شعار قسم مدونات

كاريموف قتل عثمانوف؟

BLOGS - OTHMANOF
المكان: العاصمة البريطانية لندن
الزمان: الثامنة صباحا من أحد أيام عام ألفين واثنين
الموقع: محطة هولبورن وسط العاصمة
كعادتي أخرج من محطة القطارات باتجاه مبنى بوش هاوس حيث المقر السابق للقسم الدولي بهيئة الإذاعة البريطانية.
لا مفاجآت!

الشارع يعج بالحركة وباعة الصحف ينشرون على أبواب أكشاكهم أحدث عناوينها.
أسترق النظر فلا أجد عنوانا بارزا أحمله معي نحو المحطة ليكون وجبة نتشارك الحديث فيها
أمتار معدودة كان فضولي الصحفي على موعد مختلف!

على آخر عمود في الشارع كانت عبارة بخط آخر آكثر إثارة هذه المرة تقول: كاريموف قتل عثمانوف!

ملصقات صغيرة بحجم كف اليد تنتشر على أعمدة النور الواصلة بين المحطة والإذاعة يتساءل كل منها بخط عريض بالإنجليزية:
من قتل فرهاد عثمانوف؟
تجاهلت الأولى ثم الثانية لكن الثالثة كانت أكثر إثارة بتكرارها ثم الرابعة والخامسة وكل منها تقدم التساؤل نفسه دون إجابة!

كتبت النص على ورقة كانت معي فلم تكن للموبايل آنذاك كاميرات تسعف في نقل الفكرة.
على آخر عمود في الشارع كانت عبارة بخط آخر آكثر إثارة هذه المرة تقول:
كاريموف قتل عثمانوف!

ولأن كاريموف الذي أعرفه ليس سوى رئيس أوزبكستان فقد شدتني الفكرة الإبداعية كما شدت الكثيرين ربما للعودة للبحث عن القصة!

القصة باختصار هي قصة دولة خرجت من قبضة الاحتلال السوفييتي لعدة عقود لتجد نفسها فريسة لوكلائه، وكغيره من زعماء الدول التي تقطنها غالبية مسلمة هناك ظلت موسكو تتمسك بقرارها السياسي ومصائر زعمائها "شالت بعضهم فانشال وحطت البعض فانحط !

ومع دعم الغرب لدول شرق أوروبا وضم بعضها للاتحاد الأوروبي وأخرى لحلف شمال الأطلسي كان مصير الجمهوريات ذات الغالبية المسلمة أن تظل حبيسة أنظمة ديكتاتورية تحتكر الحديث عن الديمقراطية ورهنا لأجهزة قمعية تقدم للعالم نظريات في الحريات والحقوق!

موجة من الثورات ضد حكم كاريموف تعلم معها مبكرا الوصفة السرية للحكومات القمعية المتمثلة في "شيطنة المعارضة" ووصمها بالإرهاب حتى قبل أن تكون داعش قد ظهرت على الساحة.

من بين ضحاياه الزعيم المعارض فرهاد عثمانوف …كان إماما في أحد ضواحي العاصمة قبل أن تختطفه السلطات وتلقي به جثة هامدة ثم اختفت زوجته بعد اعتقالها ومن بعده وبعدها كان ذلك مصير الآلاف.

تسرب كثير من الشباب الأوزبك حول العالم لقمة سائغة لداعش والقاعدة بسبب القمع الذي مارسه النظام ضدهم.

يذكر السفير البريطاني كريغ موراي في مذكراته المعنونة "جريمة قتل في سمرقند" إن معتقلات النظام الأوزبكي كانت تشهد تفننا في القتل منها "غلي الناس حتى الموت".

لا داعي لسرد بقية القصة فالمشهد السوري كفيل بإكمالها، فحتى الأمريكيون الذين طالموا اتهموا نظام حكمه بالقمعي المدعوم من موسكو وجدوا فيه ضالتهم فتحالفوا معه بعد الحادي عشر من سبتمبر لاستخدام قواعده العسكرية في الهجوم على طالبان.

و قبل أن يخترع النظام السوري البراميل المتفجرة كان السفير البريطاني السابق في أوزبكستان كريغ موراي يقول في مذكراته المعنونة "جريمة قتل في سمرقند" إن معتقلات النظام كانت تشهد تفننا في القتل منها "غلي الناس حتى الموت".

ما لا أعرفه عن البلاد خلال حكم كاريموف سأتركه لويكي بيديا التي تقول إنه بنى خلال فترة رئاسته إمبراطورية تجارية واسعة النطاق، تضم أكبر شركة للهاتف المحمول في البلاد وسلسلة من النوادي الليلية!

يحدث ذلك في بلد قدمت للتراث الإسلامي البخاري والخوارزمي والبيروني والزمخشري والترمذي ومن حواضرها بخارى وسمرقند وطشقند وخوارزم ووادي فرغانة حتى قيل إن "حدود بلاد الإسلام من غانا إلى فرغانة" وكانت تدعى بلاد ما وراء النهر قبل أن تصبح بلاد ما وراء النحر!

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.