وصاحب اليد العليا، نازعه فيما بعد، حركات الشيوعية الناشئة، "حمتو" و"إيسكرا" وغيرهما، وحركات الإسلام السياسي، كمصر الفتاة، وجماعة الإخوان. حديثا لم يختلف الوضع كثيرا عن الآن، فهناك إسلاميون وهناك غيرهم من يسار ووفد وحزب النور السلفي وغيرهم. 
 

طالب الجامعة لم يعد يختلف عن أي أحد آخر، وبالإممكن أن يبلغ عن صاحبه المعارض، ولدينا كوراث يومية تنجم عن الإخبار عن طلاب بعينهم.

لم نصل بعد إلى مراد هذه التدوينة ،ألا وهو، هل كانت الحركة الطلابية واحدة في حياتها كما نهتف؟ كلا بالطبع. ففي كل زمان هناك طلاب يتوددون للسلطة على حساب أولئك المغضوب عليهم والذين قالوا لا، والمتودد هو من يسير في عباءة السلطة ويمثل الإطار في صورتها المثالية الآمنة، ومن نطلق عليهم مصطلح "عصافير النظام" وعيونه لإحداث هدوء في الجامعة يشبه هدوء المدن المهجورة، وهناك أيضا معارك جانبية في معسكر من يقولون لا.

بعض هذه المعارك قد تكون بين فصائل تحمل نفس الفكر، مثل حركتان شيوعيتان هما "حمتو" وكانت لأبناء الأسر الفقيرة و"إيسكرا" للأغنياء كما ورد في نفس الكتاب، لم يكن ثمة ود بينهما لعامل الفوارق الطبقية، اللهم إلا لو كانوا سيلاقون الإسلاميين، فبالطبع كان يلزمهم أن يشدوا على أيادي بعضهم بعضا ظاهريا، وعلى النقيض تماما، الإخوان ومصر الفتاة، والإخوان والجماعة الإسلامية، والإخوان وحزب الوسط، رغم المنبع الإسلامي الواحد إلا أن هناك ثمة فروق يفرضها أحيانا تباهي فريق ما بما لديه من أعداد وكوادر.
 

وإذا تخلصنا من المشادات الجانبية وأينا أصح رأيا وأسلم عقلا؟ نتجه إلى الخصم، نعانده على حساب القضية التي تستوجب منا أن نقف صفا واحدا لنكون فقاعة كبيرة تبتلع الطغيان أو الاستعمار بدلا من السماح له بابتلاعنا متفرقين.
 

الحركة الطلابية ليست واحدة، ولو كانت وحدها لتخلصت من الطاغوت، وتخلصت من السياسيين الذين أوصلونا إلى كهف أصابنا فيه تيه.

طالب الجامعة لم يعد يختلف عن أي أحد آخر، بات من الممكن أن يبلغ عن صاحبه المعارض مثلا للتنازل عن جزيرتي تيران وصنافير، ولدينا نحن الطلاب، كوراث يومية تنجم عن الإخبار عن طلاب بعينهم، والمشكلة أن ما يجمع هؤلاء "العصافير" أنهم بالفعل إما أغبياء تحصيلهم الدراسي ضعيف، أو مرضى نفسيين إما بالغيرة من زملائهم أو بالحماس الزائد عن الحد للفكرة التي لديهم، أو لتأييدهم المتطرف جدا لشخص حاكم ما، ودائما كان لدينا زملاء يصل بهم الأمر لسِباب بعضنا أو الاشتباك معه يدا بيد.

الحركة الطلابية ليست واحدة أبدا ولم تكن كذلك، ولو كانت، لكانت وحدها قادرة على التخلص من الطاغوت، والتخلص من السياسيين الذين أوصلونا إلى كهف أصابنا فيه تيه، ويزداد ظلامه يوما بعد يوم، لماذا لم تكن الحركة الطلابية واحدة ؟ لأن ما يحركها ليس هو الوعي بالقضية والهدف المحدد لها لتنجزه، بل ما يحركه هو عصابة على العينين تسمى الإيديولوجيا وقيد في اليد يحركة القائد السياسي، الذي بالمناسبة لا يخطئ أبدا.

 

وحتى نعي الهدف وأبعاد القضية سنظل هكذا، يسار في سبيله لدولة بوهيمية لن تتحقق، وإسلاميين في دولة إسلامية لن تتحقق، ببساطة لأن الآمرين الحاليين، يريدوننا هكذا، في طريق متوازية لا تلتقي أبدا، لأن نقطة التقائها هي نقطة نهاية دولة ال "أي كلام". 

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.