شعار قسم مدونات

رفقا بإسلام الشهابي يا عرب

blogs - rio
رَفْضُ التطبيع مع إسرائيل شعار رنان دفع العديد من الرياضيين العرب إلى الانسحاب من مسابقات دولية أو ملتقيات رياضية مهمة كلما تعلق الأمر بخصم إسرائيلي. فبمجرد إعلان القرعة عن سقوط هذا الرياضي أو ذلك الفريق العربي في مجموعة تضم إسما أو فريقا إسرائيليا، تميل كفة العرب نحو الانسحاب عوض المواجهة. هذه التدوينية ستكون دعوة للتأمل والتساؤل عن الموقف الصائب الذي يجب أن يتخذه العرب.

شهدت النسخة الحالية من الألعاب الأولمبية التي تجرى بريو دي جانيرو البرازيلية برسم سنة 2016 انسحابا مثيرا للاعبة الجودو السعودية "جود فهمي"، بعد أن أوقعتها القرعة مع لاعبة من إسرائيل. ورغم نشر اللجنة الأولمبية السعودية على صفحتها على موقع «تويتر»، خبرا مفاده أن اللاعبة تعرضت لإصابة في يدها وقدمها خلال التدريب حرمتها من المنافسة، ما دفع اللجنة الطبية إلى التوصية بعدم مشاركتها في المنافسات، إلا أن تغريدة اللجنة الأولمبية السعودية ورغم أنها تنفي الانسحاب وتؤكد عامل الإصابة، فإنها يمكن أن تفسر على أنها تهرب ذكي للَّجْنَة المذكورة من العقوبات التي قد تلحق باللاعبة والبعثة السعودية ككل.

إسلام الشهابي كان أمام خيارين أحلاهما مر، لأن المواجهة تقتضي قبول نتيجتها أيا كانت، هزيمة أو انتصار

بينما قرار لاعب الجودو المصري "إسلام الشهابي" بمواجهة اللاعب الإسرائيلي "أور ساساون" سواء كان طوعيا أو إلزاميا من اللجنة الأولمبية المصرية، شكل خرقا لهذه القاعدة التي دأب عليها العرب. ورغم أنه لم يذق طعم الفوز على نظيره الإسرائيلي، إلا أنه تفادى العقوبات ولم يقدم فوزا سهلا على طبق من ذهب لخصمه الإسرائيلي. ففوزه ماكان يجب أن يحمل دلالات سياسية وكذلك الهزيمة لا يجب أن تعتبر نكسة ثانية للعرب، لأنها أولا وأخيرا مجرد مقابلة رياضية لا أكثر. ورغم كل الغضب الذي خلفته هزيمته وخاصة رفضه مصافحة اللاعب الإسرائيلي وما أسال ذلك من مداد الصحافة العربية والدولية، فإن موقف جماهير العرب كان سيكون مغايرا إذا انتصر سواء صافح أو لم يصافح خصمه، وكان سيشكل مصدر فخر لهم وبطلا قوميا.

إسلام الشهابي كان أمام خيارين أحلاهما مر، لأن المواجهة تقتضي قبول نتيجتها أيا كانت، هزيمة أو انتصار، وحالات الانسحاب من مواجهة الإسرائيليين تعود بعواقب وخيمة على الرياضيين العرب. فإذا ما تغاضينا عن تبدد حلم ذلك الرياضي أو ذاك الفريق في التألق ومعانقة البطولة أو الوصول إلى منصة التتويج، فإننا لا نستطيع أن نتجاهل ضياع أموال طائلة صرفت على هؤلاء الرياضيين من أجل إعدادهم لهذه البطولة كي يمثلوا بلدانهم خير تمثيل، فضلا عن العقوبات القاسية التي تنزلها الاتحادات الدولية أو اللجان المنظمة للتظاهرات الرياضية بهؤلاء الرياضيين، والتي تتراوح بين التوقيف وتعليق المشاركة في النسخ اللاحقة من البطولة. كما يواجه بعض اللاعبين العرب بالفرق الأوروبية عقوبة الإهمال في دكة الاحتياط لرفضهم إجراء مقابلة ضد فريق إسرائيلي أو يضم لاعبا إسرائيليا، ناهيك عن تهمة العنصرية ومعاداة اليهود التي تلتصق بالعرب حينذاك وتجدها إسرائيل ورقة مربحة لصالحها تخرجها عند الضرورة، خاصة وأنها تلعب على وتر ضرورة الفصل بين الرياضة والسياسة.

هل يجب إذن أن نبعد الرياضة عن الشؤون السياسية ونقبل بها بكل قواعدها؟

ما هي الإيجابيات التي حققها العرب من سياسة الانسحاب هاته؟ نخشى القول أنه لا إيجابيات تذكر. فعوض أن تؤول الكفة لصالح القضية الفلسطينية التي تشكل جوهر القضايا الإنسانية قبل أن تكون قضية عربية بامتياز، تستفيد إسرائيل من فوز يقدم لها دون عناء ويضمن لها الاستمرار في البطولة وإحراز اللقب أو الميدالية، كما يذكر الإعلام الغربي والإسرائيلي الحادثة ويفسرها بعنصرية عربية وسعي عربي لعزل إسرائيل في التظاهرات الدولية.

أما إذا رأينا في الانسحاب عدم اعتراف بإسرائيل مما يشكل إضعافا لها ولشرعيتها كدولة، فهنا للأسف تميل الكفة لهم أيضا، لأن عدد الدول التي تنسحب من مواجهة إسرائيل هي قليلة جدا وتكاد لا تتجاوز العشر دول وأغلبها عربية وتضاف إليهم إيران برفضها منازلة الإسرائيليين في عدة مناسبات، فهل هذا كافٍ لزعزعة شرعية إسرائيل ولفت أنظار العالم إلى جرائمها؟ الجواب هو قطعا لا. وتبقى المصيبة هي أن عدد ميداليات إسرائيل طيلة مشاركاتها في الأولمبياد تفوق ميداليات عدة دول عربية مجتمعة، وهذا يعني أن نشيدها الوطني عزف لمرات عديدة ورايتها رفعت في عدة مناسبات، فمن الخاسر إذن إذا انسحبنا؟ نحن أم هم؟.

يبقى السؤال المحير والذي يستوجب جوابا رصينا وعقلانيا هو "ما هو الموقف الأصلح للعرب والأنجع في الدفاع عن القضية الفلسطينية؟ هل هو الانسحاب أو قبول الواجهة مهما كانت النتيجة؟" مع العلم أن عددا من الرياضيين العرب وخاصة من مصر قبلوا بمواجهة لاعبين وفرق إسرائيلية، رغم مواقفهم المعادية لجرائم إسرائيل في حق الشعب الفلسطيني المحتل والدول العربية المجاورة، وجلبوا الفوز وصعدوا إلى منصات التتويج، فقطعوا بذلك الطريق على إسرائيل. هل يجب إذن أن نبعد الرياضة عن الشؤون السياسية ونقبل بها بكل قواعدها؟ أم يجب أن نستمر في مقاطعة إسرائيل رياضيا؟

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.