شعار قسم مدونات

"TOK" والوحي الإلهي

blogs - islamic art
كان جالسا في المسجد يستمع إلى خطبة الجمعة وهو يزيل القذى من عينيه ولم يتبق من الخطبة إلا القليل ، لم يكن يحرص على الاستماع للخطبة فهي لم تكن تصل إلى مستواه المعرفي فقد كان استاذا جامعيا والخطيب ليس إلا مذياع يكرر كل أسبوع آيات من القرآن تتحدث عن الجنة والنار أو أحاديث عن أهمية الصلاة وأقوال عن الزهد في الدنيا ، كان صاحبنا ينظر إلى الدين على أنه عبارة عن “ دروشة “ نحتاج إليه كل فترة لنشبع الحاجة الروحية المغروسة فينا ، وهذه النظرة للأسف موجودة عند فئام من الناس ، اعتبروا أن الدين يختص بالجانب الروحي فقط ، هذه النظرة للدين تغيب عن الإنسان جوانب مهمة تحدث عنها الدين . 

لو تأملنا في الآيات التي تحدثت عن القرآن لوجدنا أنها تصف القرآن بعدة أوصاف قال تعالى ( ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين ) وقال عن القرآن أنه ( هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان ) فالقرآن إذاً هو ( هدى ) يهدي الناس ويرشدهم بل إن لفظ هدى إنما يستعمل غالبا في ما يتعلق بالفكر والمعرفة ، فكما أن القرآن هدى للناس في جانب السلوك والأخلاق فهو هدى للناس في جانب المعرفة والفكر كذلك ، فالمتأمل في القرآن يجد أنه يجيب على أسئلة الوجود ويبين لنا بعض الحقائق المعرفية وحتى التربوية والاجتماعية . 

إذا تلقينا القرآن بهذه النظرة سيتغير  تعاملنا مع القرآن فالمطلوب منا أن نبحث في القرآن عن إجابات لأسئلتنا سواء كانت وجودية أم فكرية أم دينية أو أخلاقية وسلوكية ، فالقرآن يمثل مصدرا من مصادر المعرفة ، والإنسان يتلقى معارفه من عدة مصادر مثل الحس والعقل ومن تلك المصادر الخبر ، بمعنى أن الإنسان يتعرف على بعض الحقائق عن طريق إخبار شخص آخر له ، فإننا نعلم أن هناك شاعرا اسمه المتنبي وقد عرفنا وجوده في عصور سابقة لأن غيرنا أخبرنا بذلك ولم ندرك وجوده بعقولنا ولا بحواسنا ، فالخبر إذا مصدرمن مصادر المعلومات ، وحقيقة الوحي – القرآن والسنة – أنه خبر  ، نقله لنا نبينا محمد ـ صلى الله عليه وسلم – ، فإذا أخبرنا الله تعالى عن حقيقة ما فإننا يجب علينا التصديق بها واعتبارها معرفة مستندة إلى مصدر موثوق بل هو أوثق المصادر ، فالله سبحانه يعلم كل شيء وكتابه أصدق الكتب وقد قال عن كلام نبينا ( وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحي يوحى ) .

وبعد هذا الكلام يتبين لنا أن ديننا الحنيف قد قدم لنا رؤية معرفية متكاملة شملت الأجوبة على الأسئلة المهمة للأنسان والتى عادة ما يتم الحديث عنها في علم " الإبستملوجيا " أو نظرية المعرفة (theory of knowledge ( فمن المهم ملاحظة هذه النقطة عند دراستنا لموضوع المعرفة وما يتعلق بها .

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.