شعار قسم مدونات

نقد لمنهج الحركات الإسلامية

blogs - isis

قال النبي صلى الله عليه وسلم : افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، قيل: من هي يا رسول الله؟ قال: من كان على مثل ما أنا عليه وأصحابي. وفي بعض الروايات: هي الجماعة. رواه أبوداود والترمذي وابن ماجه والحاكم.

استوقفني هذا الحديث بالذات طويلا فقلت في نفسي والله انه ليحتاج لمجلدات ومجلدات لشرحه وتفصيله وإسقاطه على عصرنا. لسنا متفقهين في الدين أوعلماء في الشريعة إنما أحببت أن أتشارك بما فهمته مع إخواني ولربما يكون صوابا أوخطأ لكن وجب التدبر والتفكر والتحليل وما ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام.
 

أولا الاختلاف وارد وموجود ولا بد منه فلكل بلد ولكل منطقة ظروفها سواء مناخية أواجتماعية أوثقافية أو… لهذا تعددت المذاهب والطرق على حسب المناطق كما أسلفنا الذكر، فأضحى الاختلاف واقعا لا مناص منه بالتأكيد لنفس الأصل لكن بالرجوع للحديث الشريف نجد كل فرقة وكل مذهب يسهب ويتفنن في الدفاع عن ما يعتقده هوالصواب وعن المذهب أوالطريقة التي ينتمي إليها أنها الفرقة التي عناها عليه الصلاة والسلام في حديثه الشريف.

ولاحظت أن الفهم الخاطئ لهذا الحديث قد أجج الصراع والخلاف بين جموع المسلمين حتى أوصل للتشدد والتعصب للرأي والمذهب والفرقة والطريقة، فتكونت الصراعات والخلافات والمشاحنات، الواقع أن المجتمع يتكون من عدة مذاهب وطرق فهذا واقع، لا يمكن لواحدة نفي الأخرى أوإقصاؤها، فالاختلاف سنة الله في خلقه، والمنطق يقول لا يمكن لأي أحد من عامة الناس أن يفهم القرآن أوالسنة لوحده فهذا يحتاج لعلماء ومفسرين ومن لهم دراية بعلم الشريعة فلكل رأيه واجتهاده فكان من المنطقي ظهور المذاهب والطرق تبعا لاختلاف الاجتهادات وطبعا الأصل واحد.
 

والإشكالية هنا كيف نوفق بين هذا الطرح وبين الحديث الشريف؟ أي كيف يكون الاختلاف واقعا والمذاهب والطرق واقعا لابد منه وفي الحديث أن هناك فرقة واحدة على حق؟
عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى ويعلم مما علمه الله ما ستؤول إليه الأمة في عصرنا، وما أحسب إلا أن مراده نبذ التفرق والتشتت المفضي للنزاع وليس نبذ الاختلاف والتعدد لأنه واقع ومنطق إنما أشار عليه الصلاة والسلام لضرورة أن تكون الأمة متحدة أي لونا واحدا يجمع كل الألوان وفسيفساء واحدة تتركب من عدة عناصر وإلا لكان أشار لهذه الفرقة بالاسم والوصف الكامل الذي لا لبس فيه ولكن قال عليه الصلاة والسلام من كان على مثل ما أنا عليه أوالجماعة في بعض الروايات ولم يزد على هذا فان كان المقصود فرقة بعينها فكيف نعرف أية فرقة فالكل يدعي أنه الأصح والمعني بالحديث. ولكن المقصود الوحدة وعدم الخروج عن الجماعة حتى وإن كان الاختلاف الذي لابد منه.
 

الاختلاف سنة الله في خلقه، ليس المهم إن كنت تعتقد ما أعتقد، أو تتبع ما أتبع، المهم أن نعمل أنا وأنت على تطور الوطن، ونهضة الأمة بكل أطيافها.

إذا إن بقينا في صراعاتنا وجدالاتنا الكل يحاول جذب الآخر وتفنيد مذهبه والخوض في مشايخه ووالله لن يزيده ذلك إلا تعنتا وإصرارا، فلأي تطور نصبوا ولأي نهضة نرتجي؟ علينا أن نفهم أن الاختلاف سنة الله في خلقه ليس المهم إن كنت تعتقد ما أعتقد أوتتبع ما أتبع المهم أن تعمل وأعمل على تطور الوطن ونهضة الأمة بكل أطيافها ما الفائدة إن أصبح الكل على مذهبك وفي الناس من لا منزل ولا مأكل له واقتصاد منهار وتخلف وأمية؟ إنما وجد رمي مثل هته الأفكار للوراء وبناء أمة متعددة الألوان لكن متحدة في الأهداف والتطلعات والمستقبل والمصير.
 

وربما يمكن تلخيص فشل الحركات الإسلامية في العصر الحديث في تحقيق أهدافها وفي الوصول إلى الحكم الراشد، في كونها بلورت فكرا ومنهجا يميزها وربما يضاربها بباقي أطياف المجتمع،هذا أمر عادي لكن في الإطار الفكري والتصوري لكن إن تحولت هته الحركات إلى ممارسة السياسة فإنها بشكل أوبآخر تتحيز وتحاول تطبيق منهجها التي تراه عين الصواب كما أسلفنا الذكر، وهذا ما يؤجج العداء ضدها وضد تجربتها في الحكم قبل أن تستقر وتكبر.
 

لذا وجب بلورة فكر لين يحقق تلك الانتقالية الحساسة من العمل الدعوي إلى العمل السياسي للملمة شمل المجتمع بكل أطيافه وألوانه فلا يمكن بأي شكل من الأشكال إقصاء طرف على حساب طرف آخر وإنما وجب الاحتواء والقيادة والتوجيه بنظرة مستشرفة للمستقبل وواقعية، فليس الأولى أن تحكم وفق مذهبك أومرجعيتك إنما الأولى أن تجد تلك الوصفة التي تكسب بها كل الأطراف وفي نفس الوقت لا تتعارض مع فكرك فالأمة بحاجة ماسة إلى هذا التوافق لأنه إن حصل فلا شك سوف تركز الجهود على التنمية والاقتصاد والتطور وترمي جميع الخلافات للوراء.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.