شعار قسم مدونات

هل هوليوود عنصرية؟

blogs - holly wood
عندما أنتجت هوليوود فيلم "الرائعون السبعة" عام ١٩٦٠ مقتبساً عن فيلم ياباني للمخرج الكبير أكيرا كوروساوا، نقلت المكان من الريف الياباني إلى أجواء الوسترن الأميركي ووضعت في البطولة سبعة ممثلين بيض في مواجهة زعيم عصابة مكسيكية شرير يعتدي على بلدة صغيرة.

هوليوود أعادت موخراً إنتاج الفيلم بنفس القصة لكن بحلّة مختلفة، سبعة ممثلين متنوعين عرقياً في مواجهة شرير أبيض البشرة رأسمالي، وهذا التنوع شمل شخصية الممثل دنزل واشنطن (أسمر البشرة) وشخصية صينية ومكسيكية وهندي أحمر، وإلى جانبهم ثلاثة شخصيات بيضاء.
 

شروط العرض ومعايير الرقابة في الصين باتت أساسية في دفاتر منتجي هوليوود وسيناريوهات أفلامهم ذات الميزانيات الكبرى.

فما الذي تغير بين الأمس واليوم وهل هوليوود أصبحت أقل عنصرية ؟

في الماضي كانت معظم إيرادات الأفلام الهوليوودية (٧٠-٨٠ في المئة منها) تأتي من السوق المحلي الأميركي والباقي من أنحاء العالم، لكن مع ظهور أفلام البلوك باسترز(أي أفلام الميزانيات الكبيرة) وطغيانها منذ التسعينات وخاصة أفلام الأبطال الخارقين، أصبح السوق العالمي في السنوات الأخيرة هو من يمليء جيوب منتجي هوليوود، لا بل ويعوض خساراتهم في شباك التذاكر الأميركي.

ففيلم "Warcraft" مثلاً جلب من السوق الأميركي ٤٧ مليون دولار وكان مهدداً بالسقوط المريع، لكن المشاهد الصيني أعاد البسمة إلى وجوه منتجي الفيلم فحوّلَ الخسارة إلى أرباح وأمّن للفيلم أكثر من ٢٢٠ مليون دولار وتكفلت باقي الأسواق بتآمين أكثر من ١٦٠ مليون. لذا بات حكماً التنويع العرقي قدر الامكان ليتماهى المشاهد العالمي أكثر مع ما يشاهده.

ويبدو أن السوق الصيني في طريقه ليصبح السوق الأول والأساسي لهوليوود، فذوق المراهق الشاب في شانغهاي بات يتحكّم في قصص أفلام البلوك باسترز وأنواعها أكثر من نظيره في نيويورك. وشروط العرض ومعايير الرقابة في الصين باتت أساسية في دفاتر منتجي هوليوود وسيناريوهات أفلامهم ذات الميزانيات الكبرى.
 

هذا عن أفلام هوليوود، لكن ماذا عن هوليوود نفسها. كيف هو حالها مع العنصرية؟

في حفلَي الأوسكار الأخيرين كان واضحاً اعتراضات الممثلين ذوي الأصول الأفريقية بعدم إنصافهم من ناحية الترشح للجائزة، وأطلقوا حملة احتجاج تحت عنوان "الأوسكار كثير البياض" خاصة بعد أن كشفت إحدى الصحف أن أعضاء الأكاديمية الذين يصوتون للجائزة يشكّل البيض منهم حوالي ٩٤ بالمئة. فدفع هذا كله لاحقاً إدارة الأكاديمية إلى اتخاذ خطوات من شأنها مستقبلا تصحيح هذا الخلل.

المقولة الشهيرة الرائجة في هوليوود هي أنه لا عنصرية في أفلام هوليوود وإنما هو المال.

لكن هذه الضجة ألقت الضوء على العاملين في هوليوود من أصول عرقية أخرى، هذه الفئة التي لا صوت لها ويعيش معظمها في أسفل الهرم الانتاجي، فبحسب تصريح للممثل جورج كلوني فإن السينمائيين السود أصبح لهم صوت وحصلوا على حقوقهم الأساسية وأكثر ، لكن المشكلة الفعلية هي عند بقية الأعراق والأجناس الذين لا يلتفت أحد إليهم.

ومؤخراً كثرت اعتراضات على مجموعة من الأفلام التي اتهمت هوليوود "بالتبييض"، وهو يعني مثلاً أن يكون هناك شخصيات مصرية وآسيوية في أفلام يلعب بطولتها ممثلين ببشرة بيضاء وشعر أشقر، مثل النبي موسى والنبي نوح والفراعنة. وظهر الأمر جلياً مع فيلم "آلهة مصر" الذي هاجمه النقاد والجمهور بشدة بسبب أبطاله الذين يصلحون لبطولة فيلم عن قياصرة روما لا مصر القديمة. لكن حجة هوليوود الدائمة في هذا الموضوع أن النجم هو الذي يرفع منسوب الإيرادات وليس لون بشرته. 
 

المقولة الشهيرة الرائجة في هوليوود هي أنه لا عنصرية في أفلام هوليوود وإنما هو المال. فإذاً لو كان للعنصرية جمهورها ونجومها وتدرّ الملايين لربما سلكت هوليوود هذا المسلك دون تردد، ولأنتجت نسخة جديدة من "الرائعون السبعة" أبطالها أشباه ترامب يقاتلون مكسيكيين وأفارقة ومسلمين.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.