شعار قسم مدونات

إلى الهاوية سر..

blogs-arab1
استعد.. استرح.. إلى الهاوية سر..

 

هكذا حياتنا العرب اليوم : خطر بيئي، خطر إقتصادي، خطر صحي وخطر دموي.. وأنظمتنا تخون بالثلاث، تخون الماضي والحاضر والمستقبل. فهاهي تضحيات الأجداد في البحث عن حرية الاستقلال تذهب هباء منثورا، والآن يحيا الأباء والأبناء حياة ضنكا أمام فشل في تسيير شؤونهم ونهب خيراتهم وسفك دمهم -أراحوهم من الهم والمعاناة- وهاهي تعد للأحفاد الشقاء والخراب فالأراضي إما قاحلة وإما التهمتها الصحراء، وإما دمرتها البراميل المتفجرة.
 

الفقر الكافر ينتشر كانتشار النار في الهشيم. شعب محاصر من بني صهيون واخر محاصر من بني عمه وطائفتان يقتتلان في اخر، مئات الآلاف من المتعلمين مخيرون بين الانتحار أوالهجرة على قوارب الموت. ملايين المهاجرين رجالا ونساء، كبارا وصغارا، هربوا من الموت فرد:" أين المفر؟" أطفال تغرق كآلان وتنتشل كعمران وكثر كثر.
 

كل هذا والنخب بل أشباه في سبات عميق لا تسمع لهم ركزا. هل نسوا يا ترى أنهم أيضا من ركاب باخرة "التيتانيك" التي تغرق؟ أما أن عقولهم تأثرت بشرابهم؟ أفيقوا قبل فوات الأوان، فالليل يتزايد حلكة، والمعضلة تزيد استفحالا، والهوة تتوسع، كفوا عن الصراع بين شقكم العلماني وشقكم الاصولي، أسقطوا الجدار الذي رفعتموه فلم يحمي مواقعكم بل حمى قطيعتكم.
 

فتقهقرنا كعرب اليوم الى أدنى السلم في مجالات التعليم والصحة والحريات والعدالة والحقوق والإدارة هوحتما ليس مسئولية الشعوب فقط بل مهمة على عاتق النخب. ولكن أي نخبة؟ وكما بين ابن خلدون أن النخب المبدعة تبتعد عن الحكم وتصبح مهمشة ولا ترى لها اثرا والأشباه هاته النخب الطفيلية تقترب من الحكم وتعيث في الارض فسادا، فلا تنتفع الدولة من المبدعين ويضر بها من يسيرها من الطفيليين.
 

سيتواصل الألم العربي ما لم يتحمل كلٌ مسؤوليته، وما لم يرتفع صوت الوحدة من المحيط إلى الخليج، وتتوحد الجذور قبل الأغصان والفروع.

وهاهي قد أضاعت فرصة ذهبية، عندما تنفست الثورات العربية الأوكسجين ونشط الجسد وأصبح قادرا على التغيير فآثر البعض منها الصمت والبعض اصطف وراء الشيطان. ولا ننسى جماعة تغني وتشدوبالديمقراطية وبانقاذ البلاد منهم في تونس ومصر بالخصوص وفي العالم العربي عموما، لا تهرب من شيئ قدر الهروب من الانتخابات الحرة والنزيهة لانها ستكنسها كنسا فلا يطمئن قلبها لانتخابات دون مال فاسد وتزوير ويصل بها الذعر الى ترك الانتخابات واللجوء الى الانقلابات.ولن تسمح بوجود قضاء مستقل لان ادانتها محققة، وشعارها الأول المباشر الاصلاح شريطة ألا يصلح شيئا، والمصالحة مع الفساد والعميل،والثاني غير المباشر الى الهاوية سر..
 

وسيتواصل هذا الألم العربي مالم يتحمل كل مسؤوليته، ومالم يرتفع صوت الوحدة من المحيط الى الخليج وتتوحد الجذور قبل الأغصان والفروع. ونتعامل مع أنفسنا بضمير الفاعل لا المفعول به. ويبقى الأمل في ختامها قوله تعالى: فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا. وقول الشابي: لا بد لليل أن ينجلي.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.