لو تأملنا في الآيات التي تحدثت عن القرآن لوجدنا أنها تصف القرآن بعدة أوصاف قال تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) وقال عن القرآن أنه ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) فالقرآن إذاً هو ( هدى ) يهدي الناس ويرشدهم بل إن لفظ هدى إنما يستعمل غالبا في ما يتعلق بالفكر والمعرفة ، فكما أن القرآن هدى للناس في جانب السلوك والأخلاق فهو هدى للناس في جانب المعرفة والفكر كذلك ، فالمتأمل في القرآن يجد أنه يجيب على أسئلة الوجود ويبين لنا بعض الحقائق المعرفية وحتى التربوية والاجتماعية .
إذا تلقينا القرآن بهذه النظرة سيتغير تعاملنا مع القرآن فالمطلوب منا أن نبحث في القرآن عن إجابات لأسئلتنا سواء كانت وجودية أم فكرية أم دينية أو أخلاقية وسلوكية ، فالقرآن يمثل مصدرا من مصادر المعرفة ، والإنسان يتلقى معارفه من عدة مصادر مثل الحس والعقل ومن تلك المصادر الخبر ، بمعنى أن الإنسان يتعرف على بعض الحقائق عن طريق إخبار شخص آخر له ، فإننا نعلم أن هناك شاعرا اسمه المتنبي وقد عرفنا وجوده في عصور سابقة لأن غيرنا أخبرنا بذلك ولم ندرك وجوده بعقولنا ولا بحواسنا ، فالخبر إذا مصدرمن مصادر المعلومات ، وحقيقة الوحي – القرآن والسنة – أنه خبر ، نقله لنا نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم – ، فإذا أخبرنا الله تعالى عن حقيقة ما فإننا يجب علينا التصديق بها واعتبارها معرفة مستندة إلى مصدر موثوق بل هو أوثق المصادر ، فالله سبحانه يعلم كل شيء وكتابه أصدق الكتب وقد قال عن كلام نبينا ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) .
وبعد هذا الكلام يتبين لنا أن ديننا الحنيف قد قدم لنا رؤية معرفية متكاملة شملت الأجوبة على الأسئلة المهمة للأنسان والتى عادة ما يتم الحديث عنها في علم " الإبستملوجيا " أو نظرية المعرفة (theory of knowledge ( فمن المهم ملاحظة هذه النقطة عند دراستنا لموضوع المعرفة وما يتعلق بها .
الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.