شعار قسم مدونات

ماركانا.. وجع برازيلي

blog نيمار

بينما كان
نيمار داسيلفا يضع الكرة بإحكام عند نقطة الجزاء كانت أمة البرازيل بأكملها تكتم أنفاسها في لحظة فارقة في تاريخ بلد متيم بكرة القدم حد الجنون.

 

عند تلك النقطة كانت مباراة المنتخب الأولمبي البرازيلي أمام نظيره الألماني في نهائي أولمبياد ريو قد وصلت فعلا نقطة اللاعودة إما الحسم مع سوء طالع لازمهم في ثلاث مرات وحرمهم الذهب الأولمبي أو تكريس الإخفاق مرة أخرى.

 

أصبح المنتخب البرازيلي أيقونة كأس العالم إذ لم يفوت أي دورة للمونديال وحصد خمسة ألقاب.

خطى نيمار خطوات إلى الوراء ثم انطلق مسرعا فتوقف للحظة وتوقفت معه قلوب ملايين البرازيليين من عشاق السيلساو والصامبا ومن حولهم قلوب الكثير من عشاق المنتخب البرازيلي حول العالم، استجمع نيمار قواه وتركيزه وكانت خيارات التسديد أمامه متعددة لكنها تصب في احتمالين اثنين إما أن تدخل تلك الكرة الشباك وإما أن تجانبه. سدد نيمار بقوة وأسكن كرة قوية بحجم تطلعات وآمال أمة في شباك حارس منتخب ألمانيا الأوامبي في ملعب ماركانا بريو دي جانيرو.

 

وفازت البرازيل أخيرا بمداليتها الذهبية الأولى في تاريخها الأولمبي الذي امتد على مدى 16 مشاركة وصل فيها أبناء السيلساو الى ثلاث نهائيات دون تتويج رغم ترسانة النجوم على مدى تاريخهم الأولمبي.

 

الآن والآن فقط يحق لرفاق نيمار أن يفرحوا ويمرحوا فقد نجحوا فيما فشل فيه أساطين كرة القدم من أمثال روماريو وبيبيتو ورونالدو وغيرهم.

 

حين الحديث عن كرة القدم والبرازيل فبالتأكيد تتجسد لنا مقولة وجهي العملة الواحدة. فالبلد المتربع على مساحة جغرافية بملايين الكيلومترات المربعة كان له وما زال كثير من العشق للساحرة المستديرة. لذلك أصبح المنتخب البرازيلي أيقونة كأس العالم إذ لم يفوت أي دورة للمونديال وحصد خمسة ألقاب بدءا بالتتويج عام 1958 بسويسرا و1962 في تشيلي وصولا للقب عام 1970 بالمكسيك فمونديال أمريكا 1994 وانتهاء بكأس العالم التي أقيمت مناصفة بين كوريا الجنوبية واليابان عام 2002 دون أن ننسى عدد المرات التي وصل فيها الممنتخب للمباراة النهائية.

 

ومع ذلك يبقى نهائي كأس العالم الذي استضافته البرازيل عام 1950 ذكرى أليمة بكل وفيها تتلخص كل أصناف الوجع. بلغت حينها البرازيل النهائي وتجرعت هزيمة أسالت الكثير من المداد وما زالت تسهم في ذرف الكثير من دموع البرازيليين.

 

دخل المنتخب البرازيلي النهائي الشهير على أرضه وأمام جمهوره وتحديدا أمام نحو 200 ألف متفرج ضاقت بهم مدرجات ملعب ماركانا الذي تم افتتاحه قبل ذلك بسنتين. لم يكن خصم البرازيليين في ذلك النهائي سوى منتخب الأورغواي الفائز بأول كأس عالمية 1930. بدأت المباراة على ما تذكر سجلات التاريخ متكافئة فأفضلية لأصحاب الأرض.

 

سجل البرازيليون هدف السبق لكن الأوروغواي أدركت التعادل وفازت بهدفين لهدف في أمسية شكلت محطة فارقة في تاريخ بلاد السامبا وعرفت بحادثة ماركانزو. يومها أيضا كان ثمة فتى برازيلي يتابع المباراة وبكى بحرقة وأقسم أن يأتي بالكأس الغالية التي لم تكن البرازيل عند تلك النقطة فد فازت بها.

 

نجح نيمار في تسديد الكرة بنجاح؛ فتساقطت كل تلك العصافير طواعية في شبكة التميز البرازيلي لتستمر سفونيتهم محكمة الترانيم تطرب كل عاشق لكرة القدم.

لم يكن ذلك الفتى سوى بيلي الذي أوفى بوعده ونالت البرازيل لقبين متتالين بعد أن تخلصت من قميصها الأبيض الذي شكل وصمة الحزن في نهائي ماراكانا التاريخي واستبدلته بقمصان صفراء. بقي ذلك النهائي عقدة البرازيليين حتى استضافوا كأس العالم في العام 2014 في الذكرى المئوية تأسيس الاتحاد المحلي هناك عام. بدأت الأمور يومها تسير في صالح تصالح البرازليين مع ماركانا وبلغوا نصف نهائي المونديال.

 

لكن نحس ماركانا تواصل وهزم رجال السيلساو بسباعية أمام ألمانيا في مباراة نصف النهائي وخرجوا من الكأس العالمية بهزيمة نكراء وسوء طالع. الآن فقط يمكننا أن ندرك كل تلك الأحلام والهواجس والتطلعات التي ازدحمت في رأس نيمار وهو يهم بتسديد تلك الكرة عند نقطة الجزاء في ذلك المساء.

 

لقد كانت كل العصافير فوق الشبكة الألمانية تتراقص أمامه. هي فرصة سانحة لانتقام جزئي من ألمانيا وترميم كبرياء مجروح والتصالح مع ملعب شهير كماركانا والحسم مع سوء الحظ والفوز بذهبية أولمبية هي اللقب الوحيد الذي استعصى على السيلياو حتى تلك اللحظة. أما وقد نجح نيمار في تسديد الكرة بنجاح تساقطت كل تلك العصافير طواعية في شبكة التميز البرازيلي لتستمر سفونيتهم محكمة الترانيم تطرب كل عاشق لكرة القدم.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.