شعار قسم مدونات

كن غبياً.. لتصنع عدواً

blogs - turkyyyyy
لم يعكر صفو العلاقة التركية الأمريكية شيئاً والتي كانت في أوجها سوى ماقامت بهِ هذه الُأخيرة من رعونة التخطيط والدعم الخفي للأنقلاب والذي بات واضح للعيان من أنها لعبت فيه دوراً محورياً وقادت معها بعض الدول الغربية المتربصة ، سبقتها بعض الدلالات والتي لم تكن على البال كالأستقبال المتواضع لأردوغان وعدم أعطائه فرصة لألقاء كلمته في حفل تأبين محمد علي كلاي.

ومن الملفت للنظر أن السياسية الأمريكية في السابق كانت تعتمد إلى حد بعيد عند قرب رحيل روؤساها على الأعتذارات ومداواة الجراحات كما فعل كلنتون عند ذهابه في نهاية حكمة إلى فيتنام وزيارة بوش لليابان وزيارات اوباما الأخيرة لكوبا ولا تعتمد على الأنقلابات للدول الأكثر تحالفاً معها.

نظراً لأن مثل هذه الأنقلابات ودعمها يحتاج إلى ثبات ومتابعة وأعادة ترتيب في تلك الدول من قبل المطبخ السياسي الأمريكي وهذه الحالة نشاهدها بوضوح في الحالة المصرية وأنقلاب السيسي وقبلها الحالة الفلسطينية والتي نجحت إلى منتصفها وسبقت الأثنين الحالة الجزائرية في مطلع التسعينات من القرن المنصرم .

إن الميكافيلية الأمريكية ذهبت بعيداً عندما لم تجعل لأي أعتبار في العرى الوثيقة التي كانت تربطها بتركيا

إن عنصر المفاجئة في حالة الانقلاب في تركيا لم يكن بأي حال من الأحوال في صالح الدول الراعية له، والتي كانت من المفترض أن تكون على الأقل حليفة معها عبر الناتو بأن تظهر في هذا المظهر لأن تداعيات عدم الثقة في هذا المجال حل في قلوب الدول الأقل صداقة معها ناهيك عن أن التوقيت الحرج والملف السوري الشائك كان أكبر من تلك المغامرة الخاسرة .

وهنا شاهدنا الزاجل التركي خارجياً قد طار إلى موسكو وأذاب قبل حلول الشتاء القادم كل الجليد المتراكم، وخلق أرضية دافئة للتعاون المستقبلي وعلى صعيد الداخل التركي تم تطهير المؤسسات وأهمها العسكرية من القادة والمستشارين الذين كانوا يكبلون القيادة التركية من التحركات والقرارات التي ينبغي أتخاذها على الجبهة الجنوبية للبلاد، ولذلك شاهدنا في الفترة الأخيرة وما بعد الانقلاب تغييراً واضحاً على الأرض من خلال مرونة وعمق وأريحية تحركات الجيش التركي على مختلف الجبهات هناك.

إن الميكافيلية الأمريكية ذهبت بعيداً عندما لم تجعل لأي أعتبار في العرى الوثيقة التي كانت تربطها بتركيا واللوم يقع هنا على الطاقم الاستشاري الذي لم يحسن لا التوقيت ولا الهدف .

وبرغم محاولة البيت الأبيض أن يرمم الصدع قبل فوات الأوان من خلال لقاء أوباما بأردوغان على هامش قمة العشرين الأخيرة، إلا أن الأخير أخذ زمام المبادرة ووضع شروطاً قاسية كان أهمها تسليم غولن المطلوب الأول تركياً ، ولغة الجسد عند أردوغان تشير عند ذلك اللقاء إلى أقصى درجات اللوم والنفور ناهيك عن لسان حاله الذي يقول لولا يقظة شعبي لكان أوباما في هذا الوقت يزور الانقلابيين في أنقرة مهنئاً لهم على نجاح انقلابهم. ورط بغبائه إدراتها لصنع عدو كان قبل أشهر قلائل أقرب صديق لها والأمين على مصالحها.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.