شعار قسم مدونات

اليمن والحل الممكن

blogs - yeman

لم يعد هناك أدنى شك لدى المتتبع من تدويل قضية اليمن وأصبحت كل أطراف النزاع العالمية تؤثر فيها سوى بطريقة مباشرة أو غير مباشرة مما أدى إلى تعقيد أزمة اليمن بصورة أكبر وأصبحت ككرة الثلج كلما مر الزمن زاد التعقيد.

ومع أن التدخل العربي (عاصفة الحزم) وماتبعها من إعادة الأمل قد فتح بعض التفاؤل في البداية إلا أن طول الفترة الزمنية للحرب وما صحبها من سوء إدارة استفاد منها تجار الحرب قبل المواطن اليمني خلق إستياء ومعاناة شديدة تجرعها الشعب اليمني الذي بات يبحث عن ظل دولة تقوم بأدنى الواجبات الإنسانية.

لا نزال نسير بعكس ناموس الكون فنطلب من نفس العقول أن تقدم لنا الحلول ونكافئها بالمزيد من الدعم ونحن بذلك نطلب المستحيل

وأصبحت قناعة لدى كل العقلاء في البحث عن أي حل يعيد وجود الدولة، ومما لا شك فيه أن اليمنيين يتحملون المسؤولية عن ما صارت إليه الأوضاع في ظل تراكم المشكلات وتعقيدها ولعل المتأمل للوضع في اليمن منذ بداية التسعينيات يجد هناك أمور ثابته لم تغيرت من أهمها، وجود نفس الأشخاص سواء على مستوى الدولة والحكم أو الأحزاب ومنظمات المجتمع المدني، وكذلك يجد نفس السياسات التي تستخدم ويتعامل معها هي نفسها وكلما فشلت عادوا بها من باب آخر.

ولكن الأمر الأهم أن الأوضاع الإقتصادية والمعيشية التي تهم المواطن البسيط تدهورت بشكل كبير جداً بالرغم من كثرة الموارد وهنا ذكروني بقصة العالم الذي وعظ في الناس وكانوا يبكون متأثرين بالوعظ والخوف من الله ولكن سُرق كتاب الواعظ فقام الناس كلهم يبكون ولكن من سَرق الكتاب وهذا حال اليمن والملاحظ أن هناك إصرار على عدم التعلم من الأخطاء المتكررة في التعامل مع بعض المشكلات التي يعاني منها البلد أنه أمر يدعو للدهشة وكأنهم لا يعلمون أن بداية الحل تكمن في استبعاد العقليات التي أنتجت هذه المشكلات واعتبارها جزء من المشكلة.

ولهذا السبب فإنه لا يمكن الإعتماد عليها في البحث عن الحلول، ويبدو أننا لم نصل لهذه القناعة حتى الآن حيث لا نزال نسير بعكس ناموس الكون فنطلب من نفس العقول أن تقدم لنا الحلول ونكافئها بالمزيد من الدعم والمزيد من الوقت ونحن بذلك نطلب المستحيل. وهذا لا يوحي بالجدية في البحث عن الحلول فالمشكلة لا يمكن أن يتم إصلاحها من خلال العقول التي صنعتها وهذا مبدأ معروف يدركه طلاب المرحلة الابتدائية. وكما قال أينشتاين لا يمكننا حل المشاكل المستعصية إذا ظللنا نفكر بنفس العقلية التي أوجدت تلك المشاكل.

اليوم الكل يتحدث عن نتائج هذه المشكلات التي حلت بالبلد ولم يلتفت أحد الى الأسباب التي أوجدت هذه المشكلة لأن أكثر من يتحدث عن نتائج هذه المشكلات هو جزء أصيل من أسباب المشكلة التي أوجدت هذه النتيجة.

بعض الناس يعانون ليس لأنهم عاجزون عن حل مشكلاتهم بل لأنهم لا يرون مشكلاتهم" وبدون تغيير هذه العقليات فلن ينتج إلا المزيد من المشكلات.

ولعل الحل الممكن اليوم يتمحور في تغيير العقليات التي أنتجت هذه المشكلات ولا زالت تتصدر المشهد الوطني في جميع جوانبه وقد ينطبق على بعض هذه العقليات ما قاله جون جاردنرJohn Gardner بعض الناس يعانون ليس لأنهم عاجزون عن حل مشكلاتهم بل لأنهم لا يرون مشكلاتهم" وبدون تغيير هذه العقليات فلن ينتج إلا المزيد من المشكلات ويجب على العقول المتفتحة المؤمنة بالوطن والتي تمتلك المعرفة أن تتسلم القيادة سوى على مستوى الدولة أو الأحزاب أو المنظمات المؤثرة في القرار.

ومن هنا يمكن البدء في البحث عن أفضل الحلول التي تقوم على تغيير النموذج الذي أدى إلى الصراع من البداية مع التركيز على السبب الذي أدى الى الصراع في ظل قاعدة أنا أحتاج لك حتى أكون أنا وأنت تحتاج لي حتى تكون أنت.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.