شعار قسم مدونات

العرب وثقافة الخوف

blogs - fear
الخوف حالة نفسية قد تصيب أي شخص في أرجاء المعمورة لكن عند العرب فالخوف تقليد قديم ومقدس، نتعلمه منذ الصغر، يسقيه لنا الآباء والمعلم والأستاذ والسلطان وخادم السلطان وحرس السلطان، الخوف هومورفين العرب، لا نستطيع العيش بدونه، نشتاق له إن غاب، نبكي لرحيله وتخرج المسيرات وترفع الشعارات كي يعود، كبرنا على كلمة احذر، راقب لسانك، اصمت يا فتى، لا تناقش، لا تخالف..

 

ثم نتصور أنه عندما يتقدم بنا العمر لن يعود للخوف فسحة في قلوبنا لكن الكلمات التي نسمعها في الصغر يلاحقنا شبحها في الكبر فتصبح: راقب قلمك، راقب كتبك التي تقرأها، وقصائدك التي تعشقها، احذر أن لا تعجب الجنرال أوأن لا يرضى عنها فارسهم المختار..

 

قرون من الكبت وسيوف السلاطين وبنادق العساكر وسكاكين الخونة ونعيق الرعاع جعل منا كتلة من الخوف والجبن.

الخوف تجاوز عندنا الأفعال فصرنا نخشى الأفكار، صرنا نخشى أن نفكر، محاكم التفتيش في كل زاوية تراقبنا، تحاصرنا، يقتادنا أعوانها إلى غياهب السجون، فإما أن تخاف وتورث ذريتك الخوف من بعدك أوفإن خد المقصلة ينتظرك.
 

لما نحن نخاف؟ هل جينات العرب ممتزجة بلعنة الخوف، هل ما يسمى بالعالم الحر يولد أطفاله أحرار من بطون امهاتهم، هل أمريكا أرض الأحرار وموطن الشجعان ونحن موطن الخائفين البائسين.
 

لا ليس كذلك بل قرون من الكبت وسيوف السلاطين وبنادق العساكر وسكاكين الخونة ونعيق الرعاع جعل منا ما نحن عليه الأن، كتلة من الخوف والجبن، ذهب صوت حناجرنا وجف حبر أقلامنا، مللنا الحديث والنقاش، خف الحماس في قلوبنا .
 

لقد كتب الشاعر العظيم نزار قباني قصيدة رائعة بعنوان تقرير سري جدا من بلاد قمعستان حيث يقول فيها :
مواطن أنا من شعب قمعستان
أخاف أن أدخل أي مسجد
كي لا يقال إني رجل يمارس الإيمان
كي لا يقول المخبر السري
أني كنت أتلوسورة الرحمن

التاريخ لا تصنعه الايادي المرتعشة ومستقبل العرب لن يصنع بجيل خائف خانع.

فالخوف متجذر في مخيالنا الشعبي، الثقافي، الأدبي، لكن السؤال هل هوقدر لنا أن نعيش تحت سطوته ؟ 
لا بل الحل بأيدينا وأقلامنا فكما قال أب الليبرالية أدام سميث: دعه يعمل دعه يمر، يجب أن نقول: دعه يعبر، دعه يبدع، دعه يفكر، دعه يصرخ وأهم ما في الأمر دعه يشعر أنه إنسان.

 

يجب أن نكرس في مناهجنا التعليمية والتربوية ثقافة النقاش والحوار دون خوف، يجب على الأسرة العربية أن تربي أبنائها على قول كلمة الحق وتشاركها في إتخاذ القرارات حتى البسيطة منها، يجب أن تنتزع الخوف من صدور الأطفال انتزاعً.

التاريخ لا تصنعه الايادي المرتعشة ومستقبل العرب لن يصنع بجيل خائف خانع.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.