شعار قسم مدونات

متظاهرو مجسمات الجزيرة يفبركون مجازر حلب

blogs - Aleppo - BYE

إبداعات وفبركات نظام الأسد إعلامياً وسياسياً، منذ انطلاق الثورة السورية وحتى الآن، كانت ومازالت تحظى باهتمام واسع من قبل المتابعين، لما فيها من طرافة ومخيّلة "شطاطة"، إذ أضحى تزوير الحقائق وقلب المفاهيم بـ"بلاهة"، علامة تجارية مسجلة باسم الأسد.
 

فمن لا يتذكر الشهيد "حمزة الخطيب" ابن الـ١٥ عاماً الذي قتله النظام في بداية الثورة، وعاد إعلامه ليقول إنه كان ذاهباً ليغتصب النساء في درعا. سيتذكر حتماً السوريين الذي تظاهروا في حي الميدان الدمشقي في عام ٢٠١١، وكانوا حسب إعلام النظام يشكرون الله على نعمة المطر ذلك اليوم.
 

ومن لا يتذكر ما حدث في بلدة مضايا بريف دمشق من موت للأطفال نتيجة الجوع، وتحول عبر تصريحات مندوب نظام الأسد لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري لـ"فبركة إعلامية" من قبل بعض القنوات التلفزيونية حسب قوله، مؤكداً حينها أنه لا أزمة إنسانية في البلدة، وزاعماً أن الصور التي يتم بثها مفبركة.
 

أبرز فبركات النظام السوري "حبوب الجزيرة للهلوسة"، التي توزعها القناة القطرية على المتظاهرين السوريين مع ٥٠٠ ليرة ملفوفة "بسندويشة الفلافل"

فإن سيتذكر حتماً مجزرة الكيماوي في ٢١ آب ٢٠١٣ التي ارتكبها الأسد وراح ضحيتها أكثر من ١٥٠٠ سوري من ريف دمشق معظمهم من النساء والأطفال في لحظات، والتي تحولت حسب تصريحات مستشارة الأسد بثينة شعبان إلى مجزرة ارتكبها "الإرهابيون" بحق مدنيين أتي بهم من اللاذقية بطريق يصل إلى أكثر من ٤٠٠ كليو متر، ليقتلوهم في ريف دمشق.

ولكن أبرز تلك "الإبداعات والفبركات" كانت في بداية الثورة السورية، والتي أطلقها النظام على المظاهرات الحاشدة ضده والمطالبة بإسقاطه ورحيل الأسد عن السلطة، والتي كانت على عدة مراحل: أولها، أن هذه المظاهرات في دولة قطر، تقوم قناة الجزيرة بفبركتها، عبر مجسمات مماثلة للمدن السورية مبنية في صحراء هذه الدولة، يتم تصويرها على أنها في سوريا، ويقال إنها مظاهرات ضد النظام. وثانيها، حبوب الجزيرة للهلوسة، التي توزعها القناة القطرية على المتظاهرين السوريين مع ٥٠٠ ليرة سورية ملفوفة "بسندويشة الفلافل"، للخروج بمظاهرات ضد الأسد.
 

حيث تحولت قصة متظاهري المجسمات وحبوب الهلوسة إلى نكتة دارجة في الأوساط السورية "معارضة، وحتى موالية"، فهذه القصة "الخيالية" الخالية من أي منطق، أضحت مادة دسمة للتندر والسخرية من الأسد وإعلامه ونظامه بشكل متواصل، والذي "أي الأسد" حاول عبرها تبرير إجرامه وحربه ضد الشعب السوري، ولكنها كانت أشبه بـ"غربال" لا يحجب الحقيقة، وحولها أهل سوريا إلى دعابة مضحكة رغم معاناتهم وآلمهم الكبيرة.
 

اليوم وبعد ما يقارب الست سنوات على الثورة السورية، يأتي النظام "الروسي البوتيني" ليسير على نهج نظيره "الأسدي"، في خلق واختلاق القصص، والتزويرات والافتراءات، لتبرير إجرامه، فبعد عام من دخول "بوتين" الحرب على الشعب السوري، ومساندته لسفاح دمشق، وقتله لآلاف المدنيين، يشارك في لعبة الفبركة بطريقة فجّة، أثارت العديد من المتابعين للشأن السوري والمهتمين به.
 

مع انهيار الهدنة "الروسية الأمريكية" قبل فترة، بدأ الروس بالتعاون مع شريكهم "الأسدي" بشن حملة شرسة على مدينة حلب، الغارات المتواصلة للطيران أحرقت الجميع، وعبر سياسة الأرض المحروقة، قتل "الأسد وبوتين" في أسبوع أكثر من ٦٠٠ مدني في المدينة المنكوبة، أو المدينة الشهيدة كما أصبحت تسمى.
 

القائمين على النظاميين في دمشق وموسكو يحكمون بالدم والنار، بالاستبداد والفاشية التي اعتادوا عليها، يتشابهون في كل شيء، حتى في "الإبداعات" و"الفبركات" المثيرة للسخرية

ولكن النظام "البوتيني" آثر إلا أن يترك بصمته، عبر تصريحات مندوبه في الأمم المتحدة، والتي قال فيها بأن الصور التي تأتي من حلب مفبركة، وأن كل ما تروه هو لعبة إعلامية، لتشويه صورة روسيا، وواصل المندوب بأن روسيا لا تستهدف المدنيين، ولا تقتلهم، ويأتي ذلك بالتزامن مع التقارير الأممية التي تؤكد مسؤولية روسيا عن حرب الإبادة في حلب، وعن قصف قافلة المساعدات التابعة للهلال الأحمر.
 

بين متظاهري مجسمات الجزيرة القطرية وحبوب الهلوسة من جهة، ومفبركي صور حلب من جهة أخرى، يبدو أن النظامان في "دمشق وموسكو" يعيشان في عالم موازي ولهما نفس المرجعية، يمكلنا نفس "المخيلة" الخصبة الإجرامية، ويعتقدان بأن العالم أجمع بنفس غبائهما، فيختلقان القصص، ويزوران المفاهيم، ويشوهان الحقائق، ظناً منهما أن العالم سيصدق، أو أن هذه الافتراءات لتغطية الإجرام المستمر ستبرئهما من تهمة الجرائم ضد الإنسانية التي تتراكم في لاهاي.
 

إن القائمين على هذين النظامين، يحكمون بالدم والنار، بالشمولية والاستبداد والفاشية التي اعتادوا عليها، يتشابهون في كل شيء، حتى في "الإبداعات" و"الفبركات" المثيرة للسخرية والتندر، فالعلامة المسجلة باسم "الأسد"، أصبحت مسجلة أيضاً مسجلة باسم "بوتين"، وعلى المجتمع الدولي والدول الكبرى إيقافهما، فالـ٥٠٠ ألف شهيد، و١٢ مليون نازح ولاجئ، وعشرات آلاف المعتقلين والمغيبين قسرياً، لا يمكن أن تكون تضحياتهم هباءً.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.